كان الحر بن يزيد الرياحي أحد سادات الكوفة، وهو الذي ساير الحسين بن علي حتى يدخل به المدينة. ونجح في سحب الحسين بالعدد القليل الذي كان معه، إلى مكان جيش الدولة الأموية الذي كان على رأسه عمر بن سعد بن أبي وقاص. لكنه تاب يوم عاشوراء عن ذنبه، وشعر بخطئه، فترك صفوف بني أمية وانطلق بفرسه إلى صفوف الحسين وقاتل معه، حتى قًتِل أيضًا يوم كربلاء، لذلك يتمتع بمكانة رفيعة لدى الشيعة.
كان الحر قائدًا عسكريًا لا نعرف له انتماءً، أي لا نعرف إذا كان شيعيًا أم لا. لكنه كان شديد الانضباط والالتزام بأوامر السلطة. ذكر البعض أنه كان قائد الشرطة في الكوفة، لكن لا يوجد دليل على ذلك.
لقاؤه بالحسين
لما علم عبيد الله بن زياد بقدوم الحسين بن علي إلى الكوفة ليأخذ البيعة لنفسه. بدأ يخطط للقضاء على حركته، لذلك استدعى سادة وزعماء الكوفة، وكان منهم الحر بن يزيد الرياحي. وضع عبيد الله، الحر على رأس جيش من 1000 جندي، ليخرج إلى الحسين قبل دخوله الكوفة.
وقيل أن ابن زياد أرسل قائد شرطته الحصين بن نمير لاستقبال الحسين مع جيش من 4 آلاف، وكان الحر ومن معه ضمن جيش الحصين. ثم طلب أرسل الحصين، الحر وطلب منه أن يستدرج الحسين داخل الكوفة، ففعل ذلك والتقى به عند جبل ذي حسم.
فلما رآه الحسين قال له: ما تريد؟، فقال الحر: أريد أن انطلق بك إلى عبيد الله، فقال: إذن لا أتبعك. ثم قال الحر إذن لا أدعك، إني لم اؤمر بقتالك، وإنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإن أبيت، فخذ طريقًا لا تدخلك الكوفة، ولا يردك إلى المدينة، تكون بيني وبينك نصفًا حتى أكتب إلى ابن زياد.
سار الحسين رضي الله عنه، مع الحر من طريق العذيب حتى وصل الجوف مسقط النجف، فنزل في قصر أبي مقاتل. وظل الحر يسايره ويقول له “يا حسين إني أذكرك الله في نفسك، فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن”. فقال له الحسين “أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟”.
وظل الحسين سائرًا حتى وصل إلى كربلاء، فقال: أي منزل نحن فيه، فقيل له كربلاء، فقال” كرب وبلاء. ولما وصل وجد جيش من 4 آلاف مقاتل على رأسه عمر بن سعد بن أبي وقاص، ومعه الحصين بن نمير وشمر بن ذي الجوشن.
قال لهم الحسين أنه جاء بطلب من أهل الكوفة، وطلب منهم اختيار أمر من ثلاثة: أن يتركوه يذهب إلى الثغور، أو يذهب إلى يزيد بن معاوية، أو يعود من حيث جاء. قَبِل عمر بن سعد عرض الحسين، لكن ابن زياد أصر على أن ينزل الحسين على حكمه. فما كان من ابن سعد إلا أن طلب من الحسين النزول على كلام ابن زياد وأن يضع يده في يده.
طلب الحسين مهلة للصباح، وأخبر أصحابه أنهم في حل من طاعته، لكنهم أصروا على الوقوف معه للنهاية. وكان معه قلة قليلة بعد أن انصرف عنه أهل الكوفة. وفي صباح الجمعة 10 محرم سنة 61 من الهجرة، بدأ القتال بين الطرفين. وكان على ميسرة جيش عمر بن سعد شمر بن ذي الجوشن.
الحر بن يزيد الرياحي يوم عاشوراء
بعد سماع خطب الحسين، وتخلي الكوفيين عنه، ومنعه من الماء، بدأ بعض الرجال ترك جيش بني أمية واللحاق بالحسين. فانشق من جيش سعد 30 رجلًا من أعيان الكوفة وانضموا للحسين، وقالوا “عرض عليكم ابن بنت رسول الله ثلاث خصال فلا تقبلوا منها شيئا؟”.
كما انطلق الحر بن يزيد الرياحي بفرسه إلى الحسين، وقال لهم “ألا تتقون الله؟ ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم، والله لو سألتكم هذا الترك والديلم ما حل لكم أن تردوهم”. ولم يكن الحر يعتقد أن الأمر قد يصل إلى قتال الحسين في البداية، لذلك أدرك ذنبه وتورطه في استدراجه، فأعلن توبته وأخذ صفه. ولم يكتف بذلك بل بدأ يخطب في أهل الكوفة والجنود، ويحثهم على أن يقفوا في صف الحسين.
بدأ جيش عمر بن سعد القتال صباح الجمعة 10 محرم سنة 61 هـ. قاتل الحسين ومن معه بكل شجاعة وصبر، لكنهم قُتِلوا في النهاية، وقُتِل من أهل بيت الحسين الكثير وعلى رأسهم ابنه علي الأكبر، وأبناء أخيه الحسن عبد الله، القاسم، أبو بكر.
في البداية لم يجرؤ أحد على قتل الحسين، ثم تكاثروا عليه، ضربه بن شريك التميمي، وطعنه سنان بن أنس وقطع رأسه. وقيل أن الذي قطع رأسه شمر بن ذي الجوشن، وأن الذي قتله زيد بن رقادة الحيني، وعمرو بن بطار التعلبي.
وأرسل عمر بن سعد برأس الحسين رضي الله عنه، وأهل بيته إلى يزيد بن معاوية في دمشق. ولما رآه يزيد بكى هو وأهل بيته بكاءً شديدًا، وقال “قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، ورحم الله الحسين”.
مقتل الحر
كان الحر بن يزيد من المدافعين عن الحسين وأول من بدأ القتال رغبة منه في التكفير عن ذنبه. وقيل أنه قتل 40 فارسًا ورجلًا وحده، ثم تكاثروا عليه حتى قتلوه.
المصادر:
البلاذري: أنساب الأشراف.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
ابن الكلبي: جمهرة النسب.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق