الصحابي الجليل سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه، قارئ قرآن وراوي حديث وفقيه، ومن القلة الذين سُمِح لهم بإعطاء فتوى في عهد رسول الله. وهو أنصاري من قبيلة الخزرج، دخل الإسلام مبكرًا، وشهد مع النبي الغزوات والمعارك كلها. كان يشارك في الغزوات، ويعلم الناس ويفقههم في أمور دينهم. شارك أيضًا في فتوحات الشام في عهد الخلفاء الراشدين.

 

نسب معاذ بن جبل

اسمه: معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري الخزرجي.

كنيته: أبو عبد الرحمن.

لقبه: إمام الفقهاء، كنز العلماء.

أبوه: جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ.

أمه: هند بنت سهل الجُهنية.

أخوه: عبد الله بن الجد بن قيس، وهو أخوه من والدته.

زوجته: أم عمرو بنت خالد بن عمرو الخزرجية.

أبناؤه: عبد الرحمن، وأم عبد الله.

 

نبذة عن معاذ بن جبل

ولد الصحابي الجليل سيدنا معاذ بن جبل سنة 18 قبل الهجرة، في يثرب. وأسلم وهو عمره ثمانية عشرة سنة، وشهد بيعة العقبة مع الأنصار، وكان شابًا يافعًا، لم تنبت لحيته بعد. بعد إسلامه تولى مهمة تكسير أصنام بني سلمة برفقة عبد الله بن أنيس وثعلبة بن عنبة.

بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة آخى بينه وبين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود. شارك في غزوة بدر وكان عمره تقريبًا 20 سنة، ثم شارك في كل الغزوات في حياة النبي.

بعدما فتح رسول الله مكة في شهر رمضان سنة 8 هـ، ترك فيها سيدنا معاذ بن جبل يعلمهم القرآن ويفقههم في أمور الدين، وكلف عتاب بن أسيد بالصلاة بأهل مكة. وفي سنة 9 هـ، بعثه النبي عاملًا على بعض مناطق اليمن، وظل هناك حتى وفاة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.

في عهد الخليفة عمر بن الخطاب شارك في فتوحات الشام، وشهد معركة اليرموك التي كانت بين المسلمين والروم. وكان سبب توجهه إلى الشام كي يعلم الناس القرآن ويفقههم وفي الدين. فعندما كان الصحابي الجليل يزيد بن أبي سفيان في الشام، طلب من سيدنا عمر أن يرسل له من يعلم الناس أمور دينهم، فأرسل إليه معاذ وعبادة وأبو الدرداء.

 

حفظه للقرآن وروايته للحديث

كان سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه من الصحابة الذين يحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة كلهم من الأنصار: معاذ بن جبل وزيد وأبي بن كعب وأبو زيد أحد عمومتي”.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود وأبي ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة”. وكان النبي يحبه ويمدحه وقال عنه “نعم الرجل معاذ بن جبل”.

كما روى رضي الله عنه الأحاديث عن رسول الله، وروى عنه الكثير من الصحابة. وكان ممن نقل عنه الحديث: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري.

 

وصف معاذ بن جبل

كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل، شابًا، أبيضًا، طويلًا، كحيل العينين، وضيء الوجه، حسن الشعر. كان من أجمل شباب قومه، حتى قيل عنه أجمل الرجال. قال أحد التابعين عنه “دخلت جامع بحمص فرأيت فتى حوله الناس، جعد قطط، فإذا تكلم كأنما يخرج من فيه لؤلؤ ونور، فقلت من هذا؟ قالوا: معاذ بن جبل”.

وقال  الخولاني عنه “أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد، وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى، فسأل عنه أحد الجلساء، فقال هو معاذ بن جبل رضي الله عنه”.

 

صفات معاذ بن جبل

علمه: كان رضي الله عنه أعلم الصحابة بالحرام والحلال، فقد قال عنه النبي ” وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل”.

كرمه: كان سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه مشهورًا بكرمه، فلم يرد سائلًا قط.

عبادته: كان رضي الله عنه شديد التعبد، ويحب قيام الليل، وكان يقول خلال التهجد “اللهم طلبي للجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد”.

زهده: ذات يوم أعطى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لغلامة صرة فيها 400 دينار، وقال له اعطها لمعاذ بن جبل، ثم انظر ماذا يفعل بها. ذهب الغلام وأعطاه المال، فقام معاذ بتوزيع المال على الفقراء والمساكين. عندما رأته زوجته يوزع المال قالت له: ابق لنا شيئًا، فنحن والله مساكين، فترك لها دينارين. وعندما عاد الغلام لعمر أخبره بما حدث، فسُرَّ لذلك.

عدله: كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل متزوج امرأتين، وإذا كان يوم إحداهما، لا يشرب رشفة ماء عند الأخرى. وقيل توفيت زوجتيه معًا بسبب إصابتهما بالطاعون، فاقترع أيهما يدفن أولًا.

 

مكانته

كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل  رضي الله عنه، عالم وفقيه، ومن كثرة علمه، لُقِب بإمام الفقهاء، وكنز العلماء. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، ويوجهه ويعلمه الأدعية. فقد ورد أن النبي أمسك به وقال له “يا معاذ والله إني لأحبك، فقال معاذ: بأبي أنت وأُمي والله إني لأحبك. فقال: يا معاذُ أوصيك ألا تدَعَنَّ في دبُرِ كل صلاة أن تقول: اللَّهمَ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحسن عبادتِك”.

وكان سيدنا معاذ يقدر محبة النبي له، فكان ينفذ أوامر النابي وتوجيهاته، ويقيم الليل، ويسأل عن ما ينفعه في الآخرة. فقد ورد أنه قال للنبي “فقلتُ يا رسول اللَّه أخبرني بعملٍ يدخلُني الجنة ويباعدني من النار. وكان النبي يقول عنه ” نعم الرجل معاذ”، وقال أيضًا “معاذ أمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين”.

وكان رضي الله عنه من القلة الذين سمح لهم بإعطاء فتوى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال سهل بن أبي حثمة “كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة من المهاجرين: عمر وعثمان وعلي، وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد”.

حظى سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه بمكانة كبيرة بين الصحابة أيضًا، فقال عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب “من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل”. وقال عنه سيدنا عبد الله بن مسعود “كان أمة قانتًا لله حنيفًا، ولم يك من المشركين”.

 

وفاة معاذ بن جبل

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عاد معاذ من اليمن، لكنه استأذن الخليفة أبو بكر الصديق أن يذهب إلى بلاد الشام، حتى ينال الشهادة. وظل رضي الله عنه تحت إمرة الصحابي أبي عبيدة بن الجراح حتى مات بالطاعون. ثم تولى سيدنا معاذ إمرة الجند، لكنه لم يمكث طويلًا وأصيب أيضًا بطاعون عمواس الذي حدث في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وتوفى سنة 18 من الهجرة، وهو شابًا ابن 33 سنة، وقيل ابن 38 سنة.

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات