كان عبد العزيز بن موسى بن نصير أحد الفاتحين الأوائل، حيث رافق أبيه في فتوحات المغرب. وكان له دور كبير في تثبيت الإسلام في الأندلس وفتح بلاد البرتغال. اعتمد عليه أبوه خلال فتحه الأندلس برفقة طارق بن زياد، فأرسله على رأس جيش لإخضاع المدن التي تمردت مثل إشبيلية. ثم تولى الأمور بعد مغادرة أبيه إلى دمشق، واستمرت ولايته فترة قصيرة بسبب اغتياله.
نسب عبد العزيز بن موسى بن نصير
اسمه: عبد العزيز بن موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد، عربي من بني لَخْم.
أبوه: القائد العظيم موسى بن نصير فاتح الأندلس ووالي إفريقية والمغرب. كان أهم القادة العسكريين في الدولة الأموية، وتولى عدة مناصب إدارية.
نشأته: عبد العزيز في بيت قائد عسكري، فتدرب على فنون القتال وأمور الحرب منذ صغره، مثل الرمي بالسهام والضرب بالسيوف والطعن بالرمح وركوب الخيل والسباحة. كما حصل على تعليم جيد مثله مثل جميع أبناء القادة، فتعلم الحساب والهندسة وعلوم اللغة والأدب والشعر.
مشاركته في فتح الأندلس
شارك عبد العزيز أباه موسى بن نصير في فتوحات بلاد المغرب، ثم عبر معه المضيق وشهد على فتح الأندلس. فزادت بذلك قدراته القتالية وخبرته في الفتوحات. عندما كان موسى بن نصير يحاصر مدينة ماردة، ثار عليه عجم إشبيلية وتجمع فلول لبلة وباجة. قتل فلول العجم 80 رجلًا من المسلمين، لذلك أرسل موسى ابنه عبد العزيز على رأس جيش، فقاتل أهل لبلة وباجة وإشبيلية وأعاد فتحهما. وفي سنة 94 من الهجرة، فتح عبد العزيز مدينة إشبيلية مرة ثانية، بعد أن فتحها طارق بن زياد سنة 92 من الهجرة.
بعد ذلك توجه عبد العزيز برفقة أخيه عبد الأعلى إلى جنوب شرق الأندلس، فأعادوا فتح مالقة وإلبيرة. وبعد أن ضمن استقرار الأمور في المنطقة الجنوبية الشرقية، عاد إلى إشبيلية. وفي الوقت الذي انشغل موسى بن نصير وطارق بن زياد بفتح شمالي الأندلس، اهتم عبد العزيز بن موسى بفتح وسط البرتغال.
كما انشغل أيضًا بالقضاء على المقاومة القوطية الثائرة في المناطق الجبلية والمدن النائية. وقام بذلك من خلال ترأسه لمجموعة من الفرسان، حيث كانوا يتنقلون بشكل سريع بين المدن، لذلك نجح نجاحًا باهرًا في القضاء على أي ثورة قوطية.
وبعدما عاد والده إلى دمشق تولى الأمور في الأندلس، لكن فترة ولايته لم تطل كثيرًا، لذلك لم تظهر قدراته القيادية في الإدارة والفتح.
المشاكل التي واجهته بعد مغادرة أبيه
لم تدم ولاية عبد العزيز بن موسى بن نصير سوى سنتين تقريبًا، فقد واجهته العديد من المعضلات. وكان أولها نهاية موسى بن نصير التي لم تتناسب مع بطولاته وفتوحاته. فبعد أن فتح الأندلس برفقة طارق بن زياد، وصله أمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك بالتوقف والعودة إلى دمشق. وبعد وفاة الوليد تسلم الخلافة أخوه سليمان بن عبد الملك وكان غاضبًا على موسى. لذلك قام بعزله وأبعده عن مسرح الحكم والسياسة والفتوحات. ورغم ذلك ظل عبد العزيز يمارس دوره بكل حكمة وذكاء وشجاعة. فقد كان ذا إرادة وعزيمة، وتحمل مسؤوليته كاملة دون إلقائها على الأخرين.
وقبل أن يغادر موسى إلى الأندلس ترك معاونين لابنه في الحكم، مثل حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وهو أحد أحفاد عقبة بن نافع. بالإضافة إلى عدد كبير من القادة وعائلاتهم من القبائل العربية. كان موسى يريد أن يكون هؤلاء قوة بجانب ابنه في مواجهة الأعداء، من أجل تثبيت الحكم الإسلامي. لكن لم يضع في حسبانه أن يشكلوا جبهة داخلية طامعة في الحكم، خاصة بعد غضب الخلافة عليه.
أيضًا كان عبد العزيز يشجع على زواج العرب من الإسبان، حتى تستقر الأمور. لذلك تزوج من امرأة تدعى أجيلونا (إيجلونا)، وتسمى في المراجع العربية: أَيْلُه (أيلونا) أو أم عاصم. وكانت هذه المرأة زوجة الملك رودريك حسب ما ذكرته بعض المراجع. وخلال الفتح قبلت بدفع الجزية وظلت على دينها، ثم تزوجها بعد سفر أبيه إلى دمشق.
وبزواجه من امرأة مسيحية، استغل الطامعون في الحكم الأمر وأطلقوا الإشاعات. فقالوا بأنها تتحكم في زمام الأمور، وأنه تنصر وصنعت له تاجًا من الذهب والجواهر.
مقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير
اجتمع أهل الفتنة والمتطلعين إلى الحكم، وقرروا الافتراء عليه. لم يكتفوا بكذبة تنصره، بل أطلقوا إشاعة أنه خرج عن طاعة بني أمية بعدما فعلوه بأبيه. وذكرت بعض المراجع أن سليمان بن عبد الملك لما وصله الأمر، كتب إلى حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع، أن يقتله سرًا. فقام حبيب بقتله خلال صلاة الفجر.
لكن هناك من يقول أن سليمان بن عبد الملك لم يصدر أمر اغتياله، لأنه كان يستطيع عزله مثلما عزل أبيه. وأنه أمر والي إفريقية عبيد الله بن يزيد القرشي بأن يتشدد في عقاب من ساهم في قتل عبد العزيز. هذا بالإضافة إلى شخصية سليمان التي مدحها المؤرخون فقالوا عنه “مفتاح الخير، أطلق الأسارى، وخلَّى أهل السُّجون، وأحسن إلى الناس، واستخلف عمر بن عبد العزيز”.
اقرأ أيضًا: خالد بن الوليد.. سيف الله المسلول
المصادر:
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة.
الطبري: تاريخ الرسل والملوك.
ابن الأثير: الكامل في التاريخ.
ابن كثير: البداية والنهاية.
البلاذري: فتوح البلدان.
ابن خلدون: تاريخ بن خلدون.
ابن خلكان: وفيات الأعيان.
ياقوت الحموي: معجم البلدان.
ابن عذارى: البيان المغرب.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق