لقب العبادلة الأربعة أطلق على: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وأطلق عليهم هذا اللقب الإمام أحمد بن حنبل وغيره من العلماء. وعلى الرغم من وجود أكثر من 220 رجلًا يحملون اسم عبد الله، لكن اختص العلماء هؤلاء الأربعة فقط، لأنهم عاشوا في وقت احتاج الناس فيه إلى علمهم. وكان العلماء إذا اتفقوا في مسألة قالوا “هذا قول العبادلة”.

 

عبد الله بن عمر

ولد سيدنا عبد الله بن عمر في مكة قبل الهجرة النبوية تقريبًا بـ 10 سنين. أسلم مع أبيه عمر بن الخطاب وكان آنذاك طفلًا لم يبلغ الحلم، ثم هاجر معه إلى المدينة. وهو واحد من الصحابة الصغار الذين التفوا حول رسول الله، وكان محبًا للجهاد في سبيل الله.

منعه النبي من المشاركة في غزوة بدر وغزوة أحد لصغر سنه، وكانت غزوة الخندق أول غزوة يشارك فيها، وهو ابن 15 عامًا. ثم شارك في كل الغزوات بعد ذلك، فشهد بيعة الرضوان، وفتح مكة، وغزوة مؤتة.

روايته للحديث وفقهه

كان عبد الله بن عمر من أكثر الصحابة رواية للحديث عن النبي، وكان يتحرى الدقة. له 2630 حديث في مسند بقي بن مخلد، واتفق البخاري على 168 حديث، وانفرد مسلم بـ 31 حديثا، والبخاري بـ 81 حديثًا. وروى عن النبي وعن كبار الصحابة مثل عمر بن الخطاب، والسيدة عائشة، وعلي بن أبي طالب.

وكان فقيهًا يفتي الناس في أمور دينهم، ويستمد أحكامه من القرآن والسنة، فإن لم يجد يرجع إلى اجتهادات كبار الصحابة إن اتفقوا.

دوره في عهد الخلفاء الراشدين

شارك عبد الله بن عمر في الكثير من الفتوحات، فكان ضمن قادة فتوحات الشام وفارس والعراق ومصر وإفريقية. فحضر معركة اليرموك ونهاوند، وشارك في فتح أذربيجان.

وكان ممن دافعوا بقوة عن عثمان بن عفان، عندما حاصره الثوار ليقتلوه. ورفض ولاية الشام في عهد علي بن أبي طالب، وأبعد نفسه عن الفتنة ولم يشارك في أي واقعة بين علي ومعاوية.

وتوفي بن عمر رضي الله عنه، بمكة المكرمة، سنة 74 هـ، وقيل سنة 73 هـ.

 

عبد الله بن عباس

أحد العبادلة الأربعة، ولد قبل الهجرة بـ 3 سنوات وقت حصار المسلمين في شعب أبي طالب. وقيل أن ولادته كانت في العام الذي هاجر فيه النبي إلى المدينة. أسلم قبل فتح مكة مع أمه “أم الفضل بنت الحارث”، وكان طفلًا لم يبلغ الحلم. ثم خرج مهاجرًا مع أبيه العباس إلى المدينة، فالتقوا بالنبي وهو في طريقه إلى فتح مكة، فعادوا وشهدوا معه الفتح.

كان ملازمًا لرسول الله ويبيت أيامًا في بيته بغرفة خالته السيدة ميمونة بنت الحارث. ومن كثرة ملازمته رأي سيدنا جبريل مرتين في بيته ودعا له بالحكمة. فحفظ أقوال النبي وأفعاله ونقلها إلى الصحابة الكرام. وبفضل علمه وفقهه لُقِب بحبر الأمة وترجمان القرآن. وكانت السيدة عائشة تقول عنه “أعلم الناس”.

حياته في عهد الخلفاء الراشدين

كان عمر بن الخطاب يقدم ابن عباس، ويأخذ مشورته في كل شيء. وقد روي أنه كان يضعه في مرتبة الصحابة الكبار الذين شهدوا غزوة بدر. وفي عهد عثمان بن عفان، شارك في فتوحات إفريقية وطبرستان.

وكان بن عباس في صف الإمام علي، وشهد معه موقعة الجمل ومعركة صفين. كما شارك في قتال الخوارج في معركة النهروان.  وبعد أن حاورهم تراجع حوالي 2000 منهم عن معاداة علي. ثم تولى ولاية البصرة، فكان يجتمع بالناس ويفسر لهم القرآن الكريم.

فقهه وروايته للحديث

بعدة وفاة النبي كان عبد الله بن عباس يطلب العلم والحديث من كبار الصحابة، مثل أبي بن كعب، وعلي، وعمر، وقرأ القرآن على زيد بن ثابت وأبي بن كعب. وكان يتحرى الدقة، فيسأل عن الأمر الواحد 30 رجلًا من الصحابة الكبار. ثم صار له مجلسًا كبير في المدينة المنورة، ويأتيه طلاب العلم من كل مكان.

وكان أحد العبادلة الأربعة الذين يعود إليهم الصحابة إذا اختلفوا في مسألة فقهية. قال مجاهد بن جبر “ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس”. وقال عنه عبد الله بن مسعود “نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس”.

ويعد أيضًا من أشهر رواة الحديث عن النبي وعن الخلفاء الراشدين. وذكر الذهبي أن له 1660 حديث، اتفق البخاري ومسلم في 75 حديثًا، وانفرد مسلم بـ 9 أحاديث، والبخاري بـ 120 حديث.

وتوفي عبد الله بن عباس رضي الله عنه سنة 68 هـ، في الطائف، عن عمر 71 سنة.

 

عبد الله بن الزبير

ولد سيدنا عبد الله بن الزبير بقباء في شهر شوال سنة 1 هـ، وكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة النبوية الشريفة. وكان فارسًا مغوارًا، فشارك في الفتوحات الإسلامية، وكان من المدافعين عن عثمان بن عفان ضد الثائرين عليه.

لم يشارك في عهد النبي في الغزوات لصغر سنه، وفي غزوة اليرموك قام بتطبيب الجرحى ولم يقاتل أيضًا لصغره. وفي عهد عثمان بن عفان شارك في فتوحات إفريقية، ولعب دورًا هامًا في انتصار المسلمين. وعندما حاصر الثوار عثمان  في داره، كان ممن دافعوا عنه وصدوا الهجوم.

ثورته ومقتله

وبعد وفاة معاوية بن أبي سفيان، رفض خلافة ابنه يزيد. وبعد مقتل الحسين في موقعة كربلاء سنة 61 هـ، قام بتأليب الناس على بني أمية، فاجتمع الناس في مكة حوله.

وفي أول ربيع الآخر سنة 64 هـ، مات يزيد بن معاوية، ودعا عبد الله بن الزبير بالخلافة لنفسه، فبايعه أهل الحجاز ثم الكوفة والبصرة وخراسان واليمن ومعظم بلاد الشام. وبعد أن اتبعته معظم البلاد الإسلامية اعتبره البعض خليفة شرعي للمسلمين مثل بن حزم وابن كثير والذهبي.

عندما تولى مروان بن الحكم أمور بني أمية، نجح في استعادة سيطرة الأمويين، ولم يتبقى مع عبد الله بن الزبير سوى الحجاز والعراق. وظلت المعارك بينهم حتى حاصره الأمويين في مكة بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي. حاصر الحجاج مكة وضربها بالمنجنيق سنة 72 هـ، فتعرض أهلها لجوع شديد. اضطر ابن الزبير إلى ذبح حصانه حتى يطعم أصحابه، الذين خذلوه وتركوه وحده في ميدان القتال.

بعد أيام قليلة اقتحم الحجاج مكة، وقتل الكثير من أصحاب ابن الزبير. وظل رضي الله عنه يقاتل حتى قُتِل بعد حصار دام أكثر من 8 شهور. قطع الحجاج رأسه وأرسلها لعبد الملك بن مروان، وصلب باقي جسده. وظل مصلوبًا حتى شفع له عبد الله بن عمر رضي الله عنه.

 

عبد الله بن عمرو بن العاص

أحد العبادلة الأربعة، وُلِد في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية بسبع وعشرين سنة. أسلم قبل أبيه سنة 7 من الهجرة، وقيل كان اسمه العاص، فسماه النبي عبد الله. لازم رسول الله واستأذنه يكتب ما يسمع عنه، فأذن له النبي، وحفظ عنه الكثير من الأحاديث. قرأ التوراة مثلما قرأ القرآن، وكان غزير العلم، مجتهدًا في العبادة. وهو من المكثرين في رواية الحديث عن رسول الله والصحابة الكبار.

شارك في فتوحات الشام مع أبيه عمرو بن العاص، كما شهد موقعة صفين ضمن جيش معاوية بن أبي سفيان، لكنه لم يقاتل، وندم على مشاركته.

اختلف الفقهاء في المكان الذي توفي فيه وسنة وفاته، فقيل توفي في مصر أو الشام أو الطائف أو مكة. وقيل توفي سنة 63 هـ، وقيل 73 هـ. وقد أصيب بالعمى في آخر حياته.

 

 

المصادر

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

ابن الأثير: أسد الغابة.

الذهبي: تاريخ الإسلام.

النووي: تهذيب الأسماء واللغات.

الزركلي: الأعلام.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

إسلام ويب: نبذة عن العبادلة.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات