الصحابي الجليل سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه، الخزرجي الأنصاري. هو سيد قبيلة الخزرج في الجاهلية. أسلم مبكرًا، وشهد بيعة العقبة الثانية. استقبل المهاجرين وسخر أمواله لخدمتهم، وأغدق عليهم بجوده وكرمه. اشتهر رضي الله عنه هو وابنه قيس بن سعد بن عبادة بالجود والكرم، فلم يكن لكرمهما مثيل. ففي الوقت الذي استقبل فيه كل بيت من بيوت الأنصار مهاجرًا أو اثنين، كان يستقبل في بيته بالعشرات ويكرمهم.
نسب سعد بن عبادة
اسمه : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن النعمان بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن الأزد.
أبوه: عبادة بن دليم بن حارثة النعمان. كان مشهورًا بالكرم في الجاهلية، وورث هذه الصفة لابنه.
أمه: عمرة بنت مسعود.
أولاده: قيس بن سعد بن عبادة، سعيد بن سعد بن عبادة.
سلالته
ينسب له بنو الأحمر أو بنو نصر أو النصريون، وهي سلالة عربية حكمت مملكة غرناطة، في أواخر العصر الإسلامي في الأندلس. وظل بنو الأحمر يحكمونها حتى سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في بلاد الأندلس. وكانت النهاية في عهد الملك أبو عبد الله الصغير آخر ملوك بني الأحمر. ونشأت دولة بني الأحمر عام 1232، وسقطت عام 1492 م.
إسلامه
أسلم الصحابي الجليل سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه، قبل هجرة النبي إلى المدينة المنورة، خلال بيعة العقبة الثانية أو قبلها. كان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل مصعب بن عمير بعد بيعة العقبة الأولى إلى يثرب ليعلم الناس أمور دينهم. رجع مصعب إلى المكة في موسم الحج ومعه 73 رجلًا وامرأتين من الأنصار. وقالوا للنبي: نبايعك يا رسول الله. فطلب منهم النبي أن يبايعوه على السمع والطاعة، والنفقة في اليسر والعسر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن ينصروه ويدافعوا عنه كما يدافعوا عن أولادهم وأزواجهم وأرواحهم.
بايعوه جميعًا، فكان الرجال يصفقون على يد النبي، أما النساء فقال لهما صلى الله عليه وسلم “قد بايعتكما، إني لا أصافح النساء”. ثم طلب من الأنصار اثنا عشر نقيبًا، فأخرجوا 9 رجال من الخزرج وفيهم سعد بن عبادة رضي الله عنه، و 3 رجال من الأوس. وقال لهم رسول الله “أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي”.
تعذيبه على يد قريش
بعد انتهاء بيعة العقبة الثانية سرًا، علمت قريش بأمر الأنصار وأنهم بايعوا النبي ويقفون ورائه. بالإضافة إلى اتفاقهم على الهجرة، فجنَّ جنونهم. قرر أسياد مكة مطاردة كل من كان في بيعة العقبة خلال سفرهم. فأمسكوا بالمنذر بن عمرو وسعد بن عبادة، لكن المنذر استطاع الهرب من بين أيدهم. ثم أخذوا سيدنا سعد وربطوه ورجعوا به لمكة، وتجمعوا حوله وأبرحوه ضربًا. لكن الحارث بن حرب بن أمية وجبير بن مطعم ذهبا وخلصاه من التعذيب، لأنهما كانوا يتجارون معه. وبينما كان الأنصار يتشاورن من أجل الذهاب إلى مكة وتخليصه، لحق بهم وعادوا جميعًا إلى يثرب.
كرم سعد بن عبادة
كان رضي الله عنه جوادًا كريمًا بالفطرة والوراثة، فقد كان أبيه عبادة بن دليم مشهورًا بكرمه وجوده في الجاهلية. ورغم كرمه الكبير، فقد زاد جودًا على جوده في الإسلام، وسخر أمواله وكل ما يملك لخدمة إخوانه المهاجرين. فقد قالوا عن كرمه “كان الرجل من الأنصار ينطلق إلى داره بالواحد من المهاجرين أو بالاثنين أو بالثلاثة، وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين”.
كان رغم ثراءه يدعوا الله بأن يرزقه المزيد، حتى يساعد الجميع وينفق عليهم، فقد كان دعاء سعد بن عبادة “اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه”. ودعا له النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء “اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة”.
دوره في الغزوات والحروب
كان سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه يجيد السباحة ورمي السهام، واستخدم مهارته وقوته في كل الغزوات. حضر مع النبي غزوة بدر وأحد والخندق وحنين وفتح مكة. وكان يحمل راية الأنصار خلال المعارك، فعن عبد الله بن عباس قال “كان لرسول الله في المواطن كلها رايتان، مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار”.
موقف سعد بن عبادة يوم السقيفة
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، اجتمع المسلمون من الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة. اتفق جميع الأنصار أوس وخزرج على مبايعة سعد بن عبادة.
في الوقت ذاته كان أبو بكر الصديق مجتمع بالمهاجرين وكان النبي وكله بإمامة المصلين عند مرضه. وعندما علم عمر بن الخطاب وأبو بكر باجتماع الأنصار ذهبوا إليهم. رشح أبو بكر عمر وأبي عبيدة بن الجراح للخلافة، فأبى عمر ذلك
عندما ارتفعت الأصوات قال عمر بن الخطاب “يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر. فقال عمر: أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار”.
كما بايعه أيضًا الصحابي الجليل سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه، وقال له بعد خطبته “صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء”.
كيف مات سعد بن عبادة
وفاة سعد بن عبادة رضي الله عنه تشكل جدلًا كبيرًا بين الباحثين، وتعددت الأقوال في سبب ومكان وفاته:
ذكر البعض أنه قتل في بلاد الشام ومات هناك.
قيل وجدوه ميتًا في مكان اغتساله، وجسده مخضرًا، وكان على خلاف مع أبي بكر الصديق، ولم يعرفوا سبب موته.
ذكر أيضًا أنه توفي في مدينة البصرة في العراق، خلال فتحها.
قيل أن وفاته كانت خلال خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم يعرف أحد سبب موته.
قيل أنه جلس في نفق يقضي حاجته، فمات ووجدوه أخضر اللون. وأعادوا العلة للدغة حشرة.
ذكر أيضًا أنه لم يحضر بيعة أبي بكر الصديق وذهب إلى الشام ومات في حوران.
قيل أنه مات ولم يشعروا بموته ووجدوا جسده أخضرًا، وسمع أحدهم قائلًا يقول “قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة، رميناه بسهم فلم يخط فؤاده”.
سعد بن عبادة والجن
قيل أن موت الصحابي الجليل سيدنا سعد بن عبادة كان بسبب الجن، وأنه لما مات حزنوا عليه حزنًا شديدًا. وذكر بعض المؤرخين أنه كان يبول فقتلته الجن. ففي رواية ابن جريج عن عطاء، أنه لما وجدوه ميتًا وقد تحول لونه إلى الأخضر. وسُمِع صوت يقول ” قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة”. وذكر ابن سيرين، بينما سعد يبول واقفًا مات، قتلته الجن.
لكن هذه الرواية منقطعة السند، وشكك فيها الألباني والذهبي، ولا يوجد أي سند صحيح لهذه القصة الغريبة.
المصادر:
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن كثير: البداية والنهاية.
البلاذري: أنساب الأشراف.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *