الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه، من الأنصار من قبيلة الخزرج. وهو من الصحابة الذين أسلموا مبكرًا، وكان لا يخاف في الله لومة لائم. وهناك الكثير من المواقف التي تدل على شجاعته وحفاظه على الإسلام والتزامه بأقوال النبي وأفعاله. كان جريئًا في الحق، لذلك لم يكن على وفاق مع حكام الشام. كما كان مجاهدًا في سبيل الله وشهد كل الغزوات والفتوحات.
نسب عبادة بن الصامت
اسمه: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن قوقل بن عمرو بن عوف بن الخزرج.
كنيته: أبو الوليد.
قبيلته: الخزرج.
أمه: قرة العين بنت عبادة بن نضلة الخزرجية.
زوجاته: أم حرام بنت ملحان، وجميلة بنت أبي صعصعة.
أبناؤه: الوليد، محمد، داوود، وعبيد الله.
أخوه: الصحابي أوس بن الصامت.
إسلامه وجهاده
كان سيدنا عبادة بن الصامت من أوائل الأنصار الذين أسلموا، وكان ذلك في السنة العاشرة من البعثة. حيث حضر بيعة العقبة الأولى، ثم حضر بيعة العقبة الثانية. وقد بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم “تابعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة”.
وبعد أن بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهم “أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم بما فيهم”. فاختاروا 6 نقباء من الخزرج كان منهم الصحابي عبادة بن الصامت، و3 من الأوس. وقال لهم النبي “أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي”.
وظل سيدنا عبادة ملازمًا للنبي، وشهد معه المشاهد والغزوات. وقد استعمله النبي على الصدقات وقال له: “اتقِ الله، ألا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثُؤَاج”. فقال عبادة: “فوالذي بعثك بالحق، لا أعمل عمل اثنين. وبايع النبي على ألاَّ يخاف في الله لومة لائم”.
وبعد وفاة النبي ظل عبادة بن الصامت يقوم بدوره، فشارك في فتح مصر. وكان رضي الله عنه على رأس المدد الذي أرسله عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص. وقد كتب سيدنا عمر لعمرو بن العاص “إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم رجلٌ بألف رجل”.
مواقفه مع معاوية بن أبي سفيان
طلب والي الشام معاوية بن أبي سفيان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يرسل له عددًا من الصحابة يعلمون أهل الشام ويفقهونهم في الدين. فاختار سيدنا عمر عبادة بن الصامت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء. أقام سيدنا عبادة في حمص، ثم استخلفه عليها أبو عبيدة بن الجراح عندما ذهب لاستكمال فتوحاته. وكان عبادة أول من تولى قضاء فلسطين في عهد عمر بن الخطاب.
كما كان لا يخشى في الله لومة لائم، فقد ورد أنه كان مع معاوية، فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية. فقال عبادة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب).
وقد أنكر عبادة على معاوية شيئا، فقال له: لا أساكنك بأرض. فرحل عبادة إلى المدينة، ولما سأله سيدنا عمر: ما أقدمك؟، أخبره بفعل معاوية، فقال له: ارحل إلى مكانك، فقبح الله أرضًا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك.
وبينما كان عبادة بالشام، مرت عليه قطارة تحمل الخمر، فشقها حتى تسرب كل ما فيها على الأرض. ذهب صاحبها واشتكى إلى أبي هريرة، فذهب إليه وقال له: ما لك ولمعاوية؟ ذره وما حمل. فقال عبادة: ألم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وألا يأخذنا في الله لومة لائم. فسكت أبو هريرة. ثم كتب الرجل إلى عثمان “إن عبادة قد أفسد علي الشام”.
روايته للحديث
كان سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه، من رواة الحديث عن رسول الله. وله 181 حديث في مسند بقي بن مخلد. اتفق البخاري ومسلم على 6 أحاديث، وانفرد كل منهما بحديثين.
وقد روى عنه الكثير مثل: أنس بن مالك، أبو أمامة الباهلي، ابنه الوليد بن عبادة، وشرحبيل بن حسنة، وغيرهم.
وفاة عبادة بن الصامت
مات الصحابي الجليل عبادة بن الصامت بالرملة سنة 34 من الهجرة، وقد تجاوز السبعين عامًا. بينما ذكر البعض أنه مات في عهد معاوية سنة 45 من الهجرة.
المصادر:
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
إسلام ويب: عبادة بن الصامت.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق