قصة الصحابي الجليل سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، من قصص التاريخ الإسلامي المثيرة للجدل. وكانت طريقة وصوله لحكم المسلمين مليئة بالأحداث، حيث دخل في معارك ومناوشات مع خليفة المسلمين علي بن أبي طالب. وفي النهاية أسس الدولة الأموية وأصبح أول ملك في الإسلام.
نسب معاوية بن أبي سفيان
اسمه: معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النَضر.
أبوه: أبو سفيان صخر بن حرب.
وأمه: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة القرشية.
أخوته: يزيد بن أبي سفيان، عتبة بن أبي سفيان، عنبسة بن أبي سفيان. أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان، عزة بنت أبي سفيان، أم الحكم بنت أبي سفيان، أميمة بنت أبي سفيان.
زوجاته: ميسون بنت بحدل، فاخته بنت قرظة، كنود بنت قرظة، نائلة بنت عمارة.
أبناؤه: يزيد بن معاوية، عبد الرحمن بن معاوية، عبد الله بن معاوية.
بناته: رملة، هند، صفية، عائشة، وعاتكة.
نبذة عن معاوية بن أبي سفيان
ولد سيدنا معاوية في مكة سنة 15 قبل الهجرة، وتوفي عام 60 هـ. ينتمي لعائلة غنية من أكبر عائلات قريش وسادتها. تعلم الكتابة والقراءة في صغره فكان من أفضل شباب مكة. وكان أبوه وأمه يرون أنه سيكون له مستقبلًا كبيرًا. فقد روي أن أبا سفيان نظر إلى معاوية في طفولته وقال “إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه”، فقالت هند بنت عتبه “قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة”
هو واحد من كتبة الوحي ومن أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم. أسس الدولة الأموية وأصبح الخليفة السادس في ترتيب الخلفاء بعد النبي محمد.
صفاته
كان الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان طويلًا، أبيضًا، جميلًا، حتى قيل أنه إذا ضحك انقلبت شفته العليا.
نقل عن بعض الصحابة كثير من الأقوال عن سيدنا معاوية، واتفق معظمهم على أنه كان كريمًا سخيًا ومن أحلم الناس. قيل أنه أرسل للسيدة عائشة 100 ألف درهم ففرقتها في نفس اليوم على المحتاجين. وقيل أيضًا أن أمر لعبد الله بن الزبير بـ 100 ألف، والحسن بن علي بـ 300 ألف.
على الرغم أنه كان خليفة المسلمين وينحدر من أسرة مرموقة وغنية، إلا أنه كان يخطب على منبر دمشق بثوب مرقوع. وقال يونس بن ميسر الحميري “رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مردف وراءه وصيفا، وعليه قميص مرقوع الجيب يسير في أسواق دمشق”. أما عبد الله بن عمر فقد قال “ما رأيت أحلم من معاوية”.
إسلامه
ورد في قصة إسلام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أقوال: منها أنه أسلم مع أمه وأبيه وأخيه يوم فتح مكة. أما الذهبي فقال أنه أسلم قبل الفتح، وظل يخفي إسلامه حتى قدم النبي إلى مكة عام 8 هـ.
قال سيدنا معاوية “لما كان عام الحديبية صدت قريش رسول الله، عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت: إياك أن تخالف أباك، أو أن تقطع أمرًا دونه فيقطع عنك القوت، فكان أبي يومئذ غائبا في سوق حباشة قال: فأسلمت وأخفيت إسلامي، فوالله لقد دخل رسول الله، من الحديبية وأنا مصدق به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به، وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما: لكن أخوك خير منك، فهو على ديني، قلت: لم آل نفسي خيرًا. وقال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي”.
دور معاوية في عهد الخلفاء الرشدين
كان يزيد بن أبي سفيان يترأس أحد جيوش الشام في خلافة أبو بكر، وكان أخيه معاوية يتولى مهمة توصيل الإمدادات له، حيث أمره أبو بكر أن يلحق به. شارك أيضًا في قتال المرتدين في اليمامة، وبعدما تم القضاء عليهم، ذهب إلى الشام وشارك أخيه فتح بيروت وصيدا وعرقة وجبل. بعد موت يزيد في طاعون عمواس، ولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولاية دمشق وكل البلاد التابعة لها. وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان عهد إليه بولاية الشام كاملة.
معاوية وعلي بن أبي طالب
بعد مقتل عثمان بن عفان، بدأ سيدنا معاوية يطالب بالثأر من القتلة، وطالب الإمام علي بالتعجل بذلك. وكان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام والسيدة عائشة قد طالبوا بنفس الأمر قبله، ووقعت بينهم وبين الإمام علي معركة الجمل، التي انتهت بمقتل طلحة والزبير. وبعد موقعة الجمل بسنة تقريبًا في شهر صفر عام 37 هـ، وقعت معركة صفين بين خليفة المسلمين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.
وكان سبب المعركة هو عدم مبايعة معاوية ومعه أهل الشام للخليفة الرابع الإمام علي، وظل يطالب بالثأر لمقتل عثمان أولًا. وصل الأمر إلى القتال والتقى جيشيهما في 1 صفر واستمرت المعركة 9 أيام. في اليوم التاسع أظهر جيش الإمام علي بعض الانتصارات التي هزت جيش معاوية، وهنا اقترح عمرو بن العاص عليه أن يأمر الجنود برفع المصاحف على السيوف. كان هذا التصرف يعني وقف الحرب بين الجانبين وجعل كتاب الله حكمًا بينهم. وافق سيدنا علي على وقف القتال وقبول التحكيم حقنًا للدماء، ثم توجه إلى الكوفة، أما معاوية فانطلق إلى الشام. وقتل خلال معركة صفين حوالي 70 ألف شهيد، 25 ألفًا من جيش علي، و45 ألفًا من جيش معاوية.
التحكيم
بعد أن اتفق الفريقان على التحكيم، وكل على أبا موسى الأشعري، ووكل معاوية عمرو بن العاص. اجتمع الفريقين في شهر رمضان سنة 73 هـ، في دومة الجندل. وذكرت كثير من الروايات حول ما جرى في التحكيم، معظمها روايات شيعية كذبها علماء أهل السنة والجماعة.
تقول الرواية الشيعية المنقولة عن لوط بن يحي: أنه كان بينهما كلام في السر خالفه عمرو بن العاص، تكلم أبو موسى الأشعري أولًا فخلع علي ومعاوية، ثم تكلم عمرو فخلع علي وثبت معاوية. بعد ذلك تفرق الجميع، وبايع أهل الشام معاوية في شهر ذي القعدة.
وهذه الرواية يفندها كثير من المؤرخين مثل ابن كثير الدمشقي، حيث قال “هذا لا يصح سند به، ولا يرويه إلا من لا يوثق بروايته من الإخباريين التالفين، أمثال أبي مخنف لوط بن يحيى”. اشتهر لوط بن يحي بنقله أحاديث ضعيفة وموضوعة وبأنه مؤرخ غير ثقة، كما وصفه معظم المؤرخين
خلافة معاوية بن أبي سفيان
تولى سيدنا معاوية رضي الله عنه أمور المسلمين بعد أن تنازل له الحسن بن علي عن الخلافة، وحكم المسلمين لمدة 20 سنة، قام خلالها بكثير من الإصلاحات كالتالي:
أنشأ الدواوين مثل ديوان الرسائل، ديوان الخاتم، وديوان البريد.
أسس نظام “الحاجب” فكان أول من اتخذ حاجبًا في التاريخ الإسلامي.
أسس نظام الحرس والشرطة.
أنشأ نظام مخابرات قوي.
اتبع سياسة الشد واللين.
وفاة معاوية بن أبي سفيان
توفي الصحابي الجليل سيدنا معاوية بن أبي سفيان بدمشق في شهر رجب سنة 60 هـ، عن عمر 78 سنة. قبل وفاته عهد بالخلافة إلى ابنه يزيد بن معاوية، مخالفًا مبدأ الشورى في اختيار خليفة المسلمين. وبذلك دخلت الدولة الإسلامية في مرحلة جديدة كليًا، وتحولت إلى الحكم الملكي.
المصادر:
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
ابن كثير: البداية والنهاية.
الزركلي: الأعلام.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *