يعد طاهر بن الحسين أحد أبرز القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي خلال العصر العباسي. حيث لعب دورًا محوريًا في الصراعات السياسية والعسكرية التي شهدتها الخلافة العباسية في أوائل القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي). اشتهر طاهر بن الحسين بمهارته القيادية وحنكته السياسية، حتى أسس دولة الطاهريين في خراسان، والتي حكمت مناطق واسعة من إيران وأجزاء من آسيا الوسطى.

في هذا المقال، سنستعرض حياة طاهر بن الحسين العسكرية والسياسية، بدءً من نشأته، مرورًا بدوره في الصراع بين الأمين والمأمون، وصولًا إلى تأسيس الدولة الطاهرية.

 

نشأته

وُلد طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق في قرية بوشنج بالقرب من هراة (في أفغانستان حاليًا) سنة 159 هـ / 775 م. وينتمي إلى أسرة فارسية ذات نفوذ عسكري وإداري. كان جده رزيق من كبار القادة في الجيش العباسي، مما أتاح لطاهر فرصة الانخراط في الحياة العسكرية منذ صغره.

نشأ طاهر في بيئة محبة للعلم والحرب، فتلقى تعليمًا جيدًا في الفقه والأدب إلى جانب الفنون القتالية. مما ساعده على الجمع بين الحنكة العسكرية والذكاء السياسي.

 

دوره في الصراع بين الأمين والمأمون

أبرز ما اشتهر به طاهر بن الحسين هو دوره الحاسم في الحرب الأهلية بين الأمين والمأمون، ابني الخليفة هارون الرشيد. فبعد وفاة هارون الرشيد سنة 193 هـ / 809 م، اندلع نزاع بين ولديه:

الأمين (محمد الأمين): تولى الخلافة في بغداد بموجب وصية والده.

المأمون (عبد الله المأمون): كان واليًا على خراسان وأراد توسيع نفوذه.

كان طاهر بن الحسين أحد قادة جيش المأمون. وقد عُين قائدًا للجناح الأيمن في معركة الري سنة 195 هـ / 811 م، والتي انتصر فيها جيش المأمون.

وفي سنة 196 هـ / 812 م، قاد طاهر بن الحسين جيش المأمون في حصار بغداد، الذي استمر لأكثر من عام. تميز طاهر بالقسوة والحسم، حيث قطع خطوط الإمداد عن المدينة وشن هجمات متتالية حتى سقطت بغداد سنة 198 هـ / 813 م.

وفقًا لـ ابن جرير الطبري، كان طاهر هو من أمر بقتل الأمين بعد استسلامه. حيث أرسل أحد ضباطه (خالد بن يزيد الشيباني) لتنفيذ الأمر، مما أثار جدلًا تاريخيًا حول مدى تورط المأمون في هذه الواقعة.

 

تعيينه واليًا على خراسان وتأسيس الدولة الطاهرية

بعد انتصار المأمون، كافأ طاهر بن الحسين بتعيينه واليًا على خراسان سنة 205 هـ / 820 م، مما مهد الطريق لظهور الدولة الطاهرية. وفي سنة 207 هـ / 822 م، اتخذ طاهر خطوة جريئة عندما أزال اسم المأمون من الخطبة في مسجد نيسابور. مما اعتبره المؤرخون إعلانًا ضمنيًا للاستقلال. ومع ذلك، ظل طاهر يظهر الولاء للخلافة العباسية، لكنه أسس حكمًا وراثيًا لعائلته.

 

وفاة طاهر بن الحسين

توفي طاهر بن الحسين فجأة سنة 207 هـ / 822 م في مدينة مرو. وتشير بعض المصادر مثل المسعودي إلى أنه ربما مات مسمومًا بأمر من المأمون الذي خشي من تزايد نفوذه.

بعد وفاة طاهر، خلفه ابنه طلحة بن طاهر، ثم عبد الله بن طاهر، الذي يعتبر من أبرز حكام الأسرة الطاهرية. وحكم الطاهريون خراسان وما حولها لأكثر من 50 عامًا، وكان لهم دور كبير في:

تعزيز الأمن والاستقرار في مناطق شرق الخلافة.

دعم العلوم والثقافة، حيث ازدهرت حركة الترجمة في عهدهم.

الانفصال التدريجي عن السلطة المركزية في بغداد، مما مهد لظهور دول مستقلة مثل الصفاريين والسامانيين.

وظلت الدولة الطاهرية قائمة حتى سقوطها على يد يعقوب بن الليث الصفار سنة 259 هـ / 873 م. لكن إرث طاهر العسكري والسياسي بقي مؤثرًا في تاريخ المنطقة.

 

اقرأ أيضًا: فتح بلاد ما وراء النهر في عهد الدولة الأموية

 

 

 

المصادر

الطبري: تاريخ الرسل والملوك.

ابن الأثير: الكامل في التاريخ.

المسعودي: مروج الذهب.

ابن خلدون: العبر وديوان المبتدأ والخبر.

 

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات