الصحابي الجليل المقداد بن الأسود أو المقداد بن عمرو أحد السابقين إلى الإسلام. وكان رجلًا شجاعًا فقال عنه عمرو بن العاص “يقوم مقام ألف رجل”. وكان رضي الله عنه من الصحابة الكرام الفضلاء النجباء ومن الرماة المذكورين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عالي الهمة، رفيع الخلق، طيب. كما كان أول فارس في الإسلام، وأول من يجيب الدعوة إلى الجهاد حتى آخر حياته.

 

نسب المقداد بن الأسود

اسمه: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعيد بن دهير بن لؤي بن ثعلبة بن مالك، من قضاعة.

وقيل اسمه: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة، وأنه من بهراء أحد بطون قبيلة قضاعة.

وقيل كان حضرميّ من قبيلة كندة. وهناك من قال بأنه كان عبدًا أسود اللون.

لكن الثابت أن المقداد كان حليفًا لبني زهرة في مكة، وأن الأسود بن عبد يغوث بن زهرة بن كلاب تبناه، فكان يقال له “المقداد بن الأسود”. وعندما تم إبطال التبني ونزل قول الله ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، أصبح ينادى باسمه “المقداد بن عمرو.

كنيته: أبو الأسود، أو عمرو، أو أبو سعيد.

زوجته: ضباعة بنت الزبير بنت عبد المطلب.

أبناؤه: عبد الله بن المقداد، كريمة بنت المقداد.

 

إسلام المقداد بن الأسود

قيل أن المقداد بن عمرو قتل شخصًا في كندة فهرب إلى مكة وحالف الأسود. وقيل أنه قتل شخصًا في بهراء، ثم هرب إلى كندة فقتل فيها شخصًا، ثم هرب إلى مكة وحالف الأسود. وقيل أن أباه عمرو بن ثعلبة قتل رجلًا في قومه فهرب إلى حضرموت وحالف كندة وتزوج امرأة أنجبت له المقداد.

تزوج المقداد ابنة عم رسول الله ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وأسلم مبكرًا في مكة، وكان من أول الصحابة الذين أظهروا إسلامهم. قال بن مسعود رضي الله عنه “كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد”.

وقيل أنه كان يكتم إسلامه عن سيده الأسود بن عبد غوث مثله مثل كل المستضعفين من المسلمين أمثال بلال بن رباح وعمار بن ياسر وأمه سمية وأبيه.

وكان المقداد شديد الحب للإسلام، ينفذ مبادئ الشريعة بكل حزم، وأكثر ما كان يحبه في الإسلام العزة وحفظ الكرامة. فقد ورد أنه خرج في سرية يومًا، فنفذ أمير السرية عقوبة على أحد الجنود لا يستحقها، ولما رأى الجندي يبكي، واجه الأمير وبين له خطأه وفرض عليه القصاص، لكن الجندي عفى عنه. وكان رضي الله عنه يقول “لأموتنَّ والإسلام عزيز”.

 

هجرته وجهاده

هاجر المقداد بن الأسود إلى الحبشة هربًا من بطش قريش. وعندما هاجر رسول الله إلى المدينة المنورة لم يستطع الهجرة حتى بعث النبي سرية عبيدة بن الحارث. التقت السرية بجمع من قريش فيهم المقداد وعتبة بن غزوان، بقيادة عكرمة بن أبي جهل. التقى الجمعان ولم يتقاتلا، فالتحق المقداد وعتبة بالمسلمين، وآخى النبي بينه وبين عبد الله بن رواحة، وقيل بينه وبين جبار بن صخر.

شارك المقداد بن عمرو رضي الله عنه، في غزوة بدر. وكان يركب على فرس له تدعى “سبحة”، فكان أول من عدا به فرسه في سبيل الله. ثم شارك في كل الغزوات والمشاهد مع رسول الله حتى وفاته. وبعد وفاة النبي التحق بفتوحات الشام ومصر، وكان رضي الله عنه من الرماة المهرة.

وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم، ولى المقداد بن الأسود على إمارة. ولما رجع سأله: “كيف وجدت الإمارة؟”، فأجاب: لقد جَعَلتني أنظر إلى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعًا دوني. والذي بعثك بالحق، لا أتأمرن على اثنين بعد اليوم أبدًا”.

 

صفاته ومكانته

كان المقداد بن عمرو رضي الله عنه، طويلًا، عظيم البطن، أدمًا، واسع العينين، كثيف شعر الرأس، مهيبًا، مقرون الحاجبين، ويصفر لحيته.

وكان عظيم المنزلة عند رسول الله، فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال “عليكم بحب أربعة علي وأبي ذر وسلمان والمقداد”.

وعندما أراد المقداد خطبة بنت أحد رجال قريش، أبى الرجل ذلك، فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب.

وله رضي الله عنه حديث متفق عليه في البخاري ومسلم، وانفرد مسلم بأربعة أحاديث.

 

وفاة المقداد بن الأسود

توفي المقداد رضي الله عنه سنة 33 من الهجرة في الجرف ثم نُقِل إلى المدينة المنورة. صلى عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان ودفنه بالبقيع، وهو ابن 70 عامًا. واختلفت الروايات حول سبب وفاته، فقيل أنه فتق بطنه فخرج منه الشحم، وقيل شرب دهن الخروع. وقيل أنه كان عظيم البطن فقال غلام له “أشقّ بطنك فأخرج من شحمه حتى تلطف”، فشق بطنه، ثم خاطه فمات المقداد وهرب الغلام.

 

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.

العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن حزم الأندلسي: جمهرة أنساب العرب.

إسلام ويب: المقداد بن عمرو.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

 

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات