في أغسطس 1248م، أبحر لويس التاسع، ملك فرنسا، بأسطول ضخم من 1800 سفينة تضم نحو 80 ألف مقاتل لغزو مصر، وصلت الأخبار إلى السلطان الصالح أيوب، فجهز جيشه ووجهه إلى دمياط، متوقعا أن تكون هي نقطة إنزال القوات الغازية.
وعندما نزل الصليبيون قرب المدينة، اندلع قتال شرس، لكن حدثت خيانة أو خطأ فادح حين انسحب القائد فخر الدين دون قتال، إثر سماعه إشاعة عن وفاة السلطان.
سقطت دمياط بلا مقاومة، واحتلها الصليبيون، وحوّلوا جامعها إلى كاتدرائية، فكانت صدمة مدوية للسلطان الذي ما لبث أن تُوفي في نوفمبر 1249م.
فدخلت مصر في فراغ بالسلطة، وهنا ظهرت شجرة الدر، زوجة السلطان، كزعيمة استثنائية؛ أخفت خبر الوفاة، وأدارت الدولة مؤقتا، وطلبت من ابن السلطان “توران شاه” الحضور من حصن كيفا لاستلام العرش.
بالتزامن، تقدم الصليبيون نحو المنصورة بعد مقتل فخر الدين في هجوم مباغت، لكن المماليك بقيادة فارس الدين أقطاي والظاهر بيبرس نصبوا كمينا ذكيا داخل المدينة، دخل الصليبيون المدينة فظنوها خالية، ولكن فجأة خرجت عليهم القوات المملوكية ومعها الأهالي، فاندلعت معركة شرسة كبدت الصليبيين خسائر فادحة.
في فبراير 1250م، وصل توران شاه، وشارك في الهجوم المضاد الذي أسفر عن سحق القوات الصليبية، وأُسِر لويس التاسع مع قادته. ولم يفرج عنه إلا بعد أن دفع 400 ألف دينار كفدية، وتعهد بعدم العودة لمصر، وتسليم دمياط للمسلمين.
بهذا الانتصار المذهل، نجت مصر من الوقوع في قبضة الغزاة، وكان ذلك بفضل وحدة الشعب، وحكمة شجرة الدر، وبأس المماليك الذين برزوا للمرة الأولى كقوة حاسمة في الدفاع عن الإسلام، لتبدأ منذ ذلك الحين صفحة جديدة في تاريخ مصر والمنطقة.
المصادر:
1.كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة، لـ لسان الدين بن الخطيب.
2.تاريخ ابن خلدون، لـ عبد الرحمٰن بن خلدون.
3.كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس، لـ المقري التلمساني.
4.كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، لـ أحمد بن خالد الناصري.
5.دولة الإسلام في الأندلس، لـ محمد عبد الله عنان.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *