السيدة آمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت سيدة من سيدات قريش وأشرافها. فهي من بني زهرة، إحدى بطون قريش، الذين كانوا يتمتعون بمكانة رفيعة في الجاهلية. ماتت والنبي ابن 6 سنوات، ولم تدرك بعثته. ورد أنه صلى الله عليه وسلم، حاول الاستغفار لها، لكن الله نهاه عن ذلك، فامتنع النبي وتبرأ منها كما تبرأ إبراهيم من أبيه.
من هي أم الرسول
نشأت السيدة آمنة بنت وهب أم الرسول، في عائلة عريقة النسب، فقد كانت ذات حسب ونسب مشرف. وشُهِد لها ولأسرتها بالعراقة والأدب والشرف. تولى تربيتها عمها “وهيب بن عبد مناف”. كانت معروفة بزهرة قريش، وعندما خطبها عبد الله بن عبد المطلب والد النبي، كانت أفضل فتاة في قريش.
نسب آمنة بنت وهب
اسمها: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أبوها: وهب بن عبد مناف، سيد بني زهرة، وأكثرهم شرفًا وحسبًا. وقال الشاعر فيه:
يا وهب يا بن الماجد بن زهرة
سُدت كـلابـا كلهـا ابن مـرة
بـحــســبٍ زاكٍ وأمٍّ بـرّة
أمها: برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
زوجها : عبد الله بن عبد المطلب.
ابنها: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصة آمنة بنت وهب وزواجها من عبد الله بن عبد المطلب
كان جد النبي عبد المطلب بن هاشم قد نذر في شبابه إذا رزقه الله بـ 10 ذكور، سوف ينحر واحدًا منهم شكرًا لله. وبالفعل رُزِق بعشرة رجال ذكور، وقرر تنفيذ وعده، فأقرع بين أبناءه حتى يعلم أيهما سيضحي به، فخرج السهم من نصيب أحب أبناءه إليه وهو عبد الله والد النبي. حزن عبد المطلب حزنًا شديدًا، فاقترح عليه قومه، أن يفديه ب 10 إبل، فابتهج لذلك. واقترع مرة أخرى بين الأبل وعبد الله فخرج سهم عبد الله، فاقترح عليه قومه يزيد 10 إبل أخرى. وظل يقترع ويزيد 10 إبل حتى وصل المائة، فخرج سهم الإبل، ففرح ونحرهم وفدى ابنه.
وعندما وصل عبد الله لعمر الزواج، طلب له والده عبد المطلب أفضل بنتًا في قريش، وهي السيدة آمنة بنت وهب. ذهب إلى وهب بن مناف سيد قريش وطلبها، وتزوجها، وظل عندها 3 أيام كعادة العرب. وخلال الثلاث أيام حملت السيدة آمنة بابنها محمد.
وفي يوم ذهب عبد الله إلى مدينة غزة بالشام من أجل التجارة، فخرج على رأس قافلة محملة بأموال قريش. خلال عودته إلى مكة، مرض في الطريق، فتوقف في المدينة المنورة إلى أن يشفى ثم يواصل رحلته. ظل عند أخواله من بني النجار، وواصلت القافلة طريقها إلى مكة، وكان يأمل اللحاق بها في الطريق.
توفي عبد الله بن عبد المطلب والد النبي في المدينة، وهو ابن 25 سنة، ودفن في دار النابغة. وكانت زوجته السيدة آمنة بنت وهب حامل شهرين في النبي. وترك لها جارية حبشية وهي أم أيمن، و 5 أجمال، وقطيع من الغنم.
ولادة النبي
ظلت أم النبي مدة حمله لدى قبيلتها، وروى أنه عندما حملت به قيل لها “إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي “أعيذه بالواحد من شر كل حاسد”، ثم سميه “محمدًا”. ثم ولدت محمد بن عبد الله في شعب أبي طالب، وقامت بتوليدها أم عبد الرحمن بن عوف، وكان اسمها الشفاء”.
وكانت ولادة النبي يوم الاثنين 12 ربيع الأول من عام الفيل، بعد غزو أبرهة الحبشي لمكة ومحاولته هدم الكعبة. قيل بعد هذه الواقعة بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا.
كانت السيدة آمنة تقول، أنها لم تشعر بأعراض الحمل التي تشعر بها السناء الحوامل، مثل الوحم والألم. وعندما ولدته كان رافعًا رأسه مستقبلًا القبلة، وقابضًا يديه مشيرًا بالسبابة كأنه يسبح بها. وأنها رأت عند ولادته نور يخرج منها أضاء قصور الشام. قالت أم عثمان بن أبي العاص “حضرتُ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت البيت حين ولد قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو، حتى ظننت أنها ستقع عليّ”.
فرحة جد النبي بولادته
بعدما ولدت السيدة آمنة النبي، بشرت جده عبد المطلب، ففرح واستبشر، ودخل به الكعبة وقال “ليكوننّ لابني هذا شأن”، وسماه محمد، ولم يكن هذا الاسم مشهورًا عند العرب. يقول حسان بن ثابت عندما علم اليهود بولادته “والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به”.
جاء في سند الخطيب البغدادي: أن آمنة قالت “لما ولدت رأيت سحابة عظيمة لها نوراً، أسمع فيها صهيل الخيل، وخفيقان الأجنحة، وكلام الرجال حتى غشيته وغيبت عني. ثم سمعت منادي يقول طوفوا بمحمد في جميع الأرض وأعرضوه علي كل روحاني من الأنس والجن والملائكة والطيور والوحوش. وأعطوه معرفة شيث، وخلق آدم، وخلة إبراهيم، وشجاعة نوح، ولسان إسماعيل، وفصاحة صالح، وبشرى يعقوب، وحكمة لوط، وصبر أيوب، وشدة موسى، وطاعة يونس، وصوت داوود، وجهاد يوشع، ووقار إلياس، وزهد عيسى، وعصمة يحي، وأغمسوه في أخلاق النبيين”.
قصة وفاة أم الرسول
عندما كان النبي في عمر الست سنوات، خرجت به والدته السيدة آمنة بنت وهب إلى يثرب لزيارة أخواله بني عدي بن النجار. ذهبت معهما خادمتها أم أيمن، وكانوا على بعيرين، فنزلوا في دار النابغة بالمقرب من قبر عبد الله بن عبد المطلب.
مكثت آمنة في يثرب شهر، وخلال عودتها إلى مكة توفت بالأبواء وهي ابنة 20 سنة، فرجعت أم أيمن بالنبي والبعيرين إلى مكة.
أين يقع قبر آمنة بنت وهب
اختلف في مكان قبر أم النبي، قيل أن قبرها بالأبواء، وهي منطقة تبعد عن مدينة جدة حوالي 190 كيلو. وقيل أنها دفنت في الحجون على جبل، وكان قبرها معروفًا لكنه أزيل لاحقًا. وقيل أن قبرها عند مقبرة أم عثمان، كما ينسبون قبورًا لها في الأبواء.
زيارة النبي لقبر أمه واستغفاره لها
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم، زار قبر أمه وبكى عليها حتى بكى من حوله، وقال استأذنت ربي أن استغفر لها فلم يأذن لي، ثم توضأت وصليت واستغفرت لها فزجرني زجرًا أبكاني. يقول النووي: أن في هذا نهي عن الاستغفار للكفار.
وأنزل الله هذه الآية ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه ” أشهدكم أني بريء من آمنة، كما تبرأ إبراهيم من أبيه”.
اقرأ أيضًا: سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
المصادر:
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن كثير: البداية والنهاية.
سيرة ابن هشام.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق