الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أحد الصحابة الكبار الذين ينتمون إلى قبيلة ثقيف. نشأ في الطائف، وعُرِف بأنه من دهاة العرب وأكثرهم مكيدة وذكاء وشجاعة. بعد إسلامه شارك في الفتوحات الإسلامية وأبلى بلاءً حسنًا، فذهبت عينه في إحدى المعارك، قيل في اليرموك أو القادسية.
نسبه
اسمه: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف .
قبيلته: ثقيف.
موطنه: الطائف.
كنيته: أبو عبد الله.، وأبو عيسى.
أولاده: عروة بن المغيرة، مطرف بن المغيرة، حمزة بن المغيرة.
وفاته: توفي في الكوفة عام 50 من الهجرة، وهو ابن 70 سنة.
المغيرة بن شعبة في الجاهلية
كان المغيرة من سدنة اللات متمسكًا بدين آبائه، وفي يوم ذهب مع قوم من بني مالك إلى المقوقس حاكم مصر. فلما عرف أنهم من بني مالك وقدموا له الهدايا قبلها وأكرمهم. ولم يعط اهتمامًا للمغيرة وقدم له هدية بسيطة. وعندما خرجوا أخذوا يشترون الهدايا لأهلهم من الأسواق، فقدم لهم المغيرة الخمر حتى سكروا وناموا، فقتلهم واستولى على ما معهم.
ثم قدم على النبي وكان جالسًا بين أصحابه، يقول المغير: فقال لي “الحمد لله الذي هداك للإسلام”. ثم قال أبو بكر “أمن مصر أقبلتم؟ قلت: نعم. قال: ما فعل المالكيون؟ قلت: قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها. قال النبي صلى الله عليه وسلم “أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئًا؛ لأن هذا غدر، ولا خير في الغدر”. فقال المغيرة: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة. فقال النبي : “فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله”.
شخصيته وصفاته
كان المغيرة من دهاة العرب حتى أنه كان يقال له: مغيرة الرأي. وكان ضخمًا طويلًا له هيبة، ذهبت عينه في اليرموك وقيل في القادسية، وقيل نظر إلى الشمس وهي في حالة كسوف فذهبت عينه.
كان قويًا وشجاعًا فلم يغلبه أحد في الدنيا سوى رجل من بني الحارث بن كعب. فقد قيل أن المغيرة أراد خطبة امرأة فقال له الرجل: لا تخطبها فقد رأيت رجل يقبلها. ولما تركها المغيرة خطبها الشاب، فقال له: ألم تقل أنك رأيت رجلًا يقبلها؟، فقال الرجل: بلى رأيت أباها يقبلها وهي صغيرة. كما قيل أنه كان كثير الزواج والطلاق.
حياته في عهد الرسول
أسلم المغيرة بن شعبة عام غزوة الخندق وشهد مع النبي بيعة الرضوان والمشاهد بعدها. ولما جاء وفد من ثقيف إلى المدينة أنزلهم النبي عنده فأحسن ضيافتهم، ثم أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف مع أبي سفيان بعد إسلام أهلها لهدم اللات.
ولما دفن علي بن أبي طالب رسول الله، ألقى المغيرة خاتمه في القبر، ثم قال: يا أبا الحسن خاتمي، فقال علي رضي الله عنه: انزل فخذه. قال المغيرة “فمسحت يدي على الكفن فكنت آخر الناس عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم”.
المغيرة بن شعبة في عهد الخلفاء الراشدين
شارك المغيرة رضي الله عنه، في حروب الردة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. فأرسله إلى النجير وهو حصن باليمن لجأ إليه المرتدون مع الأشعث بن قيس.
وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب استعمله على البحرين. لكن كرهه الناس، فعزله عمر رضي الله عنه. ثم خاف أهل البحرين أن يعود إليهم مرة ثانية، فنصبوا له مكيدة وجمعوا 100 ألف وذهبوا بها إلى عمر في المدينة وقالوا: أن المغيرة اختان هذا. ولما أرسل عمر إلى المغيرة قال: كذب، إنما كانت مائتي ألف، فقال عمر: ما دفعك على هذا، قال: المال والعيال. ثم قال الرجل لعمر: ما دفع إليَّ لا قليل ولا كثير، فقال عمر للمغيرة: ما أردت إلى هذا؟ قال: الخبيث كذب عليَ، فأحببت أن أخزيه.
بعد ذلك عينه عمر على ولاية البصرة ثم عزله منها وعينه على الكوفة وظل عليها حتى خلافة عثمان بن عفان. فكان الرجل يقول للآخر: غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة، عزله عن البصرة، فولاه الكوفة.
وشهد المغيرة فتوحات الشام والعراق، وفتح ميسان وهمزان وغيرهما. وخلال فتوحات فارس أرسل الفرس إلى سعد بن أبي وقاص يبعث إليهم رجلًا للحديث والتفاهم، فأرسل إليهم المغيرة. ولما عرض الفرس عليه المال مقابل الانصراف من بلادهم، قال المغيرة ” … وإن عيالنا قد ذاقوا طعام بلادكم، فقالوا: لا صبر لنا عنه”، ثم خيرهم بين الإسلام أو الجزية أو القتال.
وفي خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، اعتزل المغيرة الفتنة ولم يشارك في القتال بينه وبين معاوية. وبعد وفاة علي واستلام معاوية الحكم بايعه.
المصادر:
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
ابن الأثير: الكامل في التاريخ.
إسلام ويب: المغيرة بن شعبة.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *