وصف الصورة

رسالة هارون الرشيد إلى نقفور

تبادل الحكام والأمراء المسلمون على مر التاريخ الإسلامي مع أعدائهم أو أصدقائهم من الملوك الأجانب رسائل كثيرة، منها رسائل اشتهرت وذاع صيتها حتى صارت مثلا يضرب في العزة والتاريخ المشرق، ومنها رسالة الامبراطور البيزنطي نقفور الأول إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد، فما قصتها؟

عام 802 تآمر نبلاء بيزنطة على الامبراطورة إيريني وخلعوها، ونصبوا  مكانها نقفور الاول ليكن إمبراطوراً للإمبراطورية، وكان أول عمل قام به نقفور الاول، هو إرسال رسالة إلى الخليفة هارون الرشيد يبلغه فيها عن توقفه عن دفع الجزية التي كانت تدفعها الامبراطورة السابقة.

وكان فحوى الرسالة: (من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الملكة إيريني، أقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالنا.. لكنَّ ذلك ضعفُ النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فأردد هذه الاموال.. وإلاَّ فالسيف بيننا وبينك).

فلما قرأ هارون الرشيد رسالة نقفور، غضب غضبا شديداً، وكتب على ظهر الرسالة: (بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام).

لم يتأخر هارون الرشيد في تنفيذ وعيده، فقد خرج بنفسه إلى بجيش جرار إلى بلاد الروم عام 187 هـ/ 803م، حتى وصل مدينة هرقلة الاستراتيجية قرب مدينة قونية التركية، فحاصرها حتى كادت تسقط، ولما رأى نقفور عظم الجيش العباسية، سارع لاسترضاء هارون الرشيد، وعقد معه اتفاقية تنص على دفع الجزية كما كانت تفعل الامبراطورة السابقة، وهنا رفع الرشيد الحصار، وعاد بجيشه إلى عاصمته بغداد.

لكن نقفور لما وجد أن الخليفة مشغول ببعض الاضطرابات الداخلية، عاد ورفض دفع الجزية، بل تجرأ وشن العديد من الغارات على الأراضي الخلافة العباسية.

وهنا قرر هارون الرشيد تأديب هذا الامبراطور المتغطرس، وأعد جيشاً جراراً بلغ ما يزيد عن 135 ألف، وشن هجوم مباشراً على الأراضي البيزنطية فاحتل حصن هرقلة الشهير وغيرها الكثير من التحصينات والقلاع.

وهزم نقفور شر هزيمة في معركة كراسوس، وقتل من جيشه 40 ألف، عندها سارع نقفور إلى الصلح، فوافق هارون الرشيد لكن بشروط قاسية وهي الالتزام بدفع الجزية ولكن مضاعفة.

عندما كنا عظماء كانت الأمم تحسب لنا ألف حساب، أما اليوم فحدث ولا حرج.

المصدر والمراجع:

البداية والنهاية، لـ ابن كثير.

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سلاسل الصور