الصحابي الجليل سيدنا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم الرسول وعديله. من الصحابة الذين كان لهم شأن في الجاهلية والإسلام، وكان النبي يحبه حبًا جمًا وفرح لإسلامه، فهو ثاني أعمام النبي دخولًا في الإسلام بعد حمزة بن عبد المطلب.
نسب العباس بن عبد المطلب
اسمه: العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
كنيته: أبو الفضل.
لقبه: سيد الأعمام، لأنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبوه: عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله.
أمه: نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عبد مناف بن عمرو بن عامر بن زيد بن عبد مناة بن عامر بن سعد بن الخزرج.
إخوته: الحارث، أبو طالب، الزبير، حجل، ضرار، حمزة، المقوم، الغيداق، أبو لهب، عبد الله، أروى، صفية، عاتكة، أم حكيم.
أبناؤه: الفضل، عبد الله، عبيد الله، قثم، وعبد الرحمن، معبد، الحارث، كثير، عون، تمام.
بناته: صفية، أميمة، أم حبيب، أم كلثوم.
نشأة العباس بن عبد المطلب
ولد العباس عم الرسول قبل عام الفيل بثلاث سنوات في مكة المكرمة، وهذا يعني أنه أكبر من النبي تقريبًا بثلاث سنوات أيضًا. فقد سئل العباس يومًا أنت أكبر أم النبي؟ فقال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله. قيل أنه ضاع في طفولته، فنذرت والدته إذا وجدته سوف تكسو البيت بالديباج والحرير، ولما وجدته وفت بنذرها.
كان العباس رضي الله عنه سيدًا من سادات قريش، وكان يتولى السقاية وعمارة المسجد الحرام في الجاهلية. وكانت سقاية المسجد الحرام لأبوه عبد المطلب، ثم انتقلت إلى ابنه أبي طالب. ولما تعثر أبو طالب وتعرض لضائقة مالية انتقلت السقاية إلى العباس عم الرسول. ومن بعده انتقلت لابنه عبد الله بن عباس، وظلت في بني العباس حتى توليهم الخلافة. فلما تولوا حكم المسلمين سلموا السقاية لآل الزبير.
القرآن الذي نزل في العباس
عندما أُسِر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يوم بدر، قال لصحابة رسول الله: إذا كنتم سبقتمونا في الإسلام والجهاد والهجرة، فنحن سبقناكم في عمارة المسجد الحرام والسقاية وكنا نفك العاني.
فنزل قول الله تعالى ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. وقال عبد الله بن عباس في تفسير هذه الآية نزلت في العباس بن عبد المطلب عم الرسول.
وفيه أيضًا نزل قول الله تعالي ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وقال العباس: نزلت هذه الآية في عندما ذكرت لرسول الله إسلامي.
وكان سبب نزول هذه الآية الحوار الذي دار بين النبي وعمه العباس بعدما أسره في غزوة بدر. كان رسول الله أوصى الصحابة ألا يقتلوا أحدًا من بني هاشم خلال المعركة لأنهم خرجوا للقتال مكرهين. فأسره عبيد بن أوس الأنصاري وأسر معه عقيل بن أبي طالب.
لم ينم النبي هذه الليلة من أنين العباس فقد كان مقيدًا، فلما رأى الصحابة حزن النبي، ذهب أحدهم وفك وثاقه. وعندما اختفى أنين العباس، قال النبي “مالي لا أسمع أنين العباس”، فأخبره الرجل أنه فك وثاقه، فقال له صلى الله عليه وسلم ” اذهب وافعل ذلك بالأسرى كلهم”.
قصة إسلام العباس بن عبد المطلب
اختلف العلماء في العام الذي أسلم فيه الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب. هناك من قال أنه حضر مع النبي بيعة العقبة ليشدد من أزره لكنه لم يكن مسلمًا. وهناك من قال أنه أسلم قبل غزوة بدر، وكان يرسل أخبار قريش للنبي، لكنه كتم إسلامه وشارك مع قريش في الغزوة مكرهًا.
فقد روى أن غلامه أبو رافع قال “كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه، ويكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه”.
قيل أيضًا بينما كان العباس في طريقه إلى النبي سنة 8 من الهجرة، كان النبي في طريقه إلى مكة لفتحها، فشهد معه الفتح. قال أبو رافع “بشرت النبي بإسلام العباس فأعتقني، وكان قد أهداني له”. وشهد العباس غزوة حنين مع النبي، وكان ممن ثبتوا معه عندما تفرق الناس.
روايته للحديث
كان الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب من رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فله 32 حديثًا في مسند بقي بن مخلد، و 3 أحاديث في صحيح مسلم، وحديث في صحيح البخاري. وقد روى عنه الأحاديث أبناؤه: عبد الله بن العباس، كثير، أم كلثوم، وعبيد الله. كما روى عنه صحابة آخرون.
ومن الأحاديث التي رواها عن النبي في صحيح مسلم، أَنه سمع رسول الله يقول: ” إذا سجد العبد سجد معه سبعة، أطراف وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه”.
وفي صحيح البخاري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال حدثنا العباس بن عبد المطلب، قال للنبي “ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: “هو في ضحضاح من نارٍ ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار”.
مكانته
كان الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، يحظى بقيمة كبيرة عند النبي. فعن أبي سفيان بن الحارث عن أبيه “كان العباس أعظم الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة يعترفون بفضله ويشاورونه ويأخذون رأيه”.
يلقب العباس بن عبد المطلب بسيد الأعمام، لأنه كان عم رسول الله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجل أحدًا ما يجل العباس، أو يكرم العباس”.
كان أيضًا يحظى باحترام كبار الصحابة، فكان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان إذا مروا عليه وهما راكبان نزلا اجلالًا له. وكان عمر إذا انقطع المطر يستسقى به، فيقول ” إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا”.
صفات العباس بن عبد المطلب
كان العباس عم الرسول رجلًا عاقلًا، شريفًا، مهيبًا، جهور الصوت. وكان جميلًا، أبيضًا، معتدل القامة، له ضفيرتان. قال الذهبي نقلًا عن الكلبي “بل كان من أطول الرجال، وأحسنهم صورة، وأبهاهم، وأجهرهم صوتًا، مع الحلم الوافر، والسؤدد”.
وفاة العباس بن عبد المطلب
أصيب الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب بالعمى في آخر حياته. وتوفى في 12 رجب سنة 32 من الهجرة في المدينة المنورة، وكان عمره 88 سنة. وعند موته أعتق 70 مملوكًا. وحضر جنازته حشد كبير من الناس، وتنافسوا على حمله ودفنه، فاضطر خليفة المسلمين عثمان بن عفان الاستعانة بالشرطة، كي يفرق الناس. وغسله علي بن أبي طالب وأبناؤه : عبد الله، قثم، وعبيد الله. وصلى عليه الصحابة، ودفنوه في بقيع الغرقد.
المصادر:
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
البلاذري: أنساب الأشراف.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *