الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه، من كتاب الوحي لرسول الله، ومن فقهاء وقراء المدينة. كان يتيمًا مات أبوه وهو ابن 11 عامًا، فباركه النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم مع أهله. حاول رضي الله عنه المشاركة في غزوة بدر مع قومه الأنصار، لكن النبي رده لصغر سنه، ولم يقبل به إلا في غزوة الخندق سنة 5 من الهجرة.

 

نسب زيد بن ثابت

اسمه: زيد بن ثابت بن الضّحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة. وهو من بني النجار من المدينة المنورة.

أمه: النّوار بنت مالك.

أخوه: يزيد بن ثابت.

زوجته: أم العلاء الأنصارية، وهي أم ابنه خارجة بن زيد بن ثابت.

 

علم زيد بن ثابت

لما رأى النبي ذكائه وعلمه، طلب منه تعلم لغات الأقوام المجاورة حتى يكتب الكتب ويرسلها إليهم، فتعلم السريانية في 17 يومًا فقط، وتعلم كتاب اليهود. وقد ورد أنه رضي الله عنه قال  “أُتيَ بيَ النبي مَقْدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة. فقرأت عليه فأعجبه ذلك. فقال “تعلّمْ كتاب يهود، فإنّي ما آمنهم على كتابي”. ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهر حتى حَذِقْتُهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له”.

كما كان رضي الله عنه عالمًا بعلم المواريث أو الفرائض، حتى قال البعض لولا كتابته لها، لضاعت. وقال عنه النبي “أفرض أمتي زيد بن ثابت”. كان أيضًا من رواة الحديث عن النبي والصحابة مثل، أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. ونقل عنه أبو هريرة وعبد الله بن عباس.

 

زيد بن ثابت كاتب الوحي

كان زيد بن ثابت أشهر كتاب الوحي في عهد رسول الله، على الرغم من وجود أكثر من 20 كاتبًا للوحي غيره. وقد قرأ القرآن على النبي مرتين في العام الذي توفي فيه، وسميت القراءة بقراءة زيد بن ثابت، لأنه قرأها على رسول الله، وكان يقرأ بها للناس حتى مات. وكان رضي الله عنه من الصحابة الذين يكتبون ما يقرأه عليهم النبي، بينما كان آخرون يحفظون في صدورهم. ومن كتاب الوحي أيضًا:

أبي بن كعب

كان الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه، ممن يعرفون القراءة والكتابة في الجاهلية. وبعد إسلامه اختاره النبي من بين الأنصار ليكون كاتبًا للوحي. وقد ورد أن النبي قال لأبي بن كعب “إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن”. فقال أبي “الله سماني لك؟”، قال النبي “نعم”. قال “وذُكرت عند رب العالمين؟”، قال “نعم”. فذرفت عيناه.

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تفرغ للعبادة وابتعد عن أمور الدنيا، ولما رأى حاجة الناس إليه خرج ليعلمهم. وكان له مكانة كبيرة بين الصحابة، فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحترمه ويتحاكم إليه. وقد روي أن سيدنا عمر قال “من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدًا”.

أبان بن سعيد بن العاص

كان الصحابي الجليل أبان بن سعيد بن العاص من كبار الصحابة وأكابر قريش. وهو الذي أجار سيدنا عثمان بن عفان عندما أرسله النبي إلى زعماء مكة يوم الحديبية. كان شديد الخصومة للإسلام، ثم أسلم يوم خيبر وقيل قبل ذلك، واستعمله النبي على البحرين سنة 9 من الهجرة. وقد اختلف العلماء في يوم تاريخ وفاته، فقيل توفي سنة 12 من الهجرة في معركة أجنادين، وقيل سنة 15 من الهجرة في معركة اليرموك.

معاوية بن أبي سفيان

كان الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان من كتاب الوحي لرسول الله، وكان ممن كتبوا بعد صلح الحديبية. وورد في قصة إسلامه رضي الله عنه أقوال: منها أنه أسلم مع أمه وأبيه وأخيه يوم فتح مكة. أما الذهبي فقال أنه أسلم قبل الفتح، وظل يخفي إسلامه حتى قدم النبي إلى مكة عام 8 هـ.  كما تولى سيدنا معاوية رضي الله عنه أمور المسلمين بعد أن تنازل له الحسن بن علي عن الخلافة، وحكم المسلمين لمدة 20 سنة. وتوفي معاوية بدمشق في شهر رجب سنة 60 هـ، عن عمر 78 سنة

 

مكانة زيد بن ثابت وفضله

حظى سيدنا زيد بن ثابت بمكانة عظيمة بفضل علمه، ونال احترام الجميع. ففي غزوة تبوك، كان يحمل راية بني النجار عمارة بن حزم، فأخذها منه النبي وسلمها لزيد. فقال عمارة للنبي “يا رسول الله، بلغك عني شيء!”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا، ولكن القرآن مقدم”.

كان الصحابة يقدرونه ويجلونه، وفي مرة ذهب ليركب، فأسرع بن عباس وأمسك براحلته حتى يستطيع الركوب. فقال له زيد “تنحى عني يا ابن عم رسول الله”، فقال عبد الله “لا، هكذا نصنع بعلمائنا”.

وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، كان يستخلفه على المدينة إذا ذهب للحج، وتولى بنفسه تقسيم غنائم معركة اليرموك. كما كان أيضًا من أصحاب الفتوى الستة، وكان عمر وعثمان لا يقدمان عليه أحد في الفتوى والقضاء والفرائض والقراءة. وفي عهد سيدنا عمر ولاه القضاء.

قال عنه بن سيرين “غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض”. وقال الزهري، أنه لولا زيد بن ثابت لذهبت الفرائض بين الناس.

وعندما اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي لاختيار الخليفة، كان له رأي سديد. حيث قال (إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره، وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره).

 

دوره في جمع القرآن

عندما قام أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم بعد حروب الردة، أرسل إليه وأوكل له المهمة. وكان عمر بن الخطاب صاحب هذه الفكرة، خاصة بعد موت كثير من القراء وحفظة القرآن في معركة اليمامة وحروب الردة. استدعى أبو بكر زيد بن ثابت وقال له “إنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله، فتَتَبَّع القرآنَ فاجْمَعْهُ”.

عارض زيد جمع القرآن في البداية، بحجة أن النبي لم يفعله في عهده، لكن أبو بكر ظل وراءه حتى أقنعه. ثم قام بالمهمة على أتم وجه، وقال في ذلك “والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن”. وذكر أيضًا طريقة جمعه للقرآن فقال “فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال”.

وفي عهد عثمان بن عفان، دخلت كثير من الأمم الإسلام، وأصبح الناس يختلفون في القراءة. فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان، توحيد المصحف ونسخه لعدة مصاحف وتوزيعه على الأقاليم. وعندما سئل عثمان عن أجدر شخص يفعل ذلك، اقترح عليه الناس زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص. فقال عثمان “فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ”.

 

وفاة زيد بن ثابت

اختلف العلماء في تاريخ وفاة الصحابي زيد بن ثابت، والأشهر أنه مات في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 54 من الهجرة. وخلال دفنه قال عبد الله بن عباس “لقد دفن اليوم علم كثير”.

 

 

المصادر:

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات