نقدم لك سيرة وأسماء أمهات المؤمنين بالترتيب، فهنَّ رضي الله عنهنَّ قدوة لنا جميعًا. لقد شرفهنَّ الله وجعلهن زوجات رسوله الكريم، ثم أمهات للمسلمين، وفضلهنَّ على نساء العالمين. قال تعالى ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾.
أسماء أمهات المؤمنين بالترتيب
خديجة بنت خويلد
أم المؤمنين خديجة بنت خويلد هي أول زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلمت وآمنت برسالته. كانت ذات حسب ونسب، عرفت وبرجاحة عقلها وبسلوكها الطاهر في الجاهلية فلقبت بالطاهرة. تزوجت النبي وهي في عمر الأربعين، وكان يصغرها بخمسة عشر عامًا. أنجبت له جميع أولاده ما عدا إبراهيم فهو من مارية القبطية.
كانت رضي الله عنها سندًا وداعمًا للنبي، فقد دعمته بمالها وحنانها، فقال النبي عنها، “قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء”.
للسيدة خديجة مكانة عظيمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد”.
سودة بنت زمعة
السيدة سودة بنت زمعة من أمهات المؤمنين، وثاني زوجات الرسول بعد خديجة رضي الله عنها. كانت من السابقين إلى الإسلام، تزوجت السكران بن عمرو وهاجرت معه إلى الحبشة ثم مات. بعد موت خديجة عرضت خولة بنت حكيم على النبي أن يتزوج من سودة، فتزوجها في رمضان سنة 10 من البعثة.
بعد زواج النبي من عائشة، وهبت ليلتها لها بسبب كبر سنها، وعلمها بحب النبي لها. شهدت حجة الوداع مع النبي، وبعد وفاته لزمت بيتها ولم تحج بعده. وتوفيت رضي الله عنها في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقيل خلافة عمر بن الخطاب.
عائشة بنت أبي بكر
أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، هي أصغر زوجات النبي وأحبهنَّ إلى قلبه. وهي الزوجة الوحيدة التي تزوجها النبي بكرًا، تزوجها بعد غزوة بدر، ولم ينجب منها. كانت تلازم النبي، لذلك حفظت عنه الكثير من الأحاديث، فكانت بعد وفاته تفتي في أمور الدين. قال الحاكم “إن ربع أحكام الشريعة نقلت عن السيدة عائشة”.
حفصة بنت عمر
ابنة خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، ورابع زوجات النبي، ومن أمهات المؤمنين. تزوجها النبي بعد وفاة زوجها، وعُرِفت بغيرتها الشديدة عليه. نزل فيها وفي عائشة أول سورة التحريم، كما ورد أن النبي أراد تطليقها، فجاءه جبريل وقال “لا تُطَلِّقْها؛ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ”.
زينب بنت خزيمة
واحدة من أمهات المؤمنين وزوجات رسول الله. تزوجت مرتين قبل النبي، تطلقت من زوجها الأول، ثم مات عنها الثاني. كانت رضي الله عنها كثيرة التصدق على الفقراء، محبة للخير، لذلك لقبت بـ”أم المساكين”. ماتت في حياة النبي ولم تعش معه طويلًا، وأول من دُفِن من أمهات المؤمنين بالبقيع.
أم سلمة
أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، كانت ترافق النبي في الغزوات، ويأخذ برأيها في مواقف مهمة. ففي صلح الحديبية عندما غضب الصحابة من شروط الصلح، ولم يستجيبوا للنبي شارت عليه ألا يكلم أحد حتى ينحر ويحلق. وبالفعل كان رأيها صائبًا واقتضى الصحابة بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام. كما روت عن النبي الكثير من الأحاديث، وهي آخر من مات من زوجاته، ودفنت في البقيع.
زينب بنت جحش
تزوجها رسول الله بأمر من الله سبحانه وتعالى، بعد أن طلقها زيد بن حارثة. فكانت تتفاخر على نساء النبي وتقول “زوجنكنَّ أهليكنَّ، وزوجني اللنه من فوق سبع سموات”. وكانت رضي الله عنها أول من توفت من زوجات النبي بعده.
جويرية بنت الحارث
كانت ابنة الحارث بن ضرار سيد بني المصطلق، بعد أن غزاهم النبي كانت من جملة السبي. أعتقها النبي وتزوجها، ثم أعتق كل قومها كرامة لها. وكانت رضي الله عنها تقية تحب العبادة.
أم حبيبة بنت أبي سفيان
تزوج النبي من أم المؤمنين أم حبيبة وهي في أرض الحبشة بعد أن ارتد زوجها عن الإسلام وتوفى. كانت تحب النبي وتجله أكثر من أبيها، فقد ورد أن أبا سفيان زارها في بيتها وكاد يجلس على فراش النبي فمنعته.
صفية بنت حيي بن أخطب
كانت السيدة صفية من يهود بني النضير فهي ابنة حيي بن أخطب سيدهم. تزوجها النبي بعد غزوة خيبر وقتاله لأهلها. أسلمت وحسن إسلامها وكانت من أمهات المؤمنين العفيفات المحصنات. كان زواج النبي منها إشارة إلى جواز الزواج من نساء أهل الكتاب.
ميمونة بنت الحارث
تزوجها النبي سنة 7 من الهجرة في عمرة القضاء. بعث إليها جعفر بن أبي طالب ليخطبها، وكانت تركب على بعير لما جاءها خبر الخطبة، فقالت “البعير وما عليه لله ولرسوله”،. ونزل فيها قول الله تعالى ﴿وَامرَأةٌ مُؤمِنَةٌ إن وَهَبَت نَفسَها لِلنَّبِیِّ﴾. وكانت رضي الله عنها آخر زوجات النبي.
هل مارية القبطية من أمهات المؤمنين؟
لم تكن السيدة مارية القبطية من أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ، لأن النبي لم يتزوجها، بل كانت جارية أهداها له المقوقس حاكم مصر، وأنجبت له ابنه إبراهيم. لكن هذا لا يمنع أن لها مكانة عظيمة في قلوب المسلمين.
الواجب تجاه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
يجب علينا نحن المسلمين أن نحترم ونقدر أمهات المؤمنين، لأن الله سبحانه وتعالى أثنى عليهنَّ في كتابه العزيز. فقد سماهنَّ الله أمهات للمؤمنين في قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
كما حرم الله نكاحهنَّ بعد وفاة النبي فقال {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا}. ونزل فيهنَّ القرآن في كثير من المواضع تشريفًا لهنَّ، فمنهم من برأها وهي عائشة، ومنهم من زوجها للنبي وهي زينب بنت جحش.
ومن حقوق أمهات المؤمنين علينا أن نصلي ونترضى عليهنَّ، فقد ورد أن بعض الصحابة سألوا النبي، وقالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟. فقال النبي “قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد”.
لماذا تزوج النبي بأكثر من زوجة؟
لم يعدد النبي رغبة في الزواج، فمن زوجاته من كانت أكبر منه، وكنَّ كلهنَّ ثيب سبق لهنَّ الزواج قبله، إلا عائشة. فكل زيجة من زيجاته كانت لحكمة وهدف واضح كالتالي:
السيدة خديجة تزوجها لعقلها وشرفها ومكانتها في قريش، وكانت تكبره بخمسة عشر عامًا. لم يتزوج عليها في حياتها، على الرغم أنه عاش معها 15 سنة.
السيدة سودة بنت زمعة، تزوجها كي ترعاه وترعى أبنائه بعد وفاة زوجته الأولى خديجة.
وتزوج أم سلمة وزينب بنت خزيمة، بعد أن استشهد أزواجهم في الحرب رعاية وتقديرًا لهن.
أما عائشة بنت أبي بكر بنت أبي بكر الصديق، فتزوجها لرؤية رآها في المنام، ورؤيا الأنبياء وحي وحق.
وتزوج حفصة بنت عمر إظهارًا لمحبته وتقديره لعمر بن الخطاب.
كما تزوج لأسباب سياسية. فتزوج صفية بنت حيي بن أخطب ابنة زعيم يهود بني النضير، كي يؤلف اليهود إلى الإسلام، وكي يشرع زواج رجال المسلمين من نساء أهل الكتاب. أما جويرية بنت الحارث ابنة سيد بني المصطلق، فتزوجها كي يؤلف قلوب قبيلتها للإسلام ويوطد العلاقات.
وتزوج من زينب بنت جحش، كي يبطل عادة التبني السائدة في الجاهلية.
المصادر:
الزركلي: الأعلام.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
ابن حزم: جمهرة الأنساب.
البلاذري: أنساب الأشراف.
ابن كثير: البداية والنهاية.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *