كان الصحابي الجليل أبو جندل بن سهيل بن عمرو، من الصحابة الذين أسلموا في مكة. وقد تعرض للتعذيب والحبس على يد أبيه سهيل بن عمرو، الذي كان من كبار قريش وزعمائها الذين يصدون الناس عن الإسلام.

 

نسبه

اسمه: أبو جندل العاص بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي.

أمه:  فاختة بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي النوفلية القرشية.

إخوته: عبد الله بن سهيل، عتبة بن سهيل، سهلة بنت سهيل، هند بنت سهيل.

 

قصة إسلام أبو جندل

أسلم أبو جندل في مكة، فلما علم أبوه بأمره حبسه. وفي ذاك الوقت كان النبي ومعه 1400 مسلم قدموا من المدينة إلى مكة للطواف بالبيت الحرام، فمنعته قريش. ثم أرسلت إليه سهيل بن عمر يتفاوض معه على الصلح، والذي عرف بصلح الحديبية. وبعدما تم الصلح وصل أبو جندل إلى النبي وأصحابه يستغيث بهم، فرآه أبوه فضربه وقال للنبي لقد اتفقنا. وكان ضمن شروط صلح الحديبية أن يرد النبي إلى قريش أي شخص يلجأ إليه منهم.

اضطر النبي أمام الاتفاق أن يرد أبا جندل مع أبيه، فصاح وقال “يا معشر المسلمين، أرد إلى قريش يفتنوني في ديني!”. فقال النبي له “أبا جندل، اصبر واحتسب؛ فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا. وإنا صالحنا القوم وإنا لا نغدر”.

لكن أبا جندل استطاع الهرب مرة ثانية، وهذه المرة لم يذهب إلى رسول الله بسبب الصلح. وانضم إلى أبي بصير برفقة جماعة من المستضعفين وتجمعوا على ساحل البحر. ولحق بهم رجال من أسلم وجهينة وغفار حتى وصل عددهم إلى 300 رجل. فكانوا يقطعون الطريق على عير قريش ويقتلون رجالها ويستولون على ما فيها. وظلوا على هذا الوضع حتى كتبت قريش إلى الرسول تطلب منه أن يأخذهم عنده، ولا حاجة لهم به. فكتب رسول الله إليهم، وبينما كان أبو بصير يقرأ رسالة رسول الله مات، فدفنه أبو جندل وتوجه إلى النبي في المدينة.

 

وفاة أبي جندل

كان سهيل بن عمرو يخرج بأهله في الفتوحات الإسلامية، فكان أميرًا على إحدى فرق الجيش في معركة اليرموك. وكان أبو جندل معه وظل بالشام حتى توفي في طاعون سنة 18 من الهجرة.

 

نبذة عن أبيه سهيل بن عمرو

كان سهيل بن عمرو من أشد أعداء قريس لرسول الله، وكان يحمس المشركين على قتال المسلمين في بدر. فلما وقع في الأسر، أراد عمر بن الخطاب أن ينزع ثنيته حتى يمنعه من الخطابة، لكن رسول الله رفض ذلك وقال “لعله يقوم مقامًا لا تكرهه”. وبالفعل بعد وفاة النبي ارتد عدد من الناس في مكة عن الإسلام، فوقف سهيل بن عمرو وخطب فيهم خطبة ثبتهم على الدين وأعاد أهل مكة إلى الصواب.

كان سهيل هو الذي تفاوض مع النبي في صلح الحديبية ومنعه من دخول مكة. ولما دخل المسلمون مكة سنة 8 من الهجرة، هرب كبار قريش إلى خارجها، وبعضهم دخل بيته وأغلق على نفسه. يقول سهيل “فانقحمت في بيتي، وأغلقت عليَّ بابي”، وكان يتذكر ما فعله مع رسول الله. وكان ابنه عبد الله واحدًا من جنود الجيش الإسلامي الذي فتح مكة، فأرسل إليه كي يطلب له الأمان من رسول الله. ذهب عبد الله بن سهيل إلى النبي وقال: يا رسول الله تؤَّمنه؟، فقال النبي ” نعم هو آمن بأمان الله فليظهر”.

وبعد أن أعطاه النبي الأمان طلب من أصحابه ألا ينظروا إليه نظرة شماته، وقال “فَلَعَمْرِي إِنَّ سُهَيْلاً لَهُ عَقْلٌ وشَرَفٌ، وَمَا مِثْلُ سُهَيْلٍ جَهِلَ الإِسْلاَمَ، لَقَدْ رَأَى مَا كَانَ يُوضَعُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنَافِعٍ”. وصفه النبي بالتعظيم والتكريم، رغم ما فعله به قبل ذلك، وهذا من سماحة الإسلام وأخلاق رسول الله الكريمة.

وقف سهيل بن عمرو بين يدي الرسول وأسلم، وكان بعد هذا اليوم أكثر المسلمين صلاة وصيامًا وصدقة وجهادًا في سبيل الله.

 

 

 

المصادر:

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات