الصحابي الجليل سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه، من الصحابة الكرام الذين لهم مكانة رفيعة في الإسلام. كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويعطيه قيمة كبيرة. وكان له الفضل في إسلام قومه جميعًا الذين اتبعوه بعد إسلامه احترامًا له. ثم جعل داره مقرًا لنشر الدعوة بين باقي الأنصار. كما كان له ثقله في يثرب وكلمته مسموعة، حتى أن يهود بني قريظة الذين نقضوا العهد مع المسلمين رضوا بحكمه، فحكم فيهم مثلما حكم الله عليهم. إنه الصحابي الذي حضرت الملائكة جنازته، واهتز له عرش الرحمن عند موته.

 

نسب سعد بن معاذ

اسمه: سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

أبوه: معاذ بن النعمان الأوسي.

أمه: كبشة بن رافع الخدرية.

إخوته: الحارث بن معاذ، عمرو بن معاذ.

أولاده: عمرو وعبد الله.

زوجته: هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

كنيته: أبو عمرو.

مكانته: كان سيد قبيلة الأوس.

ميلاده: سنة 32 قبل الهجرة.

وفاته: سنة 5 بعد الهجرة.

 

نبذة عن حياة سعد بن معاذ وإسلامه

ولد سيدنا سعد بن معاذ في يثرب قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها تقريبًا باثنين وثلاثين عامًا. وكان رسول الله قد أرسل مصعب بن عمير إلى يثرب بعد بيعة العقبة الأولى ليدعوا ويعلم أهلها الإسلام. فأسلم سعد بن معاذ على يده، وأسلم معه ابن خالته أسعد بن زرارة.

وبعد إسلامه وذهب لقومه وكان كلامه مسموعًا فيهم، فقال لهم ” يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟”. قالوا: “سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة”، قال: “فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله”. فأسلم رجال ونساء بني الأشهل جميعًا، وكانوا بذلك أول دار في يثرب تدخل الإسلام كلها.

وكان أسيد بن خضير أيضًا سيدًا للأوس، فأسلم بعده، وكسروا معًا أصنام بني عبد الأشهل.

 

قصة سعد بن معاذ بعد هجرة النبي إلى المدينة

بعد هجرة رسول الله إلى المدينة المنورة، آخى بين المهاجرين والأنصار، فآخى بين سعد بن معاذ وعبيد الله بن الجراح، وقيل سعد بن أبي وقاص. كان رضي الله عنه ممن حضروا غزوة بدر، وحمل راية الأوس.

وكان له موقف شجاع ونبيل سجلته كتب السيرة. فعندما استشار النبي الصحابة قبل المعركة قال له “قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة. فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد. وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله”.

شارك أيضًا الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه في غزوة أحد، وكان من الصحابة الكرام الذين ثبتوا مع رسول الله في القتال عندما ولى المسلمون عنه.

وخلال غزوة الخندق، أصيب رضي الله عنه بسهم، وكان الذي أصابه رجل من قريش اسمه “حيان بن قيس بن العرفة”. فدعا سعد ألا يموت حتى يرى يومًا في بني قريظة. وقال “اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا، فأبقني لها. فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة”.

 

حكم سعد بن معاذ على يهود بني قريظة

خلال غزوة الخندق، نقض يهود بني قريظة العهد مع المسلمين وتحالفوا مع قريش. بعد الغزوة دعا النبي أصحابه وحاصروا بني قريظة 25 يومًا، حتى استسلموا. ثم طلبوا أن يحكم عليهم سعد بن معاذ رضي الله عنه، لأنه كان حليفهم في الجاهلية، فاعتقدوا أنه سينصرهم ويحابيهم.

كان سيدنا سعد جريحًا ينام في بيته، فحمله الصحابة على حمار، وقال له رسول الله “أشر علي في هؤلاء”، فحكم عليهم بقتل مقاتليهم وسبي ذريتهم. تفاجأ النبي وقال له لقد حكمت فيهم بما أمرني الله به. ولم تؤثر علاقته بهم، وحكم عليهم حكمًا شافيًا عادلًا.

 

صفات سعد بن معاذ

كان الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه، حسن الوجه، أبيضًا، طويلًا، حسن اللحية، وواسع العينين.

اتصف سعد بحبه لرسول الله ودفاعه عنه، فقد ثبت معه في أحد. وفي بدر أراد أن يقيم له عريشًا يجلس فيه، حتى يحميه من العدو، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه.

اشتهر سيدنا سعد بن معاذ بغيرته الشديدة على زوجته، فلما نزلت آيات الملاعنة في القرآن الكريم، قال لو رأيت رجلًا مع زوجتي لضربته بالسيف. ولما سمع النبي بما قاله، قال: أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه، والله أغير مني.

 

مناقبه

يتمتع الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه، بمكانة كبيرة، فقد أثنى عليه النبي في كثير من الأحاديث، وبين مكانته وقيمته الكبيرة عند الله سبحانه وتعالي. فعندما مات سيدنا سعد قال النبي ” لقد استبشرت الملائكة بروح سعد، واهتز له العرش”.

وفي حديث آخر عن عائشة بنت أبي بكر الصدق رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن للقبر ضغطة، وإن كان أحد منها ناجيًا، نجا منها سعد بن معاذ”.

لقد كرمه الله عز وجل يوم وفاته، ونزلت الملائكة الأرض وحضرت جنازته. فقد روي سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ، سبعون ألفًا، ما وطئوا الأرض قبل، وبحقٍ أعطاه الله تعالى ذلك”.

حدث رسول الله أصحابه أيضًا عن منزلة سعد في الآخرة وعن الجنة التي أعدت له. ففي يوم أهدى أكيدر بن عبد الملك ملك دومة الجندل رسول الله ثوبًا من حرير مطرز بخيوط من ذهب. لما رآه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تعجبوا من جماله وليونته، فقال لهم النبي ” مناديل سعد في الجنة أحسن من هذا”.

كان رضي الله عنه سيدًا في قومه، يتمتع بمكانة كبيرة عبرت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها في قولها ” كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر”.

 

وفاة سعد بن معاذ

كانت إصابة سيدنا سعد بن معاذ بالغة، فضرب له النبي قبة في المسجد النبوي ليكون قريبًا منه، وكوى له ذراعه بنفسه. وقبل وفاته رضي الله عنه رآه النبي وقد انفجر الدم من يده، فعانقه حتى مات، وحزن عليه صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا.

وكانت وفاته بعد غزوة الخندق بشهر واحد سنة 5 هـ، ودفن في البقيع. وحين مات قال النبي “اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ”.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات