أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، هي زوجة الرسول وابنة عمته. عرفت بزهدها وكثرة تصدقها على الفقراء وحبها للخير، فسميت بـ “أم المساكين”. كان زواجها من النبي بأمر من الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات.
نسب زينب بنت جحش
اسمها: زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. وقيل كان اسمها ” برَّة” فلما تزوجها النبي سماها زينب.
مولدها: ولدت في مكة المكرمة سنة 32 قبل الهجرة.
أمها: أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله.
كنيتها: أم الحكم.
إخوتها: عبد الله بن جحش، عبيد الله بن جحش، أبو أحمد بن جحش.
أخواتها: حمنة بنت جحش، حبيبة بنت جحش.
إسلامها وهجرتها إلى المدينة
لم تذكر كتب السيرة والتراجم قصة إسلامها، لكنها أسلمت مبكرًا. قيل أنها رضي الله عنها كانت ممن هاجروا إلى الحبشة، ثم عادت إلى مكة، لكن أنكر بعض العلماء ذلك. وعندما أذن النبي للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، كانت أول المهاجرات، بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
زواج زينب بنت جحش وزيد بن حارثة
أرسلت أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش إلى رسول الله تستشيره في أمر زواجها بعد أن تقدم لها رجال من قريش. اختار النبي زيد بن حارثة ليكون زوجًا لها، لكنها لم تقبل ذلك على نفسها، فهي ذات حسب ونسب، أما هو فمولى النبي وتبناه قبل البعثة.
وقد ورد أنها قالت للنبي “أنا ابنة عمتك يا رسول الله، فلا أرضاه لنفسي”، فأنزل الله سبحانه وتعالى ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾. وأمام أمر الله وافقت السيدة زينب ورضيت بالزواج من زيد بن حارثة.
وتم الزواج على 10 دنانير، و 60 درهمًا، ودرع، وإزار، وملحفة، وخمار، و 30 صاعًا من تمر، و50 مدًا من طعام. وكان هذا الزواج سببًا لتحطيم الفوارق الاجتماعية في ذلك الوقت بين طبقة الأحرار وطبقة الموالي.
طلاقها من زيد
تزوجت السيدة زينب بنت جحش زيد بن حارثة قرابة السنة، لكن وقع بينهما خلاف. ذهب زيد إلى النبي يشكوا له ويخبره رغبته في الطلاق منها، لكن رسول الله قال له ” أمسك عليك زوجك واتق الله”.
الله سبحانه وتعالى كان قد أخبر النبي أن ابنة عمته زينب بنت جحش ستكون واحدة من زوجاته بعد أن يطلقها زيد بن حارثة. فخشى النبي مما سيقوله المنافقين، لأن زينب هي زوجة ابنة النبي بالتبني.
فنزل قول الله تعالى ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾.
وأراد الله بهذا الزواج أن يسقط التبني، وكان النبي أول من يطبق ذلك. حيث كان زيد ينسب للنبي فيقال له زيد بن محمد، وبعد نزول هذه الآية أصبح يعرف بـ زيد بن حارثة.
زواج زينب بنت جحش من النبي
كان النبي يجلس مع السيدة عائشة عندما جاءه الوحي، فغشي عليه وابتسم، ثم قال “من يذهب إلى زينب، ويبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء”. وقيل أن رسول الله أرسل لها زيد بن حارثة فقال لها “يا زينب أبشري، فإن رسول الله يخطبك”. ففرحت السيدة زينب فرحًا شديدًا. وقالت “ما أنا بصانعةٍ شيئًا، أو ما كنت لأحدث شيئًا، حتى أُؤامر ربي عز وجل”.
قال ابن عباس لما علمت زينب بزواجها من النبي سجدت. وذكر آخرون أنها فرضت على نفسها صيام شهرين، وأهدت من ساق لها البشرى حليًا لها كانت تلبسه. وتزوجت النبي في شهر ذي القعدة سنة 5 هـ، وهي ابنة 35 سنة، حسب ما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية. وقيل تزوجته سنة 3 هـ، وقيل سنة 4 هـ. وكانت رضي الله عنها تتفاخر على زوجات النبي وتقول “إن الله أنكحني في السماء”.
وبعد زواج النبي وزينب بنت جحش تكلم المنافقون، وقالوا أنه تزوج من زوجة ابنه، فنزل الوحي بقوله تعالي ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾.
فضائلها
كانت أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش زوجة الرسول، تتمتع بمكانة رفيعة، وقد ذكرت ذلك عائشة في قولها “كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي، ولم أر امرأة قط خير في الدين منها”.
عرفت بزهدها وبحبها للخير وكثرة تصدقها، حتى اشتهرت بـ أم المساكين. ووصفها رسول الله بأنها أواهة، فقد كانت كثيرة العبادة.
كانت تشعر بالفخر وتتفاخر على زوجات النبي وتقول لهم “زوجكن أهليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات”. وكانت أيضًا تقول للنبي “أنا أعظم نساءك عليك حقًا، أنا خيرهن منكحًا، وأكرمهن سترًا، وأقربهن رحمًا، وأنا ابنة عمتك، ليس لك من نسائك قريبة غيري”.
وعندما أطال بعض الصحابة في المكوث بعد وليمة عرسها، أنزل الله آية الحجاب.
كان النبي صلى الله عيه وسلم، عندما يجلس في بيتها يشرب عسلًا، فاتفقت عائشة وحفصة إذا دخل على واحدة منهن تقول له: “أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟”. وعندما دخل على إحداهن قالت له ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم ” لا، بل شربت عسلًا عند زينب، ولن أعود له”. فأنزل الله أول سورة التحريم.
اشتهرت بعملها بيدها وكسبها المال من عرق جبينها، ثم نفقة ما تجنيه على المساكين.
كانت زينب بنت جحش من رواة الحديث أيضًا، فقد روي عنها 11 حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على حديثين.
كما حضرت مع النبي غزوة الطائف هي وأم سلمة رضي الله عنهما، فجهز لهما قبتان وصلى النبي بينهما. ثم شاركت أيضًا في غزوة خيبر، ثم حضرت مع النبي حجة الوداع.
بعد وفاة النبي لزمت بيتها، ولم تخرج للحج من بعده. وكانت نساء النبي يذهبن للحج إلا سودة بنت زمعة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما، وقالتا “لا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفاتها
كانت أم المؤمنين زينب بنت جحش أول نساء النبي لحاقًا به، واختلف في السنة التي ماتت فيها. قيل توفيت سنة 20 هـ وقيل سنة 21 هـ. وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَسرعكن لَحاقًا بِي أَطولكن يدًا” قَالَتْ: فكانت أطولنا يدًا هي زينب، لأنها كانت تتصدق وتعمل بيدها”.
ماتت رضي الله عنها ولم تترك خلفها دينارًا واحدًا. دفنت في البقيع وصلى عليها عمر بن الخطاب، وأمر بفسطاط فضرب على قبرها، وكان أول فسطاط يضرب على قبر في البقيع.
وتم بيع بيتها بعد وفاتها مقابل 50 ألف درهم للوليد بن عبد الملك من أجل توسيع المسجد النبوي.
المصادر:
الزركلي: الأعلام.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
البلاذري: أنساب الأشراف.
ابن كثير: البداية والنهاية.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق