الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان هو تاسع خلفاء الدولة الأموية. تولى الخلافة بعد وفاة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك. سار يزيد في بداية خلافته على نهج عمر، لكن لم يدم ذلك أكثر من 40 يومًا. ففي بداية الأمر قرب إليه العلماء، ثم ابتعدوا جميعًا عن مجلسه بسبب عودته إلى طريقة أسلافه في الحكم. وقد اشتهر بحبه للجواري والملذات، لكن الروايات التي تناقلت ذلك فيها الكثير من المبالغة والتشويه والتناقضات، حسب ما قاله بن تغري بردي.

 

نسبه

اسمه: يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية.

أبوه: الخليفة عبد الملك بن مروان.

جده: الخليفة مروان بن الحكم.

أمه: عاتكة، وهي ابنة الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية.

كنيته: أبو خالد.

لقبه: يزيد الثاني.

زوجاته: سعدة بنت عبد الله بن عمرو، وأم الحجاج بنت محمد.

أبناؤه: الوليد: يحي: سليمان، داود، درج، عبد الجبار، عبد الله، أبو سفيان، هاشم، العوام، درج الثاني، عاتكة.

إخوته: الخليفة الوليد بن عبد الملك، الخليفة سليمان بن عبد الملك، الخليفة هشام بن عبد الملك، مسلمة بن عبد الملك، أبو بكر، محمد، سعيد، فاطمة، ومروان.

 

نشأته

كان يزيد بن بد الملك في شبابه محبوبًا في قريش، تلقى تعليمه على يد العلماء وأهل الدين مثل الزهري، وعامر بن شراحيل، والضحاك بن مزاحم. وكان عبد الملك بن مروان قد اختار هؤلاء العلماء وغيرهم لتربية أبنائه، فتربى يزيد على يد الزهري وغيره. وكان قبل خلافته يكثر من مجالسة العلماء ويحضر حلقاتهم ويتأدب بأدبهم، ويسمع كلامهم. وقد بلغ درجة رفيعة من العلم وحفظ الحديث، جعلت البعض يعده من بين المحدثين.

 

خلافة يزيد بن عبد الملك

تولى يزيد الخلافة سنة 101 من الهجرة بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، وكان ولي العهد من بعده بأمر من أخيه سليمان بن عبد الملك. وعلى الرغم أنه بدأ حكمه على نهج عمر بن عبد العزيز، لكن لم يستمر ذلك أكثر من 40 يومًا.

يقول ابن كثير: “فلما ولي يزيد عزم على أن يتأسى بعمر بن عبد العزيز، فما تركه قرناء السوء، وحسَّنُوا له الظلم”. وقال عنه الذهبي: وكان لا يصلح للإمامة، مصروف الهمة إلى اللهو والغواني.

كان يزيد حاكمًا عاديًا، لم تكن درايته السياسية والإدارية كافية لحكم الدولة الأموية مثل أسلافه. كما أن توليته الخلافة بعد عمر بن العزيز جعلت الناس يضعونه في مقارنة لم تكن لصالحه.

وبسبب سياسته التي تشبه أسلافه من الملوك والتي اختلفت عن نهج عمر بن عبد العزيز، ابتعد عنه العلماء. وكان رجاء بن حيوة ممن ابتعدوا عنه، ولما قال له قائل لما اعتزل يزيد: إنك كنت تأتي السلطان فتركتهم! قال: إن أولئك الذين تريد قد ذهبوا”.

 

الثورات التي حدثت في عهد يزيد بن عبد الملك

تعرضت الدولة الأموية لعدد من الثورات في عهد يزيد بن عبد الملك كادت تعصف بها.

ثورة يزيد بن المهلب

خرج يزيد بن المهلب على يزيد بن عبد الملك واستولى على البصرة. فخرج مسلمة بن عبد الملك بجيش كبير والتقى بجيش ابن المهلب بالعقر من أرض بابل. استمرت المعركة 8 أيام، وانتهت بمقتل ابن المهلب وعدد من إخوته وجموع كبيرة من جيشه. وقد تم ملاحقة أهل بيته، فقتلوا جميعًا، وكان ذلك سنة 102 من الهجرة.

حركات الخوارج

حركة شوذب الخارجي: أول ما تولى يزيد بن عبد الملك الخلافة ثار عليه شوذب الخارجي. وقضى عليه مسلمة سنة 101 من الهجرة، خلال سيره للقضاء على ابن المهلب.

حركة مسعود العبدي في البحرين واليمامة: وقضى عليها أمير اليمامة سفيان بن عمرو العقيلي.

ثورة مصعب الوالبي: خرج على يزيد بالكوفة، فقضى عليه عاملها ابن هبيرة.

حركة عقفان الحروري: وقد خرج على يزيد بدمشق، وكان معه 80 رجلًا من الخوارج. كان يزيد يريد القضاء عليهم جميعًا مثل غيرهم، لكن نصحه البعض بوسيلة أخرى، فوافق. وكان يقتضي ذلك أن يرسل إلى كل رجلٍ من أصحاب عقفان رجلًا من أهله يقنعه بالعودة والتخلي عن أمره حتى لا يتعرض أهله للأذى. نجحت هذه الطريقة ولم يبقى سوى زعيمهم عقفان، فأمنه يزيد أيضًا وترك أمر الخوارج، حتى أنه خدم الدولة في عهد هشام بن عبد الملك.

حركة شريم اليهودي: وكان يهودي سوري، أعلن أنه المسيح المنتظر ومنقذ اليهود، وجهز حملة لانتزاع فلسطين من يد المسلمين. ثم شاع أمره فجاءه اليهود من بابل وإسبانيا. لكن أسره يزيد وقتله.

 

حبه للجواري

ذكرت بعض كتب التاريخ أن يزيد كان لاهثًا وراء الجواري، وقد أحب جارية لما ماتت رفض أن يدفنها. وظل جالسًا بجانبها حتى جيفت، ولما دفنوها نبش قبرها وأخرجها. ومن الواضح أن هذه القصة فيها من المبالغة الكثير. يقول ابن تغري بردي أنها من دسائس العباسيين الذين كانوا ينقمون على الأمويين.

والحقيقة أن يزيد كان يحب جاريتان قد اشتراهما بعد خلافته، كانتا ظريفتان يحسنان الغناء. وقد أحبهما كثيرًا، وبالأخص حبابة التي فتنته بصوتها الجميل، فحظيت عنده. فلما ماتت حبابة حزن عليها حزنًا شديدًا، ثم مات بعدها بأيام، وهذا جعل بعض المؤرخين يقولون أنه مات من عشقها. لكنه مات بالطاعون أو السل وهي أوبئة كانت تنتشر في بلاد الشام.

 

موقف يزيد بن عبد الملك مع فاطمة بنت الحسين

كان عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس أمير الحرمين، يبغضه الناس ويذمه الشعراء. وقد خطب فاطمة بنت الحسين لكنها رفضته. وظل يلح عليها، فلما امتنعت توعدها، فشكته فاطمة ليزيد بن عبد الملك. أرسل يزيد نائب الطائف وكان اسمه عبد الواحد بن عبد الله النضري ليتولى المدينة. ثم أمره أن يضرب عنق بن الضحاك حتى يسمح صوت صراخه وهو يجلس في قصره بدمشق، وأن يأخذ منه 40 ألف دينار.

لما علم ابن الضحاك بما سيحدث له هرب إلى دمشق واستجار بمسلمة بن عبد الملك. فلما دخل مسلمة على أخيه قال له: إن لي حاجة، فقال يزيد: كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك. فقال: هو والله حاجتي. فقال يزيد: والله لا أقبلها ولا أعفو عنه.

عاد ابن الضحاك إلى المدينة، فتسلمه واليها عبد الواحد، فضرب عنقه وأخذ ماله.

 

 

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

الزركلي: الأعلام.

ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة.

قصة الإسلام. خلافة يزيد بن عبد الملك.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات