الصحابي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام. إنه أحد الستة الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليكونوا أصحاب الشورى في اختيار خليفة المسلمين من بعده. قال عنه صلى الله عليه وسلم “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله”.

 

من هو طلحة بن عبيد الله؟

اسمه: طلحة بن عبيد الله اللّه بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر. يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب.

أمه: الصعبة بنت عبد الله بن عماد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج بن إياد بن الصّدف بن حضرموت بن كندة.

 إخوته: عثمان بن عبيد الله، مالك بن عبيد الله.

زوجاته: حمنة بنت جحش، خولة بنت القعقاع، أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، أم أبان بنت عتبة بن ربيعة، سُعدة بنت عوف المريَّة، أم الحارث بنت قسامة، الفزعة بنت علي، قريبة بنت أبي أمية، وأروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

أبناؤه: كان لطلحة بن عبيد الله 11 ولدًا على أسماء الأنبياء، و4 بنات:

الأولاد: محمد، عمران، موسى، يعقوب، إسماعيل، إسحاق، زكريا، يوسف، يحي، عيسى، صالح.

البنات: عائشة، أم إسحاق، الصعبة، مريم.

 

قصة الصحابي طلحة بن عبيد الله

ولد الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، في مكة المكرمة تقريبًا سنة 28 قبل الهجرة. كان حسن الوجه، كثيف الشعر، وجهه أبيض يميل إلى الحمرة. وهو من السابقين إلى الإسلام، وواحد من الثمانية الذين أسلموا على يد أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

قال طلحة بن عُبيد الله: حضرتُ سوق بُصْرى فإذا راهب في صومعته يقول: سَلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحد من أهل الحرم؟ فقلت نعم أنا. فقال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومَن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء ومخرجه من الحرم ومُهاجَرُه إلى نَخْلٍ وحَرّةٍ وسِباخٍ، فإياك أنْ تُسْبَقَ إليه.

قال طلحة رضي الله عنه: فوقع في قلبي ما قال، فخرجت سريعًا حتى قدمت مكة فقلت: هل كان من حدثٍ؟ قالوا: نعم محمد بن عبد الله الأمين تنبّأ وقد تبعه ابن أبي قُحافة. قال فخرجت حتى دخلت على أبي بكر فقلت: أتَبِعْتَ هذا الرجل؟ قال: نعم، فانطلق إليه فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق.

فأخبره طلحة بما قال الراهب، ثم انطلقوا إلى رسول الله ﷺ، فأسلم طلحة، وأخبر النبي بما قال الراهب فسر رسول الله ﷺ، بذلك.

 

فضائل طلحة بن عبيد الله

لطلحة بن عبيد الله فضائل كثيرة، فهو من السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة والشهادة. حضر كل الغزوات مع النبي، عدا غزوة بدر، لأن رسول الله أرسله للتجسس. وفي غزوة أحد ظل يدافع عن رسول الله حتى شلت يداه. قال ابن أبي خالد عن قيس: “رأيت يد طلحة التي وَقَى بها رسول الله يوم أُحد شَلَّاءَ”.

ذات يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم على غار حراء، ومعه أبو بكر وطلحة والزبير وعثمان. عندما تحرك الجبل قال صلى الله عليه وسلم ” أسكن حراء، فما عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيد”. وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر لطلحة”.

كان طلحة كريمًا سخيًا منفقًا لماله على المحتاجين. فقد روي أنه باع أرض له بـ 700 ألف، فبات ليلته مهمومًا، وما أن طلع الصبح حتى فرق المال كله.

ومن مناقب طلحة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، توفي وهو راضٍ عنه، فعن عمر بن الخطاب قال “توفي رسول الله وهو عنه راض”.

 

ألقاب طلحة بن عبيد الله

لقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدة ألقاب:

طلحة الفياض، لأنه حفر بئرًا ونحر جزورًا، فقال له النبي “يا طلحة الفياض”.

طلحة الخير: حيث قال “سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أحد طلحة الخير”.

وطلحة الجود: حيث قال “سماني رسول الله طلحة الجود يوم خيبر”.

 

الصحابي طلحة بن عبيد الله في عهد الخلفاء الراشدين

بعد وفاة النبي بايع  طلحة أبي بكر بالخلافة، وظل صديقًا وسندًا. وبعد وفاة أبو أبكر لم يكن راضيًا على خلافة عمر، لأنه كان يرى فيه غلظة، ولكن بايعه في النهاية من أجل مصلحة المسلمين. وبعد وفاة عمر رضي الله، عنه اختاره من أصحاب الشورى الستة لاختيار الخليفة، وحجته أن رسول الله مات وهو راضٍ عنهم. والصحابة الستة هم: علي بن أبي طالب، عثمان بن أبي عفان، طلحة بن عبيد الله، عبد الرحمن بن عوف، الزبير بن العوام، سعد بن أبي وقاص.

بعد دفن سيدنا عمر، اجتمع أصحاب الشورى في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وبعد صلاة الصبح، آخر يوم من شهر ذي الحجة عام 23 هـ، وقع الاختيار على عثمان بن عفان رضي الله عنه. فبايع طلحة عثمان وظل مناصرًا له في الفتن. ولما استشهد ندم على تركه له وقال “إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى”.

 

وفاة طلحة بن عبيد الله

بعد استشهاد عثمان، بايع طلحة الإمام علي بن أبي طالب. ثم طلب منه أن يعجل بالقصاص من قتلة عثمان، لكن عليًا طلب منه التريث. وبعد مرور 4 شهور من استشهاد عثمان، خرج طلحة والزبير بن العوام لأداء فريضة العمرة في مكة المكرمة، وهناك التقوا بالسيدة عائشة رضي الله عنها. ثم دعوا الناس إلى الأخذ بثأر عثمان، وكان ذلك في شهر ربيع الآخر سنة 36 هـ.

بعد ذلك توجهوا للبصرة والكوفة كي يستعينوا بأهلها، فخرج لهم والي البصرة على أبوب المدينة ليمنعهم من الدخول، وطلب منهم التريث حتى يأتي الخليفة. لكن اشتعل الوضع أكثر بين جيش طلحة والزبير ما بين موافق ومعارض، فنشب القتال، وقُتِل عدد من قتلة عثمان. ثم سيطر طلحة والزبير على البصرة، لدرجة أنهم وصلوا لبيت مال المسلمين.

عندما وصل علي أرسل إليهم القعقاع بن عمر، فاتفقا على الصلح. وفي الوقت الذي نوى الطرفين على الرحيل والصلح، اجتمع جماعة من قتلة عثمان مثل شريح بن أوفى، والأشتر النخغي، وأشعلوا القتال بين الطرفين.

حاول الصحابي طلحة بن عبيد الله إيقاف القتال، وظل ينادي “أيها الناس أنصتوا”. لكن لم ينصت إليه أحد، وأصابه سهم في رجله وظل ينزف حتى مات، وقيل أصابه السهم في حلقه. ولما رآه سيدنا علي مقتولًا قال “ليتني مت قبل هذا اليوم بـ 20 سنة” وظل يبكي هو وأصحابه.

استشهد طلحة رضي الله عنه وهو في عمر 62 سنة، عام 36 هـ، وتم دفنه بالبصرة.

 

من قتل طلحة بن عبيد الله؟

ذكرت عدة روايات حول الشخص الذي قتل طلحة. فمثلا ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن من قتل طلحة هو مروان بن الحكم. وأيد الذهبي ابن قتيبة وابن حجر العسقلاني وابن تغري بردي وغيرهم. لكن يوجد عدد من المؤرخين يرون أن هناك شك في ذلك، ولا أحد يعلم من قتل الصحابي طلحة بن عبيد الله.

 

المصادر:

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن كثير: البداية والنهاية.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب.

العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

الطبري: تاريخ الأمم والملوك.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات