الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، هو حبر الأمة وترجمان القرآن. كان فقيهًا ومحدثًا وعالمًا ومفسرًا للقرآن. وهو واحد من أكثر الصحابة رواية للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بفضل ملازمته له. دعا له النبي وقال “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”. وقال أيضًا ” اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة”.

 

نبذة عن عبد الله بن عباس

ولد الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، قبل الهجرة بـ 3 سنوات وقت حصار المسلمين في شعب أبي طالب، وهذا ما يؤيده الواقدي. وقيل أنه ولد في العام الذي هاجر فيه النبي إلى المدينة، وهذا الرأي يؤيده سعيد بن جبير.

أسلم حبر الأمة قبل فتح مكة مع أمه “أم الفضل بنت الحارث”، وكان طفلًا لم يبلغ الحلم. وعندما أسلم والده العباس، خرجوا مهاجرين إلى المدينة، لكنهم التقوا بالنبي وهو في طريقه إلى فتح مكة، فعادوا معه وشهدوا الفتح.

بعد إسلامه ظل ملازمًا للنبي ويدخل بيته ويبيت أيامًا في غرفة خالته ” ميمونة بنت الحارث” زوجة النبي. وكان الوقت الذي أمضاه برفقة النبي تقريبًا 30 شهرًا، حفظ خلالهم أقواله وأفعاله ونقلها إلى الصحابة الكرام. ذكر بن عباس أنه من كثرة ملازمته للنبي رأي سيدنا جبريل مرتين في بيته ودعا له بالحكمة.

وفي آخر أيام النبي كان معه أيضًا، ووصف لنا حالة النبي قبل وفاته وخروجه للصلاة، وكيفية تغسيله والصلاة عليه، وما حدث في بيته بين الصحابة بعد وفاته.

 

نسب عبد الله بن عباس

اسمه: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.

أبوه: العباس هو عم النبي محمد.

أمه: أم الفضل بنت الحارث المعروفة باسم لُبَابَة الكُبْرى الهلالية. وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله.

كنيته: أبو العباس.

إخوته: الفضل، قثم، عبيد الله، عبد الرحمن، كثير، عون، الحارث أو الحرث، تمام، ومعبد.

أخواته: أم حبيب أو أم حبيبة، صفية، أميمة أو آمنة أو أمينة، أم كلثوم.

زوجاته: حبيبة بنت الزبير، زهرة بنت مشرح، شميلة بنت أبي حناءة.

أبناؤه: العباس، محمد، الفضل، عبد الرحمن، علي، أسماء، لبابة.

 

عبد الله بن عباس في عهد عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب يقدم ابن عباس رضي الله عنه ويأخذ مشورته في كل شيء. حتى أنه كان يقول عنه “ذلك فتى كهول، له لسان سؤول وقلب عقول. وقد روي أنه كان يضعه في مرتبة الصحابة الكبار الذين شهدوا غزوة بدر، فتعجب البعض من فعل عمر تجاه ابن عباس. ولما رأى العباس قرب ابنه من أمير المؤمنين قال له “إن عمر يدنيك ويجلسك مع أكابر الصحابة فاحفظ عني ثلاثًا: لا تفشين له سرًا، ولا تغتبن عنده أحدًا، ولا يجربن عليك كذبًا”. وظل عبد الله مقربًا من سيدنا عمر حتى مقتله، وكان معه حتى مات.

 

حياته في عهد عثمان بن عفان

في عهد عثمان بن عفان، نادى المنادي للجهاد في أفريقية، فخرج ترجمان القرآن بن عباس رضي الله عنه، ولبى النداء. ثم خرج الجيش بقيادة الحارث بن الحكم بن أبي العاص، وتوجه إلى مصر للقائد عبد الله بن سعد بن أبي السرح، فشهد ابن عباس فتح إفريقية معه سنة 27 هـ. ثم غزا ابن عباس طبرستان تحت قيادة سعيد بن العاص سنة 30 هـ. وفي عام 35 هـ، وكله عثمان بن عفان بإمامة الناس في الحج، وكان معه أمهات المؤمنين أم سلمة والسيدة عائشة. خطب بالناس في يوم عرفة، ثم فسر سورة النور وسورة البقرة، وكانت أم المؤمنين عائشة تقول عنه ” كان أعلم الناس”.

 

دوره في عهد علي بن أبي طالب

كان الصحابي الجليل عبد الله بن عباس يقف بجوار الإمام علي، وشهد معه موقعة الجمل ومعركة صفين. كما شارك أيضًا في قتال الخوارج في معركة النهروان. وقد كلفه سيدنا علي بحوار 6 آلاف من “الخوارج الحرورية” فرجع منهم 2000 شخص وتركوا معاداتهم لعلي.

ولاه أيضًا ولاية البصرة، فكان يجتمع بالناس ويفسر لهم القرآن الكريم. قال ابن كثير “وكان أهل البصرة مغبوطين به، يفقههم ويعلم جاهلهم، ويعظ مجرمهم، ويعطي فقيرهم، فلم يزل عليها حتى مات علي”. وفي قصة ولايته على البصرة قيل أنه ظل واليًا عليها حتى موته، وقيل عزله سيدنا علي سنة 39 هـ، وخلفه أبو الأسود الدؤلي.

 

علمه وتعليمه الناس

بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظل حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه يطلب العلم والحديث من الصحابة. كما قرأ القرآن على أبي بن كعب وزيد بن ثابت. وكان يسأل كبار الصحابة مثل علي وعمر وأبي بن كعب، عن غزوات النبي والآيات القرآنية التي نزلت فيها.

وكان يتحرى الدقة بشكل كبير، فيسأل عن الأمر الواحد 30 رجلًا من الصحابة الكبار. ثم صار له مجلسًا كبير في المدينة المنورة، ويأتيه طلبة العلم من كل مكان. وصفه المعاصرون له بأن طريقته في الحديث والخطابة كانت تأخذ القلوب وتأسر العقول. كما كان يخصص يومًا للفقه، ويومًا للتأويل، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب.

 

فقهه وعلمه بالتفسير

كان الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، من فقهاء الصحابة، وأحد العبادلة الأربعة الذين كان يؤخذ منهم العلم والفتوى. وكان الصحابة إذا اختلفوا في مسألة فقهية يرجعون إليه. قال مجاهد بن جبر “ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس”.

كما لقب عبد الله بن عباس بترجمان القرآن، فعلى الرغم من صغر سنه، كان من أشهر مفسري القرآن. قال عنه عبد الله بن مسعود “نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس”. وقال السيوطي “اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير”.

 

روايته للحديث

لم يكن حواري الأمة عبد الله بن عباس فقيهًا ومفسرًا فقط، بل كان محدثًا ومن أشهر رواة الحديث عن النبي وعن الخلفاء الراشدين. وذكر الذهبي أن لابن عباس 1660 حديث، اتفق البخاري ومسلم في 75 حديثًا، وانفرد مسلم بـ 9 أحاديث، والبخاري بـ 120 حديث.

أغلب الأحاديث التي رواها ابن عباس كان ينقلها عن كبار الصحابة، أما الأحاديث التي نقلها بشكل مباشر عن النبي، قيل 9 أو 10 أحاديث. فقد روى عن النبي والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين. أما هو فقد روى عنه 297 راوٍ، منهم: سعيد بن جبير، طاووس بن كيسان، سعيد بن المسيب، ابنه علي بن عبد الله بن عباس، علي بن الحسين بن علي، ومحمد بن سيرين.

 

وفاة عبد الله بن عباس

توفي حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه سنة 68 هـ، في الطائف، عن عمر 71 سنة. وكان أصيب قبل موته بالعمى. صلى عليه محمد بن الحنفية، وقيل أن قبره يقع أمام مقبرة الشهداء، وبجواره مقبرة محمد بن الحنفية.

 

المصادر:

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن كثير: البداية والنهاية.

البلاذري: أنساب الأشراف.

ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة.

سيرة بن هشام.

ابن الأثير: الكامل في التاريخ.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات