السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أم المؤمنين أولى زوجات الرسول، وأول من أسلمت من النساء. تحظى بمكانة عظيمة ورفيعة في قلوب المسلمين جميعًا، بفضل دورها الكبير في دعم النبي ورسالته. لقد كانت ملاذ رسول الله ومأمنه ومسكنه، فحزن لوفاتها حزنًا شديد، وسمي العام الذي توفيت فيه بعام الحزن.

 

نسب السيدة خديجة

اسمها: خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب. يلتقي نسبها مع النبي في قصي بن كلاب.

أبوها: خويلد بن أسد، وهو سيد من سادات قريش الذين كان لهم مكانة كبيرة.

أُمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة.

جدتها: هالة بنت عبد مناف بن قصي بن كلاب.

إخوتها: عدي، العوام، نوفل، حزام، عمرو.

أخواتها: هالة، رقيقة، خالدة، الطاهرة.

أبناؤها: هند بن أبي هالة، هند بنت عتيق، القاسم، عبد الله، زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة.

 

نبذة عن حياة السيدة خديجة قبل الإسلام

ولدت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد في مكة 556 هـ، تقريبًا قبل ميلاد النبي بـ 15 سنة. كانت من بيت حسب ونسب وجاه، عرفت بسلوكها الطاهر في الجاهلية فلقبت بالطاهرة. كان ابن عمها ورقة بن نوفل حنفي على ملة إبراهيم، يقرأ التوراة والإنجيل. فكانت رضي الله عنها قريبة منه تترد عليه وتسأله عن أي منام أو رؤيا تراها.

اشتهرت السيدة خديجة برجاحة عقلها وكرمها وأصلها، فأصبحت محط أنظار شباب قريش. تزوجت من أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي، وأنجبت منه هند وهالة، ثم ترك لها ثروة كبيرة ومات. تزوجت بعده عتيق بن عائذ المخزومي، ثم طلقها وقيل توفي بعد أن أنجبت منه بنت اسمها هند.

 

تجارة السيدة خديجة بنت خويلد

كانت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد صاحبة تجارة، ترسل الرجال نيابة عنها إلى الشام واليمن. وكانت في حاجة إلى رجل صادق وثقة تأمنه على مالها حتى ينمو. في نفس الوقت كان محمد بن عبد الله يشتهر في مكة بصدقه وأمانته، وعندما علمت بأنه يبحث عن عمل وأن عمه أبو طالب شار عليه أن يعمل في تجارتها أرسلت إليه. ثم عرضت عليه العمل مقابل ضعف الأجر الذي تعطيه لأي شخص غيره، فقبل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وخرج مع غلامها ميسرة. أوصت خديجة الغلام أن يلبي طلبات محمد بن عبد الله وأن يرصد لها أحواله عندما يعود. باع النبي تجارته وربح ضعف الربح المطلوب وعاد إلى مكة في الظهيرة، فسرت السيدة خديجة من الربح ومما سمعته من غلامها عن محمد، فأعطته ضعف ما اتفقا عليه.

 

زواج السيدة خديجة والرسول

زادت مكانة النبي في قلب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، بعد ما رأته وسمعته عنه، فأعجبت بصدقه وأمانته. تحدثت عن هذا الأمر مع صديقتها نفيسة وقالت لها “يا نفيسة إني أرى في محمد بن عبد الله ما لا أراه في غيره من الرجال، فهو الصادق الأمين وهو الشريف الحسيب وهو الشهم الكريم، وهو إلى ذلك له نبأ عجيب وشأن غريب، وقد سمعت ما قاله غلامي ميسرة عنه، ورأيت ما كان يظلله حين قدم علينا من سفره، وما تحدث به الرهبان عنه، وإن فؤادي يكاد يجزم أنه نبي هذه الأمة”.

طلبت منها نفيسة أن تسمح لها بالذهاب إلى النبي، فأرسلتها إليه تعرض عليه الزواج منها، فقبل صلى الله عليه وسلم. وتزوجها رسول الله بعد عودته من الشام بشهرين وذبح جزورًا وأطعم الناس. وكان عمر السيدة خديجة 40 سنة والنبي 25 سنة، ولم يتزوج عليها أبدًا في حياتها، وكانت أول زوجاته. وأنزل الله في هذا الزواج قوله تعالي ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾، أي لقد كنت فقيرًا فأغناك الله بخديجة.

 

حياة خديجة بنت خويلد مع النبي

عاشت السيدة خديجة رضي الله عنها مع النبي 15 سنة قبل البعثة، وأنجبت أبنائها زينب ورقية وأم كلثوم، وفاطمة، والقاسم. أما عبد الله فأنجبته بعد البعثة، وانشغلت بتربية أولادها. وبعد أن مات القاسم، طلب النبي من عمه أبو طالب أن يتكفل هو بعلي ويربيه مع أبنائه، فاهتمت به السيدة خديجة مثل أبنائها. ثم توفي أخوها العوام، فاهتمت بتربية ابنه الزبير وهو ابن سنتين. وفي يوم عرض عليها ابن أخيها حكيم بن حزام بن خويلد غلمان، وقال لها اختاري من شئت، فاختارت زيد بن حارثة، ثم وهبته للنبي فأعتقه وتبناه قبل نزول الوحي. كان زيد أيضًا مثل أبنائها وربته واهتمت برعايته جيدًا. وكان علي والزبير وزيد، الثلاثة الذين ربتهم السيدة خديجة أول من آمنوا برسالة النبي.

 

نزول الوحي ودعمها للنبي

كانت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، تهتم بشؤون بيتها، في الوقت الذي كان النبي يذهب إلى غار حراء. كانت أيضًا تدعمه وتوفر له كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب، وأحيانًا كانت تذهب له بالمؤن في الغار وتبقى معه.

ويوم نزل عليه الوحي جاءه ملك وقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، ونزلت عليه سورة العلق. ثم انطلق إلى بيت خديجة وهو يرتجف وقال لها: زملوني زملوني، فزملوه. بعد أن هدأ النبي أخبرها بكل ما حدث معه، فقالت له “كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكَل وتكسب المعدوم وتُقري الضيف وتُعين على نوائب الحق”. بعد ذلك أخذته وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وأخبره النبي بما حدث معه، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى.

 

قصة إسلام السيدة خديجة بنت خويلد

كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أول من آمن بالنبي وأول من توضأ وصلى. فقد واكبت نزول الوحي، وصلت مع النبي أول صلاة بعد صلاته مع جبريل. لم يقتصر دورها على الإيمان برسالة زوجها، بل أصبحت سندًا له في وجه مشركي مكة الذين لم يتقبلوا الأمر. هجمت قريش على النبي وأذوه في بناته فقام عتبة بن أبي لهب بتطليق رقية، وعتيبة بن أبي لهب بتطليق أم كلثوم، فحزنت خديجة رضي الله عنها على بناتها.

وعندما فرضت قريش الحصار على بني هاشم بسبب النبي، تركت السيدة خديجة عائلتها وقوتها وذهبت مع النبي، وعانت مما عانى منه. لذلك كان صلى الله عليه وسلم يحبها ويمدحها، ولم يتزوج عليها في حياتها أبدًا، إكرامًا لها.

 

وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

توفيت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، قبل الهجرة بثلاث سنين، بعد وفاة عم النبي أبي طالب بثلاث أيام فقط. وكان عمرها يوم وفاتها 65 سنة، وعاشت مع النبي تقريبًا 25 سنة. حزن النبي عليها حزنًا شديدًا، وسمى العام الذي توفيت فيه بعام الحزن. كانت رضي الله عنها هي وعمه أبو طالب من أشد المدافعين عنه في وجه قريش، وبوفاتهم زاد عدوان المشركين وأذاهم للنبي.

ظل النبي يبرها ويثني عليها طوال حياته، حتى أن السيدة عائشة كانت تغار منها وهي متوفية. وروي أن النبي كان إذا ذبح الشاة يقول “أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة”.

 

 

المصادر:

ابن كثير: البداية والنهاية.

ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.

البلاذري: أنساب الأشراف.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن سعد الطبقات.

سيرة بن هشام.

ابن حجر: فتح الباري.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات