سيرة أم المؤمنين السيدة حفصة زوجة الرسول رضي الله عنها، وبنت عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الرشدين مليئة بالمواقف التي سجلها القرآن الكريم وكتب السيرة. هي رابع زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. نزل فيها الوحي مرتين، الأولى معاتبًا والثانية مزكيًا.
نسب حفصة زوجة الرسول
اسمها: حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. يجتمع نسبها مع النبي في كعب بن لؤي.
أبوها: عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين.
أمها: زينب بنت مظعون القرشية الجمحية، أخت عثمان بن مظعون.
إخوتها: عبد الله، عبد الرحمن الأكبر، عبيد الله، عاصم، زيد الأكبر، زيد الأصغر، أبو شحمة عبد الرحمن الأوسط، عبد الرحمن الأصغر، عبد الله الأصغر، عياض.
أخواتها: فاطمة، عائشة، رقية، زينب.
أزواجها: خنيس بن حذافة السهمي، محمد بن عبد الله، رسول الله.
معلومات عن حفصة زوجة الرسول
ولدت السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها في مكة، في العام الذي أعادت قريش بناء الكعبة. كان ذلك تقريبًا قبل بعثة النبي محمد بـ 5 سنوات. وهي أكبر أبناء عمر بن الخطاب سنًا، حتى أنها أكبر من أخيها الشقيق عبد الله بن عمر بـ 6 سنوات.
ومعنى اسم حفصة هو “الرخمة” وهو النسر صغير الحجم، وقيل مؤنث حفص وهو ولد الأسد. وعلى الرغم أن العرب كانوا يخصصون لكل رجل وامرأة كنية، لكن لم يعرف لها كنية أبدًا.
إسلامها وحياتها قبل النبي
ذكرت معظم المصادر أنها أسلمت في شهر ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة مع أبيها عمر بن الخطاب. ثم تزوجت من الصحابي الجليل خنيس بن حذافة بن عدي السهمي، وكان من السابقين إلى الإسلام، حيث أسلم قبل اجتماع النبي بأصحابه في دار الأرقم. وبعد عودة خنيس من هجرة الحبشة تزوج بحفصة بنت عمر.
وبعد هجرة المسلمون إلى المدينة هاجرت السيدة حفصة رضي الله عنها مع زوجها، وشهد غزوة بدر وأحد، ثم توفي سنة 3 من الهجرة. قيل أصيب في أحد وقيل أصيب في بدر ومات متأثرًا بجراحه. ودفن في البقيع ولم تنجب السيدة حفصة منه.
زواجها من النبي
بعد وفاة زوج السيدة حفصة رضي الله عنها، حزن سيدنا عمر حزنًا شديدًا على ابنته، وظل ينتظر أن يدق بابه زوجًا جديدًا لها، لكن طال انتظاره. فذهب إلى أبي بكر الصديق وعرض عليه الزواج من حفصة، فصمت، ثم ذهب إلى عثمان بن عفان بعد وفاة زوجته رقية، فقال له ” مالي في النساء حاجة”، فحزن عمر كثيرًا.
بعد فترة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، وفرح عمر بذلك، وعلم سبب صمت أبي بكر. قال لقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك قلت: نعم، قال: “فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله، ولو تركها لقبلتها”.
تزوج النبي من حفصة سنة 3 هـ، وقيل سنة 2هـ، وكان عمرها 20 سنة. واتفق العلماء أن حفصة كانت الزوجة الرابعة لرسول الله بعد السيدة خديجة وسودة وعائشة. وكان صداقها 400 درهم، ومهرها بساط ووسادتين وكساء وإناءين أخضرين. كما حضرت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع.
غيرة السيدة حفصة
كانت أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها، شديدة الغيرة على رسول الله. وكان نساء النبي حزبين، حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، وحزب فيه باقي النساء. وكانت حفصة تغار من السيدة صفية، فقد روى أنس بن مالك أن حفصة قالت ” صفية بنت يهودي”، فاشتكت السيدة صفية للنبي، فقال لها ” إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟”. وقال لحفصة ” اتق الله يا حفصة”.
وفي غيرة زوجات النبي فقد روى البخاري ومسلم، “أن عائشة سمعت أن النبي عندما يمكث عند زينب بنت جحش يشرب العسل، فاتفقت هي وحفصة بنت عمر، إذا دخل النبي على واحدة منهن تقول له إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير، فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال لها صلى الله عليه وسلم: لا بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش، ولن أعود. فنزل قول الله ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم﴾.
وذكر الشوكاني أن سبب نزول الآيات، أن النبي قد أصاب مارية القبطية في بيت حفصة، فغضبت حفصة لذلك وقالت له “يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي”، فقال: “ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها أبدًا؟” فقالت : بلى، فحرمها رسول الله على نفسه. ثم قال: لها لا تذكري ذلك لأحد، فذكرته لعائشة، فنزلت سورة التحريم، وكفر النبي عن يمينه وأصاب مارية.
طلاق النبي لحفصة
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال أراد رسول الله أن يطلق حفصة، فجاءه سيدنا جبريل وقال له “لا تطلقها، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة”. قيل لما طلق النبي حفصة علم عمر بن الخطاب فحزن ووضع التراب على رأسه، فنزل جبريل على النبي وقال له: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر.
ذكر أيضًا أن سيدنا عمر دخل على ابنته حفصة بعد فترة من رد رسول الله لها فوجدها تبكي، فقال لها ما يبكيك؟ لعل رسول الله طلقك؟ إن كان كذلك لا أكلمك أبدًا. وقال بعض العلماء إن سبب طلاق النبي لها هو إفشاء سره.
حياتها بعد وفاة النبي
بعد وفاة النبي لزمت السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب بيتها وكان يقع جنوب المسجد النبوي، ولم تخرج منه أبدًا. وفي خلافة عثمان بن عفان اختلف الناس في قراءة القرآن، وكانت النسخة الوحيدة التي كتبت في عهد أبي بكر في بيت حفصة. طلبها منها عثمان لينسخ منها عدد من النسخ ووزعها على الأمصار. وفي الفتنة التي حدثت بعد مقتل عثمان أرادت الخروج مع السيدة عائشة، لكن منعها أخوها عبد الله بن عمر.
صفات حفصة زوجة الرسول
كانت السيدة حفصة زوجة رسول الله تعرف القراءة والكتابة، حيث تعلمت على يد الصحابية الشفاء بنت عبد الله. وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تمدحها وتقول “ما رأيت صانعًا مثل حفصة، إنها بنت أبيها”.
كانت رضي الله عنها كثيرة القيام والصيام والتصدق والنفقة على الفقراء.
اشتهرت أيضًا بغيرتها على رسول الله ونزلت فيها أوائل سورة التحريم.
كما تميزت أم المؤمنين حفصة بالفصاحة والبلاغة، ولها خطبة شهيرة قالتها بعد مقتل أبيها.
وفاة حفصة زوجة الرسول
توفيت أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب، في المدينة المنورة عام 41 هـ، وهي في عمر الستين. وقيل توفيت عام 45 هـ، وقيل عام 50 هـ وصلى عليها مروان بن الحكم. ودفنت في البقيع.
المصادر:
ابن حزم: جمهرة أنساب العرب.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *