الصحابي الجليل سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي وسيد الشهداء. إنه أسد الله الذي عُرِف بشجاعته وقوته في الإسلام والجاهلية. كان سندًا وداعمًا كبيرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. حزن النبي والصحابة لاستشهاده في غزوة أحد حزنًا شديدًا.
نسب حمزة بن عبد المطلب
اسمه: حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. وهو عم الرسول وأخوه في الرضاعة، ونسبه نفسه، فكلاهما من نسل عبد المطلب بن هاشم.
أبوه: عبد المطلب جد رسول الله.
أمه: هالة بنت وهيب، وهي ابنة عم أم الرسول آمنة بنت وهب.
إخوته: الزبير، الحارث، المقوم، حجل، ضرار، أبو لهب، الغيداق، أبو طالب، العباس، عبد الله، عاتكة، صفية، أم حكيم، أروى.
أخوه في الرضاعة: محمد بن عبد الله رسول الله، أرضعتهما مولاة أبي لهب ثويبة، وقيل رضع حمزة أيضًا من حليمة السعدية.
زوجاته: خولة بنت قيس، سلمى بنت عميس، بنت الملة بن مالك.
أبناؤه: عامر، يعلى، بكر، عمارة، أمامة، فاطمة، أمه الله.
نشأة حمزة بن عبد المطلب
تربى سيدنا حمزة رضي الله عنه، في بيت والده عبد المطلب برفقة ابن عمه النبي محمد بن الله، فنشأت بينهما علاقة وطيدة. عاش في بيئة عربية مليئة بالأصالة، فتعلم العادات والتقاليد ونشأ على الشجاعة والبطولة والكرم.
كان الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب معروفًا بشجاعته في الجاهلية. شارك في حرب الفجار، وتعلم الفروسية وأمور الحرب مبكرًا. قيل أنه هو من خطب السيدة خديجة لرسول الله بعد أن عرضت عليه نفسها.
عندما نزل الوحي على النبي، وعلمت قريش بأمر رسالته، ظل سيدنا حمزة يراقب الوضع، ويشاهد ثبات النبي وتفانيه في سبيل دعوته. كان رضي الله عنه يعرف النبي جيدًا وشاهدًا على طفولته وشبابه، ويعرف نزاهته وأمانته أكثر مما يعرف نفسه. لم يجد حمزة شائبة على النبي ولم يشهد على موقف سيء له، فقد كانت حياته صفحة بيضاء لم يلطخها السوء أو فعل النكر قط. كان حمزة يتمتع بقوة الجسد ورجاحة العقل، وفي يوم ما أزال الله الستار عن عينيه ودخل دين الحق.
إسلامه ونصرة رسول الله
اختلف في العام الذي أسلم فيه حمزة، قيل أسلم في السنة الثانية من البعثة، وقيل أسلم سنة 6 بعد البعثة. وكان لإسلامه سبب كبير، فقد ورد أن أبا جهل اعترض طريق النبي عند جبل الصفا وشتمه ونال منه، لكن النبي انصرف ولم يرد عليه. كانت مولاة عبد الله بن جدعان شاهدة على ما حدث، وعندما رأت حمزة راجعًا من صيده وحاملًا قوسه، أخبرته بما تعرض له ابن أخيه.
غضب سيدنا حمزة غضبًا شديدًا ومر على سادات قريش دون إلقاء السلام. ثم ذهب إلى الكعبة وطاف بها، ووجد أبا جهل وسط القوم فضربه بقوسه وشجَّ رأسه، وقال له “تضربه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرد ذلك عليَّ إن استطعت”.
قام رجال من قريش لنصرة أبا جهل وقالوا له “ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت”. فقال رضي الله عنه “ما يمنعني منه وقد استبان لي منه ذلك، وأنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين”. قال أبو جهل لسادة قريش ” دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا”.
بعد ما عاد إلى منزله، وسوس له الشيطان وقال له: اتبعت دين غير دين آبائك وأنت سيد قريش”. ثم قضى ليلة عصيبة، وفي الصباح ذهب للنبي وأخبره بهمه، وقال له ” حدثني يا ابن أخي فقد اشتهيت حديثك”. وعظه النبي وبشره حتى ألقى الله الإيمان في قلبه، وقال ” أشهد أنك الصادق، شهادة الصدق، فأظهر يا ابن أخي دينَك”.
بإسلام حمزة بن عبد المطلب، أعلن إسلامه وتحدى أبطال قريش على رأسهم عمر بن الخطاب، فقويت شوكة المسلمين. وعلمت قريش أن محمد قد عزَّ، وأن حمزة سيمنعه، فتوقفوا عما كانوا يفعلون له من سوء.
بعد أن عاد المشركين لإيذاء النبي وأصحابه، هاجروا إلى المدينة وهناك آخى بين سيدنا حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة.
حمزة بن عبد المطلب في غزوة بدر
شارك حمزة في غزوة بدر وكان أول من بدأ بالقتال، حيث بارز الأسود بن عبد الأسد المخزومي وقتله. ثم خرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وقابلهم من المسلمين حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث.
كان حمزة يقاتل بسيفين، فقتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحنظلة بن أبي سفيان، وزمعة وعقيل ابنا الأسود، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة المخزومي، والأسود بن عبد الأسد، وغيرهم.
استشهاده في غزوة أحد
شارك الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد، وكان يقاتل بسيفين فقتل 31 كافرًا قبل استشهاده. وبينما يقاتل حمزة بسيفيه، رآه أحدهم فقال “أي أسد هو حمزة” فوقع على ظهره وابتعد الدرع عن بطنه، فرآه وحشي ورماه برمح وقتله.
كان جبير بن مطعم قد سلط عبده وحشي على حمزة ليقتله ووعده أن يعتق رقبته. وكانت هند بنت عتبة تحرضه أيضًا كلما رأته. وذكر موسى بن عقبة “أن الذي بقر عن كبد حمزة وحشيٌّ، فحملها إلى هند فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها”.
قامت هند ونساء المشركين بقطع أنوف المسلمين وأذنهم وبقرنَّ بطونهم، ومثلوا بجثث الشهداء. وعندما رأت حمزة شقت بطنه وتناولت كبده، ثم لفظته. واستشهد سيدنا حمزة في شهر شوال سنة 3 من الهجرة، وكان عمره 57 سنة وقيل 59 سنة.
حزن النبي على استشهاده
بعد انتهاء المعركة، بحث النبي عن عمه فوجده أنفه وأذنه مقطوعة، وبطنه مفتوحه وكبده في الخارج، فشعر النبي بالقهر وحزن حزنًا شديدًا. بينما النبي يرى عمه قال “لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم”. وعبر النبي عن حزنه وقال أيضًا “لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً قط أغيظ إلي من هذا”.
من شدة حزن النبي جاءه سيدنا جبريل وأخبره “أن حمزة مكتوب في السموات السبع، حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله”. وعندما جاءت أخته صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه، منعها النبي حتى لا ترى ما حلَّ به. لكن لما وجدها صابرة وتحتسبه عند الله وتعلم بما حدث له سمح لها، فصلت عليه واستغفرت له.
روى الصحابة أن النبي صلى على عمه حمزة 72 صلاة، وكان أول شهيد يصلي عليه، ودفنه في قبر واحد مع عبد الله بن جحش بنمرة. وعندما عاد المسلمين إلى المدينة وعلموا بما حلَّ به حزنوا عليه ورثوه، فرثاه كعب بن مالك وحسان بن ثابت وصفية بنت عبد المطلب. كما حزنت عليه فاطمة الزهراء ابنة رسول الله حزنًا كبيرًا وكانت كل جمعة تزور قبره وتبكي عنده.
المصادر:
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
ابن كثير: البداية والنهاية.
سيرة بن هشام.
العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن الأثير: الكامل في التاريخ.
البلاذري: أنساب الأشراف.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *