أبو عبد الرحمن الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب الفهري القرشي، من صغار الصحابة ولد سنة 4 من الهجرة. له أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شجاعًا مقدامًا شارك في فتوحات الشام في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كان في طرف معاوية بن أبي سفيان يوم صفين، وظل حليفًا لبني أمية حتى وفاة معاوية بن يزيد، ثم انضم لعبد الله بن الزبير ودخل في معارك مع بني أمية.
الضحاك بن قيس أمير دمشق
بدأ ولاء الضحاك لمعاوية منذ بدء الخلاف بينه وبين علي بن أبي طالب. ففي معركة صفين كان أميرًا على أهل دمشق، ثم جعله معاوية أميرًا على الكوفة عام 53 هـ، ثم عزله منها وجعله أمير دمشق طوال حياته.
لما توفى معاوية كان يزيد في قرية حوارين، فأرسل إليه الضحاك وعاد مسرعًا إلى دمشق. زار قبر أبيه ثم دخل المدينة وصعد المنبر وخطب بالناس، فأعلن جمع الأعطيات مرة واحدة بدل من ثلاث مرات كما كان في عهد أبيه، وأعلن أيضًا منع إرسال الجيوش إلى البحر، فافترق الناس وهم يثنون عليه.
وبعد وفاة يزيد، ظل الضحاك بجوار ابنه معاوية خلال الفترة القصيرة التي استلم فيها الخلافة. لكن بموت معاوية بعد أيام من خلافته، رأى الضحاك أن عبد الله بن الزبير هو الأصلح للخلافة. لذلك ترك بني أمية في الشام وذهب لابن الزبير في الحجاز.
موقفه مع مروان بن الحكم والزبير بن العوام
لما مات معاوية بن يزيد، بدأ الضحاك بن قيس يدعوا لعبد الله بن الزبير في دمشق، وانضم إليه النعمان بن بشير أمير الجند في حمص. ثم حاول استمالة حسان بن مالك الكلبي وكان بفلسطين، لكنه عارضه وأخبر بني أمية بأمره.
كان مروان بن الحكم وأهله في المدينة المنورة، فأخرجه منها ابن الزبير. ولما وصل الشام وجد الأمر قد خرج عن السيطرة وأن أمير دمشق يدعوا إلى ابن الزبير، لذلك فكر في العودة إلى المدينة ومبايعته. لكن قبل أن يذهب وصل إليه عدد من كبار رجال الشام، ومنهم الحصين بن نمير السكوني الذي كان يحاصر ابن الزبير في مكة. وجاء إليه أيضًا عبيد الله بن زياد بن أبيه وكان في البصرة. كان وصول الحصين وعبيد الله نقطة تحول كبيرة في مجرى الأحداث، ويعود لهما الفضل في بقاء الدولة الأموية. فحاولا الاثنين معًا حث بني أمية على النهوض مرة ثانية.
انقسمت القبائل العربية فأصبحت القيسية وعلى رأسهم الضحاك مع ابن الزبير وخلافة الحجاز. أما اليمنية ففضلوا بني أمية لكنهم انقسموا عند اختيار الخليفة. فرأى فريق بزعامة حسان بن مالك الكلبي أن تؤول الخلافة إلى خالد بن معاوية بن يزيد. بينما رأى فريق آخر بقيادة روح بن زنباع الجذامى وعبيد الله بن زياد أن يتولى الخلافة مروان بن الحكم.
وبعد نقاشات واجتماعات وخلافات طويلة، انتصر فريق مروان بن الحكم. وكانت حجتهم أن خالد ما زال طفلًا صغيرًا، بينما ابن الزبير شيخًا كبيرًا. وقالوا للفريق الآخر “لا والله لا تأتينا العرب بشيخ، ونأتيهم بصبي”.
مقتله
لما تولى مروان بن الحكم الخلافة نجح في الاستيلاء على دمشق وطرد عامل ابن الضحاك عليها. ثم جهز جيشًا وخرج لمحاربة بن الضحاك في مرج راهط، وكان معه 1000 فارس من قبائل كلب وغسان من أهل اليمن. وكان على ميمنته عمرو بن سعيد الأشدق، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد.
بينما انضم إلى الضحاك والي حمص النعمان بن بشير الأنصاري، وأمير قنسرين زفر بن الحارث الكلابي. ودارت معركة كبيرة بين الطرفين استمرت 20 يومًا وكان ذلك في نهاية 64 من الهجرة. واستطاع الأمويين تحقيق نصر كبير، وقتل دحية بن عبد الله الضحاك بن قيس، كما قتل عدد كبير من رجال الضحاك وعبد الله بن الزبير.
المصادر:
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن الأثير: الكامل في التاريخ.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
موقع قصة الإسلام: الضحاك بن قيس.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق