الصحابي الجليل سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سبط رسول الله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة. هو ابن الخليفة الرابع للمسلمين، وابن فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسبه
اسمه: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
أبوه: ابن عم رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين.
أمه: ابنة رسول الله فاطمة الزهراء، لذلك هو سبط رسول الله، فالسبط هو ولد الولد. وقيل معنى السبط القطعة أو الطائفة، فيكون معناه أنه قطعة من رسول الله.
كنيته: أبو عبد الله.
ألقابه: السبط، سيد شباب أهل الجنة، ريحانة رسول الله، الشهيد.
إخوته: له من أبيه علي بن أبي طالب حوالي 20 أخًا، و18 أختًا. أما إخوته الأشقاء من أبيه وأمه فاطمة الزهراء: الحسن، المحسن، زينب، أم كلثوم.
زوجات الحسين رضي الله عنه
تزوج سيدنا الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة 5 زوجات، وهم:
شهربانو بنت كسرى يزدجرد: وهي ابنة الملك الأخير للدولة الساسانية، تم أسرها خلال فتح فارس، وأنجبت له علي بن الحسين السجاد.
ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية: جدها أبو سفيان بن حرب، وأنجبت له علي الأكبر.
الرباب بنت امرئ القيس: أنجبت له عبد الله الرضيع، وسكينة.
أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله: كانت زوجة الحسن ثم تزوجها الحسين.
السلافة من بني قضاعة: أنجبت جعفر بن الحسين.
سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب
ذكرت المصادر أن أبناء الحسين بن علي بن أبي طالب، كانوا 4 ذكور، وهم:
علي بن الحسين الأكبر: شارك مع أبيه في كربلاء، وقتل خلال المعركة.
علي بن الحسين السجاد: حضر كربلاء، لكنه توفي سنة 95 هـ.
عبد الله بن الحسين: يعرف أيضًا بعبد الله الرضيع، قيل قُتِل وهو ابن 6 أشهر في كربلاء.
جعفر بن الحسين: مات في صغره وليس له نسل.
البنات: فاطمة، وسكينة.
مولده ونشأته
الراجح أن سيدنا الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد في شهر شعبان سنة 4 هـ. ولما ولِد أذن النبي في أذنيه، وذبح له عقيقة مثلما فعل مع أخيه الحسن. وذكر أن سيدنا علي كان يرغب في تسميته حربًا، لكن النبي سماه الحسين. ذكر أيضًا أنه خُتِن في اليوم السابع، وحلقت أمه فاطمة الزهراء شعره في نفس اليوم، وتصدقت بوزنه فضة على المساكين وأهل الصفة.
حب النبي للحسين
كان النبي يحب أبناء فاطمة الحسن والحسين ويرعاهم، وكانا يذهبان معه حتى للمسجد أثناء الصلاة. وقد ورد أنهما كانا يركبان على ظهر النبي وهو ساجد، وأثناء قيامه كان يأخذهما بيده برفقٍ ولين ويضعهما جانبًا. وكانا رضي الله عنهما يفعلان ذلك حتى يفرغ النبي من صلاته، فإذا انتهى يضع كل واحد منهما على فخذ ويجلس بهما.
كما كان صلى الله عليه وسلم يركبهما معه على بغلته الشهباء، واحدًا أمامه والآخر خلفه. وبلغت حنيته وعطفه عليهما، أنه كان لا يتحمل بكاء الحسين، فإذا بكى قال لفاطمة “ألم تعلمي أنَّ بكاءه يؤذيني”. وكان يقول عنهما أيضًا “هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما”.
حياته في عهد الخلفاء الراشدين
لم يذكر التاريخ أي دور للحسين بن علي خلال خلافة أبي بكر الصديق لصغر سنه، فقد كان بين السادسة والسابعة عندما توفي جده رسول الله سنة 11 هـ. وفي عهد عمر بن الخطاب كان يعطيهما من الغنائم، وجعل نصيبهما مثل نصيب أبيهما علي بن أبي طالب، وكان قدره 5 آلاف دينار.
في عهد عثمان بن عفان التحق مع أخيه الحسن في فتوحات إفريقية، سنة 26 هـ. وخرجا في الجيش الذي أرسله عثمان إلى عبد الله بن أبي السرح. ثم شارك الحسين في فتح طبرستان برفقة الحسين، تحت إمرة سعيد بن العاص سنة 30 هـ.
في عهد أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، خرج معه إلى الكوفة هو والحسين وأقاموا فيها. ثم شارك في موقعة الجمل وصفين وكان على ميسرة الجيش والحسن على الميمنة. كما قاتل الخوارج في معركة النهروان. ذكرت بعض المصادر أن الحسين لم يكن حاضرًا خلال وفاة أبيه، فأرسل له الحسن وأحضره.
وبعد مقتل علي بن أبي طالب، بايع الناس ابنه الحسن بالخلافة سنة 40 هـ، وظل خليفة المسلمين لمدة 6 أشهر. وبعدما حصل الصلح بين الحسن ومعاوية في عام الجماعة سنة 41 هـ، لم يكن الحسين موافقًا على تنازل أخيه عن الخلافة، لكنه وقف بجواره وسانده.
دوره في خلافة معاوية بن أبي سفيان
بعد وفاة الحسن، اجتمع أنصاره في الكوفة خلف الحسين رضي الله عنه، لكنه ظل محافظًا على اتفاق الصلح بين معاوية وأخيه طوال حياة معاوية. وكانت شروط الصلح تنص على ألا يعهد معاوية بالخلافة لأحد من ذريته، ويعود الأمر شورى بين المسلمين، لكنه قبل وفاته عهد بالخلافة إلى ابنه يزيد.
وعندما توفى معاوية سنة 60 هـ، بعث يزيد إلى والي المدينة الوليد بن عتبة، كي يأخذ مبايعة الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر. تقول بعض الروايات، عندما طلبهم الوليد للحضور، غادروا إلى مكة في منتصف الليل. بينما يقول البعض أن الحسين وابن الزبير ذهبا إلى الوليد ورفضا مبايعة يزيد، بسبب إخلال معاوية لشروط الصلح، ثم توجهوا إلى مكة. وسكن الحسين في بيت العباس بن عبد المطلب، بينما التجأ بن الزبير إلى المسجد الحرام، وبدأ يحرض الناس على بني أمية.
خروج الحسين بن علي إلى الكوفة
ظل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه في مكة المكرمة. لكن أهل الكوفة اعترضوا على خلافة يزيد وأرسلوا له الكثير من الرسائل يطلبون منه الحضور ومبايعته. بعد إلحاح شيعة الكوفة، أرسل الحسين إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، ليتأكد من صدقهم. وعندما تأكد له أنهم بالفعل يرغبون في مبايعته، خرج إلى الكوفة.
عندما علم بعض الصحابة والتابعين بخروجه إلى الكوفة، نصحوه بعدم الذهاب وأخبروه أن أهل العراق أهل غدر. وكان من المعارضين لخروجه، عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، ومحمد بن الحنفية، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو سعيد الخدري.
لكن الحسين أصرَّ وذهب إلى الكوفة مع أهل بيته في يوم التروية سنة 60 هـ. ولما علم الصحابة بخروجه، ظلوا يحاولون رده لكنه رفض واستمر في طريقه. وظل مسلم بن عقيل يأخذ مبايعة أهل الكوفة للحسين، رغم محاولة النعمان بن بشير والي المدينة منعه. لكن النعمان كان مسالمًا لينًا لا يحب سفك الدماء، فخلعه يزيد بن معاوية وعين مكانه عبيد الله بن زياد المسؤول عن مقتل الحسين.
تمكن عبيد الله بن زياد من الإمساك بمسلم وقتله، بعدما تخلى عنه أهل الكوفة وتركوه وحيدًا. وقبل مقتله لمح عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال له “إن الحسين قادم إلى الكوفة ومعه تسعون إنسانًا بين رجل وامرأة، فاكتب إليه بما أصابني”. ثم قال كلمته الشهيرة “ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي”. وقتل مسلم يوم 9 من ذي الحجة سنة 60 من الهجرة.
وصول الحسين بن علي إلى الكوفة
عندما كان الحسين رضي الله عنه على مشارف الكوفة، وصله خبر مقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، فخطب في أتباعه “إنه قد أتانا خبر فظيع، قُتِلَ مسلم بن عقيل، وهانئ بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف غير حرج، ليس عليه ذمام”. انصرف عنه معظم أتباعه، ولم يبقى معه إلا القليل، فنصحه البعض أن يعود، لكن بنو عقيل امتنعوا وأصروا أن يثأروا لمسلم.
واصل سبط رسول الله طريقه، وكان والي الكوفة على علم بذلك فأرسل له قائد الشرطة خارج المدينة. وذهب إلى الحسين الحر بن يزيد الرياحي ومعه ألف فارس، وكان قائد الشرطة نصحه أن يستدرج الحسين إلى داخل الكوفة.
ظل الحسين والحر بن يزيد سائرين حتى وصلوا إلى كربلاء، ووجد 4 آلاف مقاتل في انتظاره. ثم تسلل بعض أهل الكوفة لنصرة الحسين، وكان معه 32 فارسًا، و 40 رجلًا.
مقتل الحسين بن علي
وفي صباح الجمعة 10 محرم سنة 61 هـ، بدأ القتال بين الطرفين. قاتل الحسين ومن معه بكل شجاعة وصبر، لكنهم قُتِلوا في النهاية، وقُتِل من أهل بيته الكثير وعلى رأسهم ابنه علي الأكبر، وأبناء أخيه الحسن عبد الله، القاسم، أبو بكر.
في البداية لم يجرؤ أحد على قتل الحسين، ثم تكاثروا عليه، ضربه بن شريك التميمي، وطعنه سنان بن أنس وقطع رأسه. وقيل أن الذي قطع رأسه شمر بن ذي الجوشن، وأن الذي قتله زيد بن رقادة الحيني، وعمرو بن بطار التعلبي.
موقف يزيد بن معاوية من مقتل الحسين
عندما علم يزيد بن أبي سفيان باستشهاد الحسين بكى وقال “قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، ورحم الله الحسين”. وطلب من والي الكوفة أن يرسل له أهل بيت الحسين. ولما دخلت عليه فاطمة بنت الحسين قالت “يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا؟”، فقال “بل حرائر كرام”.
ثم أرسلهم إلى المدينة المنورة بصحبة النعمان بن بشير، وقال له كما ذكر ابن كثير الدمشقي “وأكرم آل بيت الحسين، ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في تجمل وأبهة عظيمة، وقد ناح أهله في منزله على الحسين مع آله حين كانوا عندهم ثلاثة أيام”.
أين دفن سيدنا الحسين بن علي؟
يوجد اختلاف كبير وأراء كثيرة حول المكان الذي دفن فيه رأس الحسين سيد شباب أهل الجنة. فيقال أنه موجود في دمشق وكربلاء والقاهرة، وقال آخرون أنه في المدينة المنورة وعسقلان والرقة. ورجح البعض أن قبر الحسين لا يعرف له أحد أي أثر.
المصادر:
ابن كثير: البداية والنهاية.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
الزركلي: الأعلام.
البلاذري: أنساب الأشراف.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *