سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه، مؤذن الرسول ومن السابقين إلى الإسلام. يعد نموذجًا للمسلم صاحب الإيمان القوي، لذا فهو من الصحابة الكرام الذين لهم مكانة كبيرة في الإسلام وفي نفوس المسلمين. إن قصته مليئة بالإلهام والثقة بالله واليقين، الذي يزرع الإيمان في قلوب الكبار والصغار.

 

نسب بلال بن رباح

اسمه: بلال بن رباح القرشي التيمي.

كنيته: أبو عبد الكريم، وقيل أبو عبد الرحمن.

أبوه: رباح.

أمه: كان اسمها “حمامة” وهي أمة بني جمح.

إخوته: خالد، غفيرة أو عقرة.

زوجته: قيل أنه تزوج من “هند الخولانية” أو ” هالة بنت عوف”.

أبناؤه: ذكر ابن إسحاق أنه لم يترك خلفه ولدًا.

 

نشأة بلال بن رباح

كان  سيدنا بلال رضي الله عنه، حبشي الأصل، ولد سنة 42 قبل الهجرة. قيل أنه ولد في مكة، وقيل من مواليد السراة في الشام. نشأ عبدًا مستضعفًا يعمل لدى أمية بن خلف من بني جُمح، وكان مضطهدًا مثل باقي العبيد.

 

وصف بلال بن رباح

كان الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه، شديد الأدمة أي كان ذو بشرة سوداء للغاية. كما كان نحيفًا للغاية وطويلًا يميل ظهره إلى الأمام. وصفه أيضًا المؤرخون بأنه كان كثيف الشعر وخفيف العارضين.

 

قصة إسلام بلال بن رباح

كان سيدنا بلال من السابقين إلى الإسلام وأول من أسلم من العبيد. ذات يوم بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم، برفقة أبي بكر الصديق يتعبدون في الغار، رأى بلال يرعى غنم لمولاه عبد الله بن جدعان. نادى عليه النبي، وطلب منه أن يعطيه لبن، فرد عليه بلال “ليس معي إلا شاة واحدة”، فقال له النبي اجلب الشاة. بدأ صلى الله عليه وسلم يحلب الشاة، فشرب وارتوى، وشرب أبو بكر وارتوى، وشرب بلال وارتوى، وكانت الشاة في حال أفضل مما كانت عليه سابقًا. هنا دعا النبي بلال للإسلام، فأسلم رضي الله عنه.

ظل سيدنا بلال يتردد على الغار لمدة 3 أيام، يتعلم الإسلام من النبي. ولما رأى أبو جهل غنم عبد الله بن جدعان تنمو، أخبره بأن سيدنا بلال يذهب بهم إلى مرعى ابن أبي كبشة. فقام بن جدعان بمنع بلال من الذهاب إلى المكان.

 

تعذيب بلال بن رباح

في يوم دخل الصحابي بلال بن رباح إلى الكعبة ولم يرى أحدًا، فبصق على أصنام قريش، وقال “خاب وخسر من عبدكن”. وصل الأمر إلى أسماع أهل مكة، فلجأ بلال إلى حماية سيده عبد الله بن جدعان، لكنه أهداه لأبي جهل وأمية بن خلف، وقدمه ضحية أمامهم.

تولى أمية بن خلف تعذيب بلال، وكان يأخذه في وقت الظهيرة إلى صحراء مكة والرمال شديدة الحرارة، فيقيده ويجعله ينام على ظهره، ثم يضع صخرة عظيمة على صدره. وكان أمية يقول “لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد”، فيصمد سيدنا بلال ويردد “ربي الله، أحدٌ أحد”.

كان أبو جهل أيضًا يعذب بلال ويتفنن في طرق تعذيبه وإحراقه بشمس مكة التي لا تحتمل. وكلما أمره أن يكفر بمحمد، كان بلال يظهر ثباته أكثر على الإسلام. ظلت قريش مع بلال على نفس الوضع، هم يقولون له “ربك اللات والعزى” وهو يرد عليهم “أحد أحد.

عندما رأى أبو بكر الصديق التعذيب الذي تعرض له سيدنا بلال بن رباح، قام بشرائه بـ 40 أوقية من فضة، وقيل بـ 7 أواق، ثم أعتقه.

 

شخصية بلال بن رباح

عن عبد الله بن مسعود قال “أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمار وأمه سمية وبلال وصهيب والمقداد. فأما رسول الله، فمنعه عمه. وأما أبو بكر فمنعه قومه. وأُخذ الآخرون، فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا. فجاء كل رجل منهم قومه بأنطاع الأُدْم فيها الماء، فألقوهم فيه وحملوا بجوانبه إلا بلالاً. فلما كان العشي، جاء أبو جهل، فجعل يشتم سمية ويرفث. ثم طعنها، فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملّوه. فجعلوا في عنقه حبلاً، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة، فجعل بلال يقول: أحدٌ، أحد”.

 

هجرة بلال بن رباح

هاجر الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه إلى المدينة المنورة، وهناك آخى رسول الله بينه وبين عبيدة بن الحارث، وقيل بينه وبين أبو عبيدة بن الجراح. وعندما شرع الأذان، جعله رسول الله مؤذنًا. كما شارك في كل الغزوات في عهد النبي.

 

بلال بن رباح مؤذن الرسول

كان الصحابي الجليل بلال بن رباح أول شخص يؤذن في الإسلام. فكان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حضوره وسفره. وفي فتح مكة سنة 8 هـ، جعله النبي يؤذن على ظهر الكعبة.

 

مكانة بلال بن رباح في الإسلام

حظى الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه، بمكانة رفيعة في الإسلام وعند النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فقد روي أن النبي قال لبلال “حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة”، فقال بلال: «ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي”.

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال، “كنا مع رسول الله، ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.

 

بلال بن رباح بعد وفاة الرسول

بعد وفاة النبي رفض سيدنا بلال أن يؤذن لأحد، سوى مرة واحدة، وعندما وصل قوله ” أشهد أن محمدًا رسول الله” بكى بكاءً شديدًا، ولم يكمل الأذان. قيل أنه استأذن أبا بكر ليذهب إلى الجهاد، لكنه رفض طلبه وقال له “أنشدك بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلي”. وبالفعل ظل بجانب أبي بكر الصديق إلى أن توفاه الله.

وفي عهد عمر بن الخطاب استأذن بلال مرة ثانية من أجل الخروج للجهاد، فرفض عمر، لكن بلال أصر على موقفه، فأذن له بالخروج إلى الشام.

 

وفاة بلال بن رباح

اختلف في السنة التي مات فيها سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه، كما اختلفوا أيضًا في المكان الذي مات فيه. قيل أنه مات في دمشق سنة 20 هـ، وتم دفنه في باب الصغيرة. وقيل مات سنة 17 أو 18 من الهجرة في طاعون عمواس، وقيل مات في حلب. توفى بلال وهو عمره 70 عامًا، وقيل بضع وستين سنة.

قيل أن بلال عندما شعر بقرب أجله قال “غدًا نلقي الأحبة محمدًا وحزبه”، فعندما سمعته زوجته قالت “واويلاه” فرد عليها ” وافرحاه”.

 

المصادر:

العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات