الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة فاتح الأردن، من القادة المسلمين العظام الذين أرسلهم أبو بكر الصديق لفتح بلاد الشام. قاد سيدنا شرحبيل الجيش الإسلامي وفتح العديد من المدن التي تقع في دولة الأردن اليوم. لذلك يعود له الفضل في نشر الإسلام في هذه البلاد، وضمها لرقعة الدولة الإسلامية. وكان رضي الله عنه يحارب جنبًا إلى جنب مع الصحابي الجليل أبا عبيدة بن الجراح، وقيل أنهما ماتا في يومٍ واحد أيضًا بسبب طاعون عمواس.

 

نسبه

اسمه: شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عبد الله بن الغطريف بن عبد العزى بن جثامة بن مالك بن دُهم بن سعد بن يشكر بن منشر بن الغوث بن مر.

كنيته: أبو عبد الله، أو أبو عبد الرحمن.

أمه: حسنة أم شرحبيل.

 

نبذة عن شرحبيل بن حسنة

ولد سيدنا شرحبيل بن حسنة في مكة سنة 49 قبل الهجرة تقريبًا. أسلم مبكرًا في مكة مع أسرته، وهاجر إلى الحبشة. وكان يقال له ذو الهجرتين ( هجرة الحبشة وهجرة المدينة). كان رضي الله عنه شجاعًا فشارك في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب كان أحد القادة الذين فتحوا بلاد الشام. وظل يجاهد في سبيل الله حتى مات.

كما كان صريحًا حريصًا على تنفيذ وصايا رسول الله. لما وقع الطاعون بالشام، أمر سيدنا عمرو بن العاص أن يتفرق الناس بالشعاب هربًا من الوباء. وعندما علم سيدنا شرحبيل ذلك قال: إني قد صَحبتُ رسول الله وعمرو أضلُّ من جمل أهله، وربما قال شُعبة: أضلُّ من بَعير أهله، وإنه قال: إنها رحمةُ ربِّكم، ودعوة نبيكم، وموتُ الصالحين قبلكم، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه، قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: صدق.

وقد روت الشفاء بنت عبد الله موقفًا عن شرحبيل بن حسنة، يوضح مدى حبه لرسول الله. تقول الشفاء: جئت يوما حتى دخلت على النبي، فسألته وشكوت إليه، فجعل يعتذر إلي وجعلت ألومه. ثم حانت الصلاة فدخلت بيت ابنتي وهي عند شرحبيل بن حسنة فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه. وقلت: حضرت الصلاة وأنت هاهنا؟ فقال: يا عمه لا تلومني كان لي ثوبان استعار أحدهما رسول الله.

 

جهاده في خلافة أبي بكر الصديق

أرسل أبو بكر الصديق 4 جيوش لفتح بلاد الشام وجعل على كل جيش قائد كالتالي:

جيش شرحبيل بن حسنة: وكان مكونًا من 3 آلاف أو 4 آلاف مقاتل، وكان طريقه إلى تبوك والبلقاء ثم بصرى. صار شرحبيل بالجيش ولم يجد أي مقاومة في طريقه، وتوغل في البلقاء حتى وصل بصرى، لكنها كانت محصنة فلم يستطع فتحها.

جيش يزيد بن أبي سفيان: وكانت مهمته فتح دمشق، وتقديم المساعدة إلى باقي الجيوش عند الضرورة.

وجيش أبي عبيدة بن الجراح: وكان مكونًا أيضًا من حوالي 4 آلاف رجلًا، وكان طريقه إلى حمص.

وجيش عمرو بن العاص: وكانت جهته إلى فلسطين، ومكونًا من 7 آلاف مقاتل تقريبًا.

وبسبب جيش البيزنطيين الكبير، قرر القادة الأربعة تجميع قواتهم والالتقاء في اليرموك لقتال الروم. فانسحب أبو عبيدة من حمص، وشرحبيل من الأردن، ويزيد من دمشق، وعمرو بن العاص انسحب تدريجيًا من فلسطين.

وخلال معركة اليرموك قسم خالد بن الوليد الجيش إلى عدة أقسام، فجعل على الميمنة عمرو بن العاص، ومعه شرحبيل بن حسنة. وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان، وعلى القلب أبو عبيدة بن الجراح ومعه القعقاع بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل.

 

فتح الأردن خلال خلافة عمر بن الخطاب

شارك شرحبيل بن حسنة في فتوحات الشام أيضًا خلال خلافة عمر بن الخطاب. وكان ضمن الجيش الذي حاصر دمشق في شهر محرم سنة 14 من الهجرة. وتوزع الجيش بين القادة وحاصروا المدينة من عدة جهات كالتالي:

نزل شرحبيل بن حسنة على باب الفراديس.

ووقف أبو عبيدة بجيشه غرب المدينة على باب الجابية.

وعسكر خالد عند الباب الشرقي، قرب دير صليبا.

ونزل عمرو بن العاص في الشمال الشرقي عند باب توما.

وعسكر يزيد بن أبي سفيان في الجنوب عند الباب الصغير.

ونجح المسلمون في فتح دمشق بعد حصار دام 70 يومًا. ثم ترك أبو عبيدة، يزيد بن أبي سفيان على دمشق، وعمرو بن العاص على فلسطين، وشرحبيل بن حسنة على الأردن. وذهب برفقة خالد بن الوليد لفتح مناطق أخرى.

ودخل شرحبيل في قتال عنيف مع الروم فيما عُرِف بمعركة فحل. وكانت فحل مدينة مهمة ويجب السيطرة عليها حتى لا تقطع خطوط الاتصال بين الجيش الإسلامي في الشام والجزيرة العربية. ورغم أعداد الروم الكبيرة، لكنه استطاع دفعهم إلى المستنقعات وهزمهم هزيمة كبيرة. ثم استمر في تحرير بقية المدن والمناطق بالأردن.

وبعد أن نجح شرحبيل بن حسنة في فتح الأردن كاملة، لحق بعمرو بن العاص لفتح بيت المقدس، مثله مثل أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد. وبعد حصار استمر عدة شهور استطاع المسلمين فتح القدس أيضًا. ووصل سيدنا عمر فلسطين وصالح أهلها، وكتب لهم العهدة العمرية وأعطاهم الأمان. ثم تسلم مفاتيح المدينة وتم فتح القدس سنة 16 من الهجرة.

 

وفاة شرحبيل بن حسنة

اختلف المؤرخون في وفاة شرحبيل، فذكر البعض أنه مات في طاعون عمواس سنة 18 من الهجرة، برفقة أبي عبيد بن الجراح. وقيل مات خلال معركة اليرموك، ودفن بالأردن في الأغوار، وقيل في صيدا بلبنان. وتوفى وعمره 76 سنة.

 

 

 

المصادر:

ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق.

الطبري: تاريخ الأمم والملوك.

ابن كثير: البداية والنهاية.

البلاذري: فتوح البلدان.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

الزركلي: الأعلام.

موقع قصة الإسلام: فتوحات الشام في عهد أبي بكر الصديق

موقع قصة الإسلام: فتوحات الشام في عهد عمر بن الخطاب.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات