اشتهر المختار بن عبيد الله الثقفي بمطالبته بثأر الحسين، فلاحق قتلته وقتل عددًا كبيرًا منهم.  ولد المختار في الطائف سنة 1 من الهجرة، وأبوه هو الصحابي أبو عبيد الله الثقفي الذي قاد المسلمين في معركة الجسر واستشهد خلالها. سيطر على الكوفة وكاد ينشئ دولة علوية خلال معارك بني أمية مع عبد الله بن الزبير. لكن ذهب إليه مصعب بن الزبير بجيشٍ وقتله وقتل عددًا من أتباعه وأنهى دولته قبل قيامها. يحظى المختار بمكانة وقيمة لدى الشيعة لأنه قتل قتلة الحسين، بينما يذمه المسلمون السنة ويقولون أنه أظهر التشيع وأبطن الكهانة، ويرون أنه الكاذب المقصود في الحديث الشريف “إن في ثقيف كذابًا ومُبِيرًا”.

 

موقفه مع أبناء علي بن أبي طالب

بعد مقتل علي بن أبي طالب سنة 40 من الهجرة، بايع المختار الثقفي ابنه الحسن مثله مثل أهل الكوفة. ولما ذهب الحسين إلى الكوفة استقبله المختار في داره. وكان والي الكوفة الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري، وهو والد زوجة المختار. كان النعمان لينًا في تعامله مع الحسين فعزله يزيد بن معاوية وعين مكانه عبيد الله بن زياد. وكان مسلم بن عقيل قد ذهب إلى الكوفة قبل الحسين يطلب له البيعة، فقتله ابن زياد، ثم تتبع من بايعوا الحسين، وكان المختار واحدًا منهم فقبض عليه وحبسه حتى شفع له عبد الله بن عمر، وكان زوج أخته صفية.

 

موقفه مع عبد الله بن الزبير

وبعد خروجه من السجن توجه إلى الحجاز وبايع بن الزبير نكاية في بني أمية. وظل المختار في صف ابن الزبير يقاتل معه ويدفع عنه، لكن بشرط أن يوليه العراق. ثم نكث ببيعته لابن الزبير وعاد إلى الكوفة وبدأ يأخذ البيعة لنفسه، فبايعه عددًا كبيرًا من شيعة الكوفة.

وخلال ثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، قام والي الكوفة التابع لابن الزبير بحبسه حتى لا يشارك في القتال معهم. بعد مقتل زعيم التوابين وعددًا كبيرًا منهم على يد جيش عبد الملك بن مروان، أخذ المختار يراسل من تبقى منهم كي ينضموا له، وأخبرهم أن محمد بن الحنفية أمره بأخذ ثأر الحسين. نجح المختار في استمالة ما تبقى من التوابين، ثم خرج من السجن، قيل أيضًا بشفاعة ابن عمر.

مع الوقت استطاع المختار بن عبيد الله الثقفي حشد عدد كبير من شيعة العراق وانضم إليه إبراهيم بن الأشتر النجعي وكان شجاعًا. وفي ليلة 14 ربيع الأول سنة 66 من الهجرة، خرج المختار وأتباعه رافعين شعار “يالثارات الحسين” واجتاحوا كل الكوفة. ثم عزل عبد الله بن مطيع والي الزبير على الكوفة، وتولى هو حكمها.

 

مطاردة المختار الثقفي لقتلة الحسين

بعد أن سيطر المختار على الكوفة، بدأ في ملاحقة كل من شارك في موقعة كربلاء وكان له يد في مقتل الحسين بن علي. وكان على رأس القائمة عبيد الله بن زياد، وشمر بن ذي الجوشن، وخولي بن يزيد الأصبحي، وعمر بن سعد بن أبي وقاص.

تمرد شمر بن ذي الجوشن على المختار في الكوفة ثم هرب وحاول التوجه إلى البصرة. لكن عرف بمكانه قائد شرطة الكوفة، وكان يدعى كيان أبو عمرة فقتله وأرسل رأسه للمختار. ثم لاحق عمر بن سعد فقتله بسيفه وأخذ رأسه أيضًا إلى المختار.

وقام عبد الله بن كامل الشاكري قائد حرس المختار بملاحقة الأصبحي، فذهب إلى داره وأخذه منها، ثم قتله وأحرقه.

أما عبيد الله بن زياد، فأرسل إليه المختار الثقفي جيش الكوفة بقيادة إبراهيم بن الأشتر النخعي.  وصل الجيش إلى الموصل والتقي بابن زياد قرب نهر الخازر. كانت المعركة شديدة، لكن استطاع ابن الأشتر هزيمة ابن زيادة وقتله، ثم قطع رأسه وأرسلها إلى المختار في الكوفة.

وبعد هؤلاء ظل المختار يطارد عددًا ممن ساهموا في استشهاد آل البيت، فقتل عددًا، منهم، وفرَّ آخرون إلى مصعب بن الزبير.

 

مقتل المختار على يد مصعب بن الزبير

سيطر المختار الثقفي على شمال العراق والجزيرة وعين العمال وأخذ الخراج، وانضم إليه بعض المعادين لبني أمية. وبدا الأمر كأنه أنشأ دولة خاصة به بين دولة ابن الزبير في الحجاز ودولة بني أمية في الشام.

ترك عبد الملك بن مروان المجال لعبد الله بن الزبير للقضاء على المختار. وانتظر أن يقضي أحدهما على الآخر، ليكون الأمر في صالحه بالنهاية.

وفي سنة 67هـ، ولى عبد الله بن الزبير أخاه مصعب على العراق. وقد انضم إليه كل من هرب من المختار، وانضم إليه أيضًا المهلب بن أبي صفرة. استعد الطرفان للقتال، فجعل المختار على جيشه أحمر بن شميط، ثم سار الجيش قرب الكوفة، وعسكر مصعب بالقرب منهم. استطاع جيش ابن الزبير هزيمة أتباع المختار هزيمة ساحقة، ثم توجه مصعب إلى الكوفة لقتل المختار وحاصره في قصره 4 أشهر. ثم اضطر إلى الخروج برفقة 19 رجلًا وقاتل حتى قُتِل.

وقيل أن من قتله رجلان وهم، طرفة وطرافة ابنا عبد الله بن دجاجة من بني حنيفة. وقد قتل في 14 رمضان سنة 67 من الهجرة، وعمره 67 سنة.

 

 

 

المصادر:

ابن الأثير: الكامل في التاريخ.

الزركلي: الأعلام.

الطبري: تاريخ الأمم والملوك.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن كثير: البداية والنهاية.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات