الصحابية هند بنت عتبة رضي الله عنها، زوجة أبي سفيان وأم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. كانت سيدة من سيدات العرب اللاتي تمتعن بصيت كبير وشهرة تخطت حدود قريش. اشتهرت بقوتها وعنفوانها وشخصيتها القوية، فكانت سيدة بنت سيد، تشعر بذاتها وأصلها وتتفاخر به، وربت أبنائها على ذلك. كانت ترى في ابنها معاوية سيدًا لكل العرب وليس قبيلته فقط، وهذا ما حدث بالفعل عندما أسس الدولة الأموية.

 

من هي هند بنت عتبة

كانت الصحابية هند زوجة أبو سفيان، امرأة ذات شأن في الجاهلية وذاع صيتها بين قبائل العرب أجمع. فهي ابنة عائلة غنية وأبوها سيد من سادات قريش. ثم تزوجت أيضًا سيد آخر من سادات مكة ورئيسها بعد غزوة بدر.

اسمها: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.

أمها: صفية بنت بن أمية حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال.

إخوتها: الوليد بنت عتبة ( قتل في غزوة بدر مع عمه وأبوه)، أبو حذيفة بن عتبة، أبو هاشم بن عتبة.

أخواتها: أم هاشم بنت عتبة، فاطمة بنت عتبة، عاتكة بنت عتبة.

أبناؤها: أبان بن حفص بن المغيرة المخزومي، معاوية بن أبي سفيان بن حرب القرشي، عتبة بن أبي سفيان، أم الحكم بنت أبي سفيان، جويرية بنت أبي سفيان.

 

قصة هند بنت عتبة وزوجها الأول

تقول إحدى الروايات أن السيدة هند بنت عتبة تزوجت في الجاهلية من حفص بن المغيرة المخزومي، وأنجبت منه ابنها أبان. لكن تقول رواية ثانية أنها تزوجت من الفاكه بن المغيرة المخزومي، وخلال شهرين تطلقت منه.

يقال أن الفاكه عندما تزوجها كان له بيت يستضيف فيه الناس ويدخلوه بلا إذن. وفي يوم ذهبا الاثنين إليه ونامت هند فيه، وتركها الفاكه وذهب. عند رجوعه وجد رجلًا خارجًا من البيت، ورأى هند نائمة. سألها من هذا الخارج من عندك؟ فقالت له لم انتبه لوجود أحد، وهنا قال لها اذهبي لأبيك، واتهمها بالفاحشة.

أخبرت هند أبيها عتبة بن ربيعة بما حدث، وأن زوجها كاذب، فذهب بها إلى كاهن من كهنة اليمن. وخرج معهم نساء ورجال من القبيلتين ليشهدوا على كلام الكاهن. عندما رأى الكاهن هند مسح على رأسها وقال لها: قومي غير رسحاء ولا زانية، وسوف تلدين ملكًا اسمه معاوية. حاول الفاكه أن يمسك يدها، لكنها ألقت بها بعيدًا، وقالت له: والله لأحرصن أن يكون ذلك الولد من غيرك.

 

زواجها من أبي سفيان

بعد طلاق الصحابية هند بنت عتبة من زوجها الأول طلبها رجال آخرون من قريش. فتقدم لخطبتها أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو. دخل عليها أبيها عتبة بن ربيعة يبشرها بالخير، فقالت له هند أخبرني بخصالهما حتى أختار من أتوافق معه. بدأ أبوها يحكي لها صفات كل رجل منهم، فرفضت سهيل بن عمرو وقالت عنه “سيد مضياع للحرة”. وقبلت بأبي سفيان وقالت عنه “إنه بعل الحرة العفيفة”، فتزوجته وأنجبت منه الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان.

 

شعر هند بنت عتبة

وقعت غزوة بدر سنة 2 من الهجرة، وقتل خلال المعركة والدها عتبة بن ربيعة، وأخيها الوليد بن عتبة، وعمها شيبة بن ربيعة. علمت هند أن الخنساء تقول أنها أعظم العرب مصيبة، بسبب موت أخويها، وأنها قالت فيهم رثاء تتناوله العرب.

ولما أصيبت هند في أبيها وأخيها وعمها، أمرت أن ينصب لها خيمة في سوق عكاظ بالقرب من الخنساء، حتى تنافسها في الرثاء. وعندما رأتها الخنساء قالت لها: من أنت يا أخية؟، فردت عليها قائلة: أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب في مصيبتك، فبما تعاظمينهم؟، فردت الخنساء: بعمرو بن الشريد، وصخر، ومعاوية ابني عمرو، وبم تعاظمينهم أنت؟ قالت: بأبي وعمي وأخي، قالت الخنساء: أو سواء هم عندك، ثم أنشدت الخنساء تقول:

أبكي أبي عـمـراً بعين غزيرة

قـليل إذا نام الخـلي جحـودها

و صنوي لا أنسَ مـعاوية الذي

لـه من سـراة الحـرتين وفودها

صخرا ومن ذا مثل صخر إذ

غدا بسلهبه الأبطال قبا يقودها

فذلك يا هـند الرزية فاعلمي

ونيـران حـرب حين شـب وقودها

 

فأجابتها هند:

أبـكي عـميد الأبطـحـين كليهما

وحـاميـهما مـن كـل باغ يريدها

أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي

وشيبة والحامي الذمار وليـدها

أولـئـك آل المجـد من آل غالب

وفي العز منها حين ينمي عديدها

 

هند في غزوة أحد

وقعت غزوة أحد سنة 3 من الهجرة، ودخلتها قريش انتقامًا لهزيمتهم في غزوة بدر. وكانت هند ما زالت حزينة على أبيها وأخيها وعمها الذين قتلوا يوم بدر، وتريد الانتقام لهم. ذهبت هند مع الجيش وحضرت القتال، وكانت تلهب مشاعر رجال قريش وتحرضهم على قتل المسلمين. خلال المعركة قتل وحشي غلام جبير بن مطعم حمزة بن عبد المطلب عم الرسول. وكان سيده وعده إذا قتله سيعتقه.

تقول إحدى الروايات أن هند بنت عتبة عندما رأت سيدنا حمزة مقتولًا مثلت به، كما كان يحدث في الجاهلية، وفتحت بطنه وأخرجت كبده، وحاولت مضغه لكنها لفظته. وعندما علم رسول الله  بذلك حزن حزنًا شديدًا على عمه وقال “لو أساغتها لم تمسها النار”.

 

إسلام هند زوجة أبو سفيان

عندما أسلمت الصحابية هند بنت عتبة رضي الله عنها، مُسِحت كل أخطائها في الجاهلية، فالإسلام يمحي ما قبله، وحسن إسلامها كما جاء في الأحاديث التي رويت عن رسول الله.

أسلمت يوم فتح مكة سنة 8 من الهجرة، وأخبرت زوجها أبو سفيان أنها تريد مبايعة النبي، فطلب منها أن تذهب مع رجل من قومها، حتى يشفع لها أفعالها. قيل أنها ذهبت مع أخيها أبو حذيفة بن عتبة أو مع عثمان بن عفان، ودخلت على النبي وهي منتقبة.

بايعت النبي، ثم كشفت عن نفسها، وقالت له “أنا هند بنت عتبة”، فقال لها رسول الله “مرحبًا بك. ثم شكت له أبو سفيان وأنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها هي وولدها. فقال لها النبي ” خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك”.

 

جهادها ودورها في الإسلام

أسلمت الصحابية هند بنت عتبة زوجة أبو سفيان وحسن إسلامها، وأصبحت تجاهد في سبيل الله. ثم رسخت جهودها وقوة شخصيتها في خدمة الإسلام، فحضرت غزوة اليرموك برفقة زوجها، وكانت تشجع المسلمين على قتال الروم.

وعندما تولى يزيد بن أبي سفيان قيادة الجيش في الشام وكان معاوية يعاونه، قال أبو سفيان لها “لقد صار ابنك تابعًا لابني”، ردت هند “إن اضطرب حبل العرب، فستعلم أين يقع ابنك مما يكون فيه ابني”.

 

وفاتها

اختلف في العام الذي توفيت فيه الصحابية هند بنت عتبة زوجة أبو سفيان رضي الله عنها. قيل أنها ماتت في خلافة عمر بن الخطاب في نفس اليوم الذي مات به والد أبو بكر الصديق “أبو قحافة. وقيل أنها ماتت في خلافة عثمان بن عفان.

 

المصادر:

الزركلي: الأعلام.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

البلاذري: أنساب الأشراف.

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب.

البلاذري: فتوح البلدان.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

سيرة ابن هشام.

الطبري: تاريخ اأمم والملوك.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات