الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه، كان فقيهًا وراويًا للحديث وقارئًا وكاتبًا للوحي. كان من أحبار اليهود قبل إسلامه، ثم أسلم وصار من كتاب الوحي لرسول الله. شهد مع النبي المشاهد كلها، وكان له مكانة عظيمة، فهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن في حياة النبي.
نسب أبي بن كعب
اسمه: أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. وقيل اسمه تيم اللات، وقيل تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر الأنصاري الخزرجي. وسمي النجار لأنه ضرب وجه رجلًا بقدوم فنجره، وقيل لأنه أختتن بآلة القدوم، فقيل له النجار.
كنيته: أبو المنذر ( كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم )، والطفيل ( كناه بها عمر بن الخطاب).
لقبه: سيد القراء.
أمه: صهيلة بنت الأسود بن حرام النجارية. وهي عمة أبي طلحة الأنصاري.
زوجته: أم الطفيل بن الطفيل بن عمرو الدوسي.
أبناؤه: الطفيل، محمد، عبد الله، أم عمرو.
صفته: كان أبي رضي الله عنه، أبيض الرأس واللحية، ليس طويلًا ولا قصيرًا، وكان نحيل الجسد، فيه بعض من الشراسة.
إسلام أبي بن كعب
كان الصحابي الجليل أبي بن كعب ممكن أسلموا مبكرًا، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعيد بن زيد، وقيل طلحة بن عبيد الله. كان من الأنصار الذين التقوا برسول الله في بيعة العقبة الثانية وأسلموا، ثم شارك في كل الغزوات.
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تفرغ أبي بن كعب للعبادة، ولما شعر بحاجة الناس إلى علمه، خرج ليعلمهم. قال مسروق بن الأجدع “انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود”.
قصة الرسول مع أبي بن كعب
كان أبي بن كعب رضي الله عنه قريبًا من رسول الله، فكتب له الوحي وروى عنه الحديث، ويعتبر سيد القراء. كما كان ممن يعرفون القراءة والكتابة في الجاهلية، لذلك اختاره النبي من بين الأنصار ليكون كاتبًا للوحي. وقد جمع القرآن وقرأه على النبي في حياته. وقد ورد أن النبي قال “خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة”.
وفي يوم قال له النبي “ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها؟”. فقال أبي “بلى”. فقال النبي “إني أرجوا ألا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها”. يقول ” ثم قام النبي وقمت معه، فأخذ بيدي فجعل يحدثني حتى بلغ قرب الباب، فذكّرته فقلت: يا رسول الله، السورة التي قلت لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم “فكيف تقرأ إذا قمت تصلي؟” فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: “هي هي، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه”.
لماذا بكى أبي بن كعب؟
كان بكاء أبي بن كعب لأن الله اختصه بشيءٍ لم يختص به غيره. فقد قال له رسول الله “إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ). فقال أبي “الله سماني لك؟”، فقال النبي “نعم”. ثم قال أبي “وذكرت عند رب العالمين؟”، فقال النبي ” نعم”، فذرفت عيناه”.
منزلته وفضله
كان للصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه، مكانة كبيرة عند رسول وعند الصحابة جميعًا. فقد قال عنه النبي “أقرأ أمتي أبي”، وكان رضي الله عنه يتم قراءة القرآن كاملًا في ثمان ليال.
كما كان عمر بن الخطاب يجله ويحترمه، وعندما جاءه رجلًا يسأله حاجة، وكان أبي بن كعب جالسًا، سأله الرجل ” من هذا”، فقال سيدنا عمر “سيد المسلمين أبي بن كعب”. وقال عمر أيضًا ” من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب”. وعندما قال أبي لعمر ” ما لك لا تستعملني”، قال له ” أكره أن يدنس دينك”.
لم يكن رضي الله عنه، سيد القراء وكاتب الوحي فقط، لكنه روى أيضًا الحديث عن رسول الله. وروى عنه الكثيرون مثل، ابنه الطفيل، عبد الله بن عباس، أنس بن مالك، عبادة بن الصامت، أبو أيوب الأنصاري، عمر بن الخطاب، أبو هريرة، أبو موسى الأِشعري، مسروق بن الأجدع، وأبو الأسود الدؤلي.
وفاة أبي بن كعب
اختلف العلماء والمؤرخون في تاريخ وفاة الصحابي أبي بن كعب، فقيل مات سنة 22 من الهجرة بالمدينة المنورة. وقيل سنة 19، وقيل سنة 30 هـ، وهو الراجح. وقد شهد يوم وفاته عتي بن ضمرة، ويقول في ذلك ” رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت ما شأن هؤلاء؟. فقال بعضهم “ما أنت من أهل البلد؟!”، قلت “لا”، قال “فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب”.
كتاب وحي آخرون
زيد بن ثابت
كان زيد بن ثابت رضي الله عنه، أشهر كتاب الوحي ومن فقهاء وقراء المدينة. لما رأى النبي ذكائه وعلمه، طلب منه تعلم لغات الأقوام المجاورة حتى يكتب الكتب ويرسلها إليهم، فتعلم السريانية في 17 يومًا فقط، وتعلم كتاب اليهود.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم، كلما نزل عليه الوحي، أرسل إليه، وقال عنه “أفرض أمتي زيد بن ثابت”. وقرأ زيد القرآن على النبي مرتين في العام الذي توفي فيه، وسميت القراءة بقراءة زيد بن ثابت، لأنه قرأها على رسول الله، وكان يقرأ بها للناس حتى مات.
وعندما قام أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم بعد حروب الردة، بسبب استشهاد كثير من حفظة القرآن، أرسل إليه. عارض زيد بن ثابت جمع القرآن في البداية، بحجة أن النبي لم يفعله في عهده، لكن أبو بكر ظل وراءه حتى أقنعه، وقام بالمهمة على أتم وجه.
وفي عهد عثمان بن عفان، دخلت كثير من الأمم الإسلام، وأصبح الناس يختلفون في القراءة، فقام بعمل قراءة واحدة للقرآن ونسخ منها عدة مصاحف ووزعها على الأقاليم. وعندما سئل عثمان عن أجدر شخص يفعل ذلك، اقترح عليه الناس زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص. فقال عثمان “فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ”.
أبان بن سعيد بن العاص
كان الصحابي الجليل أبان بن سعيد بن العاص من كبار الصحابة وأكابر قريش. وهو الذي أجار سيدنا عثمان بن عفان عندما أرسله النبي إلى زعماء مكة يوم الحديبية. كان شديد الخصومة للإسلام، ثم أسلم يوم خيبر وقيل قبل ذلك، واستعمله النبي على البحرين سنة 9 من الهجرة. وقد اختلف العلماء في يوم تاريخ وفاته، فقيل توفي سنة 12 من الهجرة في معركة أجنادين، وقيل سنة 15 من الهجرة في معركة اليرموك.
المصادر:
موقع قصة الإسلام: أبي بن كعب.
موقع إسلام ويب: أبي بن كعب، سيد القراء.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
الزركلي: الأعلام.
ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *