سيرة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، حافلة بالإيمان ومحبة رسول الله، الذي روى عنه مئات الأحاديث ونقلها منه التابعين وتابعي التابعين. وله فضل كبير في حفظ الأحاديث النبوية التي تحتوي على أحكام شرعية يستند إليها في الفتاوى إلى يومنا هذا.

 

نبذة عن أبي هريرة

هو صحابي جليل ومحدث وحافظ وفقيه وواحد من أعلام قراء الحجاز. ولد سنة 21 قبل الهجرة. بعد إسلامه لازم رسول الله وحفظ عنه مئات الأحاديث الشريفة، حتى أصبح أكثر صحابي حفظًا وراوية للحديث. بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع حوله ما بقى من الصحابة والتابعين، كي ينقلوا عنه العلم.

ذكر البخاري أن حوالي 800 طالب وتابعي التفوا حوله ورووا عنه الحديث. وبالإضافة إلى حفظه للقرآن والحديث، تولى أيضًا مهامًا إدارية في الدولة الإسلامية، ففي عهد عمر بن الخطاب تولى ولاية البحرين، كما تولى ولاية المدينة المنورة عام 40 هـ، لمدة سنة واحدة. وبعد ذلك تفرغ لتعليم الناس وتفقهيهم في الدين حتى توفى عام 59 هـ.

 

نسب أبي هريرة رضي الله عنه

اسمه قبل الإسلام: عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي اليمامي. واختلف العلماء في اسمه على أقوال كثيرة، لكن الراجح أن اسمه كان ” عبد الرحمن بن صخر”، وقيل ” عبد بن غنم” وقيل ” عبد شمس بن صخر”، وقيل ” عبد شمس بن عامر”.

 اسمه في الإسلام: “عبد الله” أو ” عبد الرحمن”.

فقد روي عنه أنه قال “كان اسمي في الجاهلية عبد شمس، فسماني رسول الله عبد الرحمن.

كنيته: أبو هريرة.

أمه: قيل اسمها ميمونة أو أميمة أو أمينة أو صفية.

أخوته: يقال كان له أخ يسمى “كريم”.

خاله: سعيد بن صبيح، فقد ذكر بن قتيبة ” كان سعيد بن صبيح خال أبي هريرة من أشد الناس”.

ابن عمه: أبو عبد الله الأغر.

زوجته: بسرة بنت غزوان.

أبناؤه: المحرر، عبد الرحمن، بلال.

 

لماذا سمي أبو هريرة؟

كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، يحمل هرة دائمًا ويعتني بها، لذلك كان النبي يدعوه “أبا هر”. فقد روي عنه أنه قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ “أَبَا هِرٍّ الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ إِلَيَّ”.

 

متى أسلم أبو هريرة؟

ولد أبو هريرة رضي الله عنه، يتيمًا في أرض اليمن، تحديدًا في قبيلة دوس الأزدية. ولما دعاه الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام، أسلم في الحال. بعد إسلامه هاجر إلى النبي في المدينة المنورة ومعه مجموعة من قبيلته، سنة 7 هـ. عندما وصل إلى المدينة كان عمره 28 سنة، وقيل وصل وقت غزوة خبير، لكن اختلفوا في مشاركته في القتال من عدمه. قال ابن البر: “أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

 

صفات أبو هريرة

كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، محب للعبادة كثير التعبد، فقد روي حفيده  “نعيم بن المحرر” أنه كان له خيطًا فيه 1000 عقدة لا ينام حتى يسبح به. كما روى أحد التابعين أنه نزل ضيفًا في بيت أبي هريرة، فوجده يقسم الليل إلى ثلاثة بينه وبين خادمه وزوجته، يصلي أحدهم ثم يوقظ الآخر”.

كان أبو هريرة دائم الحمد على ما أنعم الله به عليه، فقد روي أنه قال بعد أن صلى بالناس “الحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا؛ بعد أن كان أجيرًا لابنة غزوان على شبع بطنه، وحمولة رجله، فزوجنيها الله، فهي امرأتي”.

اشتهر أيضًا رضي الله عنه بأنه كان شديد الكرم، فقد روي أن رجل من قبيلة الطفاوة أثنى عليه وقال ” نزلت على أبي هريرة بالمدينة ستة أشهر، فلم أر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلاً أشد تشميرًا، ولا أقوم على ضيف، من أبي هريرة”.

تميز أبو هريرة أيضًا بقدرته الكبيرة على الحفظ، فقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم 5374 حديث.

 

حياته في الإسلام

بعد أن وصل أبو هريرة رضي الله عنه إلى المدينة المنورة ظل في المسجد النبوي، وكان من أهل الصفة، الذين لا بيت لهم ولا أهل. انقطع عن الدنيا ورافق النبي لمدة 4 سنوات تقريبًا، عاش عيشة المساكين، ولازم الرسول حتى أنه كان يدخل معه بيوت نسائه، يخدمه، ويرافقه في الحج، وشهد معه فتح مكة سنة 8 هـ. ومن كثرة وجوده مع النبي أصبح أعلم الصحابة بحديث رسول الله، حتى أن الصحابة السابقين في الإسلام كانوا يسألونه لثقتهم بمعرفته الكبيرة.

كان أبا هريرة جريئًا يسأل النبي في كل شيء، كما أعطاه صلى الله عليه وسلم بعض المهمات مثل حفظ أموال زكاة شهر رمضان الكريم، وأرسله مؤذنًا لأهل البحرين برفقة العلاء بن الحضرمي.

 

دوره في عهد الخلفاء الراشدين

في عهد أبي بكر الصديق شارك في حروب الردة، وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب شارك في فتوحات فارس. ثم عينه سيدنا عمر والي على البحرين، وعندما عاد إلى المدينة كان معه أموال كثيرة بلغت قيمتها 10 آلاف. ارتاب أمير المؤمنين في مصدر أمواله، لكن أبو هريرة أثبت أن هذا المال ربح تجارته، وتبين صدقه. بعد هذا الموقف أراد عمر أن يرسله مره ثانية إلى البحرين لكنه رفض ذلك، وفضل أن يعلم الطلاب الأحاديث ويفقه الناس في أمور دينهم.

كان أبو هريرة من المدافعين عن عثمان بن عفان والمناصرين يوم قتل. لذلك كانت علاقته جيدة بالأمويين الذين تذكروا موقفه دائمًا. لكن ذكر أنه رضي الله عنه عنف مروان بن الحكم عندما منع دفن الحسن بن علي بن أبي طالب بجوار جده رسول الله. وقال له “تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب”، يقصد بذلك معاوية.

 

أحاديث أبو هريرة

ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء، أن أحاديث أبي هريرة في مسند بقي بن مخلد، وصلت 5374 حديث. اتفق البخاري ومسلم على 326 حديث، وانفرد مسلم 98 حديثًا، والبخاري بـ 93 حديثُا.

وذكر البخاري أن طلبة العلم الذين التفوا حول أبي هريرة طلبًا لأحاديث النبي كانوا حوالي 800 رجل وامرأة. وكان أبو هريرة يحفظ الحديث في صدره دون أن يكتبه، كما حفظ القرآن الكريم.

روى أبو هريرة عن النبي والسيدة عائشة وعمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وأسامة بن زيد وأبي بن كعب والفضل بن العباس وكعب الأحبار وبصرة بن أبي بصرة.

أما الذين رووا عنه فكُثُر أشهرهم: عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس، أنس بن مالك، سعيد بن المسيب، ابنه المحرر بن أبي هريرة.

 

وفاة أبو هريرة رضي الله عنه

اختلف في السنة التي توفي فيها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، على أقوال كثيرة. قيل أنه مات سنة 57هـ، وقيل  58 هـ، وقيل 59 هـ. توفي في العقيق، ثم نقل إلى المدينة المنورة وصلى عليه أميرها الوليد بن عتبة، وتم دفنه بالبقيع. وعند وفاته كان له دار أوصى بها لمواليه من بعده.

 

المصادر:

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

الزركلي: الأعلام.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات