الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه، هو أحد الصحابة الصغار، حيث توفي النبي وعمره 20 سنة. وكان صلى الله عليه وسلم، يحبه ويقربه إليه، فعُرِف بالحِب ابن الحِب، لأن أباه زيد بن حارثة كان حب رسول الله. كما كان لأسامة مكانة كبيرة، ليس فقط عند رسول الله بل عند الصحابة جميعًا، حيث كانوا يجلونه لحب رسول الله له ولأبيه.
نسب أسامة بن زيد
اسمه: أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن عامر بن النعمان بن عامر. ويعود نسبه لبني كلب من بطون قضاعة.
أبوه: أسامة بن زيد مولى رسول الله.
أمه: أم أيمن حاضنة رسول الله.
لقبه: الحِبُّ بن الحِبُّ.
زوجته: فاطمة بنت قيس الفهرية.
أبناؤه: محمد بن أسامة بم زيد.
نشأته وإسلامه
ولد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه، سنة 7 قبل الهجرة في مكة المكرمة. أسلم مع أبيه وأمه، وتوفى رسول الله وعمره 20 سنة. وكان النبي يحبه مثلما يحب أبيه، وقد ورد عن سيدنا أسامة أنه قال: كان النبي يأخذني ويقعدني على فخذه، ويقعد الحسن والحسين على فخذه اليسرى، ثم يقول “اللهم إني أحبهما، فأحبهما”.
صفات أسامة بن زيد
حسب وصف المؤرخين، فقد كان أسامة بن زيد أسود اللون، أفطس الأنف. وحظى رضي الله عنه بسمات عظيمة، فهو ابن زيد بن حارثة وأم أيمن، أقرب الناس إلى رسول الله وأولهم تصديقًا له وإيمانًا برسالته. كما أنه ولد في الإسلام، فلم يدرك ظلمات الجاهلية. وكان رضي الله عنه، أكثر الناس ولاء للنبي ومحبة له، يلازمه ولا يتركه أبدًا. فعندما دخل مكة كان أسامة بجواره، وعندما دخل الكعبة كان معه.
مكانته
على الرغم من صغر سنه، وفي وجود كبار الصحابة الشجعان، أرسله النبي قائدًا على سرية لقتال المشركين. وكانت هذه أول إمارة له، وقد حقق فيها الفوز والنصر، ففرح رسول الله. ويحكي أسامة عن إمارته للسرية ويقول “فأتيت النبي وقد أتاه البشير بالفتح، فإذا هو متهلل وجهه، فأدناني منه ثم قال: حدثني. فجعلت أحدثه وذكرت له أنه لما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت إليه بالرمح، فقال لا إله إلا الله؛ فطعنته فقتلته. فتغير وجه رسول الله وقال “ويحك يا أسامة! فكيف لك بلا إله إلا الله؟”. فلم يزل يرددها علي حتى لو وددت أني انسلخت من كل عمل عملته، واستقبلت الإسلام يومئذ من جديد. فلا والله لا أقاتل أحدًا قال لا إله إلا الله بعد ما سمعت رسول الله.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، حيث قال عنه “إن أسامة بن زيد لمن أحب الناس إلي، وإني لأرجو أن يكون من صالحيكم، فاستوصوا به خيرًا”. وكان الخلفاء يجلونه من بعد وفاة النبي، فعندما قسم عمر بن الخطاب أموال بيت المسلمين، جعل نصيبه أكثر من ابنه عبد الله بن عمر. فسأله عبد الله عن ذلك وقال “لقد فضلت علي أسامة، وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد”. فرد عليه عمر “إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك”.
جيش أسامة بن زيد
كان الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه، لم يتجاوز العشرين من عمره، عندما سلمه رسول الله قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام. وقد فعل النبي ذلك رغم وجود كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، مما جعل البعض يظهر اعتراضه. ولما سمع النبي بذلك صعد على المنبر وقال “إن بعض الناس يطعنون في إمارة أسامة بن زيد، ولقد طعنوا في إمارة أبيه من قبل، وإن كان أبوه لخليقا للإمارة، وإن أسامة لخليق لها، وإنه لمن أحب الناس إلي بعد أبيه، وإني لأرجو أن يكون من صالحيكم، فاستوصوا به خيرا”.
لكن توفى رسول الله قبل خروج جيش أسامة، وأول ما تسلم أبو بكر الخلافة استكمل ترتيبات الجيش ونفذ وصية رسول الله. ثم أوصاه أبو بكر وقال كلمته الشهيرة التي تعتبر أساس لقوانين الحرب “سيروا على بركة الله، واغزوا باسم الله، وقاتلوا من كفر بالله، ولا تغدروا ولا تغلُّوا، ولا تقتلوا شيخاً كبيراً ولا امرأةً ولا طفلاً، ولا تقطعوا شجرةً، ولا تذبحوا شاةً إلا للأكل”.
تعجب الروم وتفاجئوا من خروج المسلمين لغزوهم في عقر دارهم، رغم وفاة الرسول، والأعجب أن من يتولى القيادة هو شاب صغير. والمفاجأة هي انتصار هذا الشاب وعودته سالمًا بالجيش، حتى أن المسلمين قالوا “ما رأينا جيشًا أسلم من جيش أسامة”.
حياته في عهد الخلفاء الراشدين
بعد انتصار أسامة رضي الله عنه، على الروم، شارك أيضًا في الحروب التالية مثل حروب الردة، وظل يشارك في الفتوحات في عهد الخلفاء. وعندما وقعت الفتنة الكبرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، التزم أسامة الحياد. ورغم محبته لعلي لكنه لم يستطع أن يرفع سيفه في وجه مسلم، بعد أن لامه رسول الله على قتله مشركًا قال “لا إله إلا الله” عندما شعر بالهزيمة.
ظل أسامة في بيته ولم يشارك في أي حدث بين الطرفين، رغم محاولة بعض الصحابة اقناعه. وظل يقول “لا أقاتل أحد يقول لا إله إلا الله أبدًا”. وعندما تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية، بايعه مع عدد من الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص.
من هي أم أسامة بن زيد بن حارثة
أمه هي أم أيمن مربية رسول الله وحاضنته، وزوجة زيد بن حارثة. وكان النبي قد ورثها من أمه بعد وفاتها وهو ابن 6 سنوات. وكانت رضي الله عنها حبشية، قدمت إلى مكة مع الجيش الذي جاء لهدم البيت، فغنمتها قريش وأصبحت مولاة عبد الله بن عبد المطلب والد النبي.
وعندما توفيت والدة النبي آمنة بنت وهب احتضنته وقامت على تربيته، وبعد زواجه من السيدة خديجة أعتقها. وكان النبي يحبها ويقول عنها “أم أيمن، أمي بعد أمي”.
والد أسامة بن زيد
والده هو الصحابي الجليل زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو من السابقين إلى الإسلام وأول من أسلم من الموالي. وكان ابن رسول الله بالتبني قبل البعثة، وبعد الإسلام أُبطِلت عادة التبني، ونزل فيه القرآن الكريم. كان رضي الله عنه ملازمًا لرسول الله، وحضر معه الغزوات والمعارك، وأرسله النبي قائدًا على السرايًا، كما كان أحد القادة الثلاثة الذين استشهدوا في غزوة مؤتة.
كما كان الصحابي الوحيد الذي ذكره الله باسمه في القرآن الكريم. وكان يحظى بمكانة كبيرة عند رسول الله، حيث قال “يا زيد، أنت مولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي”. وكان صحابة النبي يلقبونه بـ “حِبُّ رسول الله”.
وفاة أسامة بن زيد
بعدما نأى أسامة بنفسه عن الفتن، سكن بالمزة غرب دمشق، ثم سكن وادي القرى، وأخيرًا انتقل إلى المدينة المنورة. ومات سنة 54 وقيل سنة 61 من الهجرة، ودُفِن بالبقيع.
المصادر:
ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة.
ابن سعد، الطبقات.
الذهبي، سير أعلام النبلاء.
موقع قصة الإسلام: أسامة بن زيد.
موقع إسلام ويب: إسلام بن زيد.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق