كان الصحابي صفوان بن أمية من أشد أعداء قريش للرسول، وكان يكره المسلمين. ثم أسلم يوم فتح مكة سنة 8 من الهجرة، وكان من المؤلفة قلوبهم، لكنه حَسُن إسلامه لاحقًا، يقول بن قتيبة “كان صفوان بن أمية من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه”. وكان ابنه عبد الله بن صفوان من أصحاب عبد الله بن الزبير وقُتِل معه.
نسبه
اسمه: صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. يُكَنى بأبي وهب وقيل بأبي أُمَية.
أمه: هي صفية بنت معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص الجمحية القرشية.
لقبه: سيد البطحاء.
زوجاته: أم وهب بنت أمية، أميمة بنت أبي سفيان، فاختة بنت الأسود، عاتكة بنت الوليد بن المغيرة، برزة بنت مسعود.
أبناؤه: عبد الله بن صفوان، عبد الله الأصغر بن صفوان، عبد الرحمن بن صفوان، صفوان بن صفوان، خالد بن صفوان، حكيم بن صفوان، عبد الرحمن الأصغر بن صفوان، عمرو بن صفوان، عثمان بن صفوان، هشام بن صفوان، أمية بن صفوان.
عداوة صفوان للنبي
كان أمية بن خلف والد صفوان من أكثر كفار مكة عداوة لرسول الله، وقد قتله المسلمين يوم بدر. ورث صفوان الكراهية من أبيه وزادت بعد بدر، فحارب بكل طاقته في غزوة أحد، وكان ممن التفوا خلف ظهر المسلمين مع خالد بن الوليد، وساهم في قتل 70 من الصحابة. واشترك أيضًا في غزوة الأحزاب وقاتل ضد المسلمين.
كما دبر صفوان محاولة لاغتيال رسول الله في المدينة المنورة، فأرسل إليه عمير بن وهب قبل إسلامه. وتعهد لعمير أن يتكفل بنفقات أهل بيته ويسد عنه دينه إن هو قتل رسول الله. لكن رسول الله أخبر عمير بما دار بينه وبين صفوان في حجر الكعبة، فأسلم.
صفوان بن أمية يوم فتح مكة
دخل النبي بجيشه مكة المكرمة، فنادى أبو سفيان بأعلى صوته “يا معشر قريش، هذا محمد جاءكم فيما لا قِبَل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن”. فقالوا له “قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟”، قال “ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن”. وتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
ودخل جيش المسلمين مكة من جهاتها الأربعة، فعجزت قريش عن المقاومة. ومع ذلك حاول عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية التصدي لهم، لكن هزمهم خالد بن الوليد. ودخل النبي مكة بدون إحرام يلبس عمامة سوداء، ويقرأ سورة الفتح، حامدًا الله وشاكرًا له.
اضطر صفوان إلى الهرب من مكة، ولم يجد مكانًا يلجأ إليه داخل الجزيرة العربية، فقرر أن يلقي بنفسه في البحر. خرج وهو غلام له اسمه يسار واتجهوا إلى البحر الأحمر، فرأى رجل يتبعه، ثم علم أنه عمير بن وهب وكان صديقه في الجاهلية. ظن صفوان أن عمير قد جاء خلفه ليقتله لأنه أسلم وصار من أتباع النبي. ثم قال له “يا عمير، ما كفاك ما صنعت بي؟ حملتني دينك وعيالك، ثم جئت تريد قتلي”. فقال عمير “أبا وهب، جعلت فداك، قد جئتك من عند أبر الناس، وأوصل الناس”.
وكان عمير صديق مقرب من صفوان في الجاهلية، أحب له الهداية والإسلام، وطلب له الأمان من رسول الله فقال له “يا رسول الله، سيد قومي خرج هاربًا ليقذف نفسه في البحر، وخاف ألاّ تُؤَمِّنه، فأمِّنْهُ فداك أبي وأمي”. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “قد أمَّنتُه”.
إسلام صفوان بن أمية
وصل عمير إلى صفوان وبلغه أن رسول الله أمَّنه، لكن خشى على نفسه وقال “لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامةٍ أعرفها”. عاد عمير إلى النبي وأخبره أن صفوان يريد أن يقتل نفسه، ولم يرض بالعودة معه حتى يحصل على علامة. فقال له النبي “خذ عمامتي إليه”.
أخذ عمير العمامة إلى صفوان وقطع مسافة كبيرة من مكة إلى البحر الأحمر، وبلغه أن رسول الله يعرض عليه الإسلام. فإن أسلم فقد انتهت العداوة فالإسلام يمحي ما قبله، وإن أراد أخذ وقت للتفكير فمعه شهرين يفكر وهو أيضًا في أمان.
وصل صفوان مكة والرسول يصلي العصر بالمسلمين في الحرم، فوقف بعيدًا ونادى “يا محمد، إن عمير بن وهب جاءني بعمامتك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرًا وإلا سيرتني شهرين”. فقال النبي “انزل أبا وهب”، فقال صفوان: “لن أنزل حتى تبين لي”. فرد عليه النبي ردًا يظهر كرمه وعظمة رسالته وسماحتها “بَلْ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ”. وأعطاه أربعة أشهر وليس شهرين فقط، يفكر خلالهم في الإسلام. وقبل أن تنتهي المدة كان قد أسلم، ورغم أنه كان من المؤلفة قلوبهم، إلا أن إسلامه قد حَسُن.
وفاته
ذكرت بعض المصادر أن صفوان بن أمية توفي سنة 41 من الهجرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان. وقيل توفي سنة 42هـ، وقيل توفي في خلافة عثمان بن عفان سنة 35 من الهجرة.
المصادر:
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن حزم الأندلسي: جمهرة أنساب العرب.
ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.
موقع قصة الإسلام: سهيل بن عمرو.. وصفوان بن أمية.
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق