كان رجاء بن حيوة بن جندل بن الأحنف بن السمط بن امرئ القيس بن كندة، من أئمة التابعين. وضعه العلماء في الطبقة الثانية من التابعين، وهناك من وضعه في الطبقة الثالثة. ولد في مدينة بيسان في فلسطين، وشهد أبوه حيوة فتح بيت المقدس في عهد عمر بن الخطاب. وكان أحد المهندسين الاثنين الذين أشرفا على بناء قبة الصخرة في عهد عبد الملك بن مروان. كما كان يصاحب الخلفاء ويقدم لهم النصح والإرشاد، فكان مقربًا من سليمان بن عبد الملك، ومن بعده عمر بن عبد العزيز. ومن بعد عمر لم يصاحب خليفة قط، وابتعد عن أمور الحكم والسياسة.
علمه وفقهه
تعلم رجاء بن حيوة على يد مجموعة من الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم جميعًا. وقد بلغ من العلم والفقه ما جعل كبار التابعين يعودون له في المسائل المهمة. حدث رجاء عن عدد من الصحابة مثل معاذ بن جبل، عبادة بن الصامت، أبي الدرداء الأنصاري، عبد الله بن عمر، معاوية بن أبي سفيان، أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي، وغيرهم.
وقد حدث عنه: الزهري، ومكحول، وقتادة، وعبد الملك بن عمير، وإبراهيم بن أبي عبلة، ورجاء بن أبي سلمة، وثور بن يزيد، ومحمد بن عجلان، وحميد الطويل، وغيرهم.
قال عنه ابن سعد: كان ثقة، عالمًا، فاضلًا، كثير العلم. وقال النسائي: ثقة.
وقال مطر الوراق: ما رأيت شاميًا أفقه منه.
أما ابن عون فقال: رأيت ثلاثة ما رأيت مثلهم: محمد بن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام .
دوره في مبايعة عمر بن عبد العزيز بالخلافة
كان رجاء بن حيوة مقربًا من سليمان بن عبد الملك، ينصحه فيأخذ برأيه. وعندما مرض سليمان وشعر بقرب أجله، أراد أن يعين ولي للعهد في وصيته. وقد ذكر ابن سعد في الطبقات أن بن حيوة اقترح اسم عمر على سليمان ليكون ولي العهد. فعندما مرض سليمان، كتب كتاب عهده إلى ابنه أيوب وهو غلام لم يبلغ. لكن رجاء بن حيوة اعترض على ذلك وقال له “ما تصنع يا أمير المؤمنين؟ إنه مما يُحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح”.
وبعد يومين مزق سليمان الكتاب، ثم قال: “ما ترى في داود بن سليمان؟”، فقال ابن حيوة: “هو غائب بقسطنطينية، وأنت لا تدري أحي هو أم ميت”. ثم قال سليمان: “كيف ترى عمر بن عبد العزيز؟”، فقال ابن حيوة: “أعلمه والله فاضلًا خيارًا مسلمًا”.
أدرك سليمان أن استخلافه لعمر سيؤدي إلى فتنة كبيرة، وقال “هو على ذلك، والله لئن ولّيته ولم أولِّ أحدًا من ولد عبد الملك لتكونن فتنة ولا يتركونه أبدًا يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده”. لذلك جعل يزيد بن عبد الملك ولي العهد بعد عمر تسكينًا وإرضاء لأمراء بني أمية من أبناء عبد الملك.
ثم كتب سليمان بيده “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز، إني وليته الخلافة من بعدي، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا، واتقوا الله ولا تختلفوا فيُطمع فيكم”.
أمر سليمان بجمع أمراء بني أمية، ثم جعل رجاء بن حيوة يأخذ منهم البيعة لمن ذكر اسمه في الكتاب، فبايعوا جميعًا. ولما مات سليمان، قرأ ابن حيوة الكتاب عليهم، فاعترض هشام بن عبد الملك على خلافة عمر بن عبد العزيز، وقال “لا نبايعه أبدًا”، فقال ابن حيوة: “اضرب والله عنقك، قم فبايع”. فقام هشام وبايع عمر وقال له: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، أي بسبب تقديمه على ولد عبد الملك. فقال عمر: “نعم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، حين صار إلي لكراهتي له”.
وفاة رجاء بن حيوة
بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، لم يصاحب ابن حيوة خليفة. وكان يزيد بن عبد الملك يجري عليه 30 دينارًا في كل شهر. فلما تولى هشام بن عبد الملك الخلافة قطعها عليه، لأنه تسبب في تأخير وصوله إلى الخلافة، وسلمها لعمر بن عبد العزيز. يقول رجاء بن أبي سلمة: فرأى هشام أباه في النوم، فعاتبه في ذلك، فأجراها.
وكان ابن حيوة من عباد الشام وزهادهم ومن فقهاء التابعين. وتوفي 112 من الهجرة.
المصادر:
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن خياط: الطبقات.
إسلام ويب: رجاء بن حيوة.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق