تُعَدُّ الدولة الأموية من أبرز الدول في التاريخ الإسلامي، حيث تأسست عام 41 هـ (661 م) على يد معاوية بن أبي سفيان، واستمرت حتى سقوطها عام 132 هـ (750 م). شهدت هذه الفترة تولي 14 خليفة، لكل منهم بصماته المميزة في التاريخ الإسلامي. فيما يلي، نستعرض خلفاء الدولة الأموية بالترتيب، مع تسليط الضوء على توليهم الخلافة وأهم إنجازاتهم ومواقفهم.

 

معاوية بن أبي سفيان 41-60 هـ

بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة سنة 41 هـ، تولى معاوية بن أبي سفيان الحكم مؤسسًا الدولة الأموية. نقل العاصمة إلى دمشق، وأسس نظامًا إداريًا قويًا، واهتم بتوسيع الدولة الإسلامية. عُرف بحنكته السياسية ودهائه، مما ساهم في استقرار الدولة وتوطيد أركانها.

 

يزيد بن معاوية 60-64 هـ

تولى يزيد الخلافة بعد وفاة والده معاوية. شهدت فترة حكمه أحداثًا جسيمة مثل معركة كربلاء عام 61 هـ، التي قُتل فيها الحسين بن علي، وحصار مكة والمدينة. واجه تحديات كبيرة في الحفاظ على وحدة الدولة واستقرارها.

 

معاوية بن يزيد 64 هـ

بعد وفاة يزيد، تولى ابنه معاوية الثاني الخلافة لفترة قصيرة لم تتجاوز بضعة أشهر. اعتزل الحكم بعدها وتوفي شابًا دون أن يترك أثرًا كبيرًا في التاريخ.

 

مروان بن الحكم 64-65 هـ

نشأ مروان بن الحكم في بيئة سياسية متقلبة بعد وفاة يزيد بن معاوية، حيث انتشرت الانقسامات والصراعات على السلطة بين الفصائل المختلفة داخل الأسرة الأموية. وفي ظل هذه الاضطرابات، برز مروان بن الحكم كمرشح قوي لتولي الخلافة.

بعد فراغ السلطة، بويع مروان بن الحكم بالخلافة. تمكن من إعادة توحيد الدولة الأموية بعد صراعات مع عبد الله بن الزبير، ومهّد الطريق لابنه عبد الملك لتولي الحكم. عُرف بحنكته السياسية وقدرته على إدارة الأزمات. كما سعَى إلى ترسيخ سلطة الدولة من خلال تنظيم الجهاز الإداري وإعادة ضبط النظام المالي، إلى جانب اتخاذ إجراءات حازمة ضد المعارضين الذين كانوا يمثلون تهديداً لاستقرار الحكم.

 

عبد الملك بن مروان 65-86 هـ

يُعتبر عبد الملك من أبرز خلفاء الدولة الأموية. وحّد الدولة بعد القضاء على المعارضة، وأدخل اللغة العربية في الدواوين، وأصدر العملة الإسلامية الموحدة. كما اهتم بتطوير البنية التحتية والإصلاح الإداري، إذ عمل على ترسيخ نظام الدولة وتوسيع مؤسساتها الإدارية والقضائية. فقد قام بإعادة تنظيم الدواوين وتحديث النظام الإداري بما يضمن توزيعًا عادلًا للثروات وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقد أسهمت هذه الإصلاحات في تعزيز الاستقرار السياسي وتمهيد الطريق أمام الفتوحات الإسلامية المستقبلية.

 

الوليد بن عبد الملك 86-96 هـ

الخليفة الأموي السادس، تولى الحكم في الفترة من 86 هـ إلى 96 هـ. شهدت فترة حكمه توسعاً ملحوظاً في الأراضي الإسلامية. فقد أرسل الحملات الإسلامية إلى شبه الجزيرة الإيبيرية بقيادة طارق بن زياد، مما مهد الطريق لفتح الأندلس. كما نجح في ضم بلاد ما وراء النهر وبلاد السند إلى حدود الدولة، تحت قيادة قتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم الثقفي.

كما برزت إنجازاته العمرانية، حيث شهد عهده بناء العديد من المنشآت العامة، ومن أبرزها تطوير المسجد الأموي في دمشق الذي يعتبر من روائع العمارة الإسلامية.

 

سليمان بن عبد الملك 96-99 هـ

تابع سليمان سياسة التوسع، وأرسل حملة بقيادة مسلمة بن عبد الملك لحصار القسطنطينية، لكنها لم تنجح. وُصف بأنه من الخلفاء الذين تميزوا بالعدل والاهتمام بشؤون الإدارة الداخلية للدولة، حيث سعى إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي. خلال فترة حكمه القصيرة، بذل جهودًا لتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، رغم أن إنجازاته العسكرية لم تكن بمستوى تلك التي حققها بعض خلفاء أمويين آخرين. كما اهتمّ بإصلاح النظام الإداري والمالي، مع الاستمرار في دعم التوسع الحضاري والثقافي للدولة.

 

عمر بن عبد العزيز 99-101 هـ

يُلقب بالخليفة الراشد الخامس بسبب عهده الذي يُضاهي فترة الخلفاء الراشدين من حيث العدالة والإصلاح، إذ سعى جاهداً إلى تصحيح مسار الدولة الأموية. أوقف الفتوحات للتركيز على الإصلاح الداخلي، وأعاد توزيع الثروات، وألغى المظالم، وعُرف بتقواه وورعه. تميز حكمه بالإصلاح الإداري والمالي؛ فقد ألغى العديد من الممارسات الفاسدة في إدارة الدولة، وأعاد  توزيع الثروات بطريقة أكثر عدالة.

كان لعمر بن عبد العزيز رؤية إصلاحية تستند إلى قيم الشريعة الإسلامية والعدالة الاجتماعية، وسعى إلى تحقيق توازن بين مصالح الدولة والمواطنين. على الرغم من أن فترة حكمه لم تكن طويلة، إلا أن إرثه في الإصلاح الإداري والتعامل الإنساني مع الرعية ترك بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي.

 

يزيد بن عبد الملك 101-105 هـ

يزيد بن عبد الملك بن مروان هو تاسع خلفاء الدولة الأموية. تولى الخلافة بعد موت أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك. سار يزيد في بداية خلافته على نهج عمر، لكن لم يدم ذلك أكثر من 40 يومًا. ففي بداية الأمر قرب إليه العلماء، ثم ابتعدوا جميعًا عن مجلسه بسبب عودته إلى طريقة أسلافه في الحكم. وقد اشتهر بحبه للجواري والملذات، لكن الروايات التي تناقلت ذلك فيها الكثير من المبالغة والتشويه والتناقضات، حسب ما قاله بن تغري بردي.

 

هشام بن عبد الملك 105-125 هـ

كان الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان عاشر خلفاء الدولة الأموية. وفي عهده اتسعت رقعة الدولة الإسلامية لأقصى امتداد لها. كما وقعت العديد من الأحداث الهامة مثل معركة بلاط الشهداء، وثورة زيد بن علي وبداية ظهور دعاة بني العباس. كان هشام عاقلًا حازمًا سائسًا فيه ظلم وعدل، كما وصفه الذهبي. حيث مثَّل الوسطية بين سياسية ملوك بني أمية ونهج أمير المؤمنين عمر بن العزيز. وكان رجل دولة ذكي حريص على مصالح دولته ورعيته، وشديد الحرص على أموال المسلمين، فوصفه الشعراء بالبخل.

 

الوليد بن يزيد 125-126 هـ

كانت خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، بداية نهاية وانهيار الدولة الأموية. فبعد وفاة هشام بن عبد الملك، لم يصمد حكم بني أمية سوى 7 سنوات فقط. وكان تكالبهم على الملك، وتنافسهم على الخلافة، وبعدهم عن الله، سبب تكالب أعدائهم عليهم. كان الوليد مشهورًا بحبه للخمر والملذات خلال ولاية عهده، ورغم ذلك نجح في استمالة الناس إليه بالقرارات التي اتخذها. لكن لم يمض على حكمه سنة وبضعة أشهر، حتى قتله ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، واستولى على الخلافة.

 

يزيد بن الوليد 126 هـ

تولى خلافة الدولة الأموية بعد انقلابه على ابن عمه الخليفة الوليد بن يزيد وخلعه من الحكم. حيث نجح في حشد كل الكارهين للوليد، الذين ثاروا عليه وقتلوه. لم يدم حكمه طويلًا، فقد توفي خلال 6 أشهر. وقد عرف بيزيد الناقص، لأنه نقص رواتب الجنود.

 

إبراهيم بن الوليد 126 هـ

تولى إبراهيم الخلافة لفترة قصيرة جدًا بعد وفاة أخيه يزيد الثالث. لم يتمكن من تحقيق إنجازات تُذكر، وتنازل عن الحكم لمروان بن محمد.

 

مروان بن محمد 127-132 هـ

يُعتبر مروان الثاني آخر خلفاء الدولة الأموية. واجه ثورات عديدة، أبرزها الثورة العباسية التي أطاحت به في معركة الزاب عام 132 هـ، مما أدى إلى نهاية الدولة الأموية.

 

 

 

 المصادر:

ابن الأثير: الكامل في التاريخ.

ابن كثير: البداية والنهاية.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات