بعد وفاة السلطان الموحدي الناصر، خلفه سلاطين ضعاف لم ينجحوا في السيطرة على الأوضاع المتدهورة في المغرب والأندلس، أبرزهم أبو العلاء إدريس الملقب بـ “المأمون”، والي قرطبة، الذي تحالف مع القشتاليين ضد ابن أخيه يحيى المعتصم بالله.
مقابل الدعم العسكري، قدم المأمون تنازلات خطيرة لملك قشتالة فرناندو الثالث، أهمها التنازل عن عشر حصون أندلسية، والسماح ببناء كنيسة للمسيحيين في مراكش، بل ورفض إسلام أي جندي من جنودهم.
أثار هذا التحالف المشين غضب المغاربة والأندلسيين، فاشتعلت الثورات ضده، وفي خضم الفوضى، ظهر محمد بن هود في مرسية عام 1227م، وأعلن ثورته على الموحدين، فاستولت قواته على عدة مدن كقرطبة وغرناطة، وخرجت الأندلس بالكامل من سيطرة الموحدين.
ومع ذلك، لم يتمكن ابن هود من الحفاظ على مكتسباته، فبدأت المدن الأندلسية تسقط واحدة تلو الأخرى بيد القشتاليين، في ظل انقسام داخلي وثورات محلية كتمرد ابن مردنيش في بلنسية وابن الأحمر في غرناطة.
في عام 1236م، سقطت قرطبة بعد أن تخلى عنها ابن هود، الذي توجه نحو بلنسية لدعم خصمه ابن مردنيش، وتوفي في العام التالي دون أن يحقق شيئًا.
ومع غياب القيادة الموحدة، استولى الأراغونيون على بلنسية (1238م) ثم شاطبة، وسقطت مرسية بيد القشتاليين عام 1243م.
أما غرناطة، آخر المعاقل الأندلسية، فاضطر أميرها محمد بن الأحمر عام 1244م لتقديم الولاء للقشتاليين، بل ساعدهم في حصار إشبيلية التي سقطت عام 1248م، مقابل الحفاظ على مملكته الصغيرة.
أدت هذه الأحداث الكارثية إلى انهيار المجتمع الأندلسي، فهاجر الآلاف من العلماء والحرفيين إلى المغرب وتونس، بينما بقي الفقراء، الذين سُمّوا لاحقًا بـ “المدجنين”، تحت حكم المسيحيين، يُعانون الاستعباد ويكافحون للحفاظ على دينهم وهويتهم.
ومع مرور الوقت، تراجعت لغتهم العربية، وبدؤوا يكتبون بلغات الغزاة كالقشتالية والكتلانية، في مشهد يعكس مأساة النهاية الحزينة لحضارة الأندلس الإسلامية
المصادر:
كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة، لـ لسان الدين بن الخطيب.
تاريخ ابن خلدون، لـ عبد الرحمٰن بن خلدون.
كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس، لـ المقري التلمساني.
كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، لـ أحمد بن خالد الناصري.
دولة الإسلام في الأندلس، لـ محمد عبد الله عنان.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *