الصحابي الجليل عقيل بن أبي طالب، ابن عم رسول الله، وأخ خليفة المسلمين علي بن أبي طالب. كان معروفًا بفصاحته وقوة شخصيته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يحبه حبًا شديدًا، لحب أبيه أبي طالب له.
نسب عقيل بن أبي طالب
اسمه: عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وهو من نسل رسول الله، وكلاهما من نسل عبد المطلب.
والده: أبو طالب بن عبد المطلب، عم رسول الله.
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية القرشية. أسلمت ثم هاجرت إلى المدينة المنورة، ولم تعد إلى مكة وتوفيت بها. وذكر المؤرخون أنها أول هاشمية تتزوج هاشمي وتلد له.
إخوته الأشقاء: طالب، جعفر، علي، جمانة، أم هانيء. وجميعهم أسلموا باستثناء طالب.
نشأته:
نشأ عقيل بن أبي طالب في بيت أبيه وهو سيد من سادات قريش. وعندما تعرض والده لضائقة مالية، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، أخيه عليًا وتكفل به، وأخذ عمه العباس جعفر وتكفل به أيضًا. أما عقيل فتمسك به أبو طالب وقال للنبي والعباس، عندما عرضوا عليه المساعدة “إذا تركتما لي عقيلًا فاصنعا ما شئتما”.
وكان رضي الله عنه، على علم ودراية بعلم الأنساب وأيام العرب، فكانت قريش تجتمع حوله. يقول عبد الله بن عباس “كَانَ فِي قريش أربعة يتحاكم إليهم، ويوقف عِنْدَ قولهم، يقصد: فِي علم النسب” وذكر منهم عقيل.
ذرية عقيل بن أبي طالب
كان رضي الله عنه كثير الذرية، فأنجب 22 من الذكور، و11 من الإناث.
الذكور: يزيد، سعيد، جعفر الأكبر ( استشهد في موقعة ألطف)، أبو سعيد الأحول (استشهد في ألطف)، مسلم، عبد الله الأكبر ( استشهد في كربلاء)، عبد الله الأوسط، عبد الله الأصغر، عبد الرحمن ( استشهد في ألطف)، أحمد، الفضل، معين، الحكم ( استشهد في كربلاء)، عقيل (استشهد في كربلاء)، عون ( استشهد في ألطف)، عبد مناف، جعفر الأصغر، حمزة، عثمان، محمد، عيسى، علي”.
البنات: أم هانئ، رملة، فاطمة، زينب، زينب الصغرى، أم لقمان، أسماء، أم القاسم، أم النعمان، أم عبد الله، عقيلة.
انقطع نسل الصحابي الجليل عقيل بن أبي طالب، ولم يبقى سوى أبناء ابنه محمد من زوجته زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب. وزينب هي والدة عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، راوي الحديث.
زوجاته
أم سعيد رابطة بنت عمرو بن يزيد، من قبيلة بني عامر بن صعصعة الهوازنيّة.
أُم البنين بنت الثغر بن الهصّار الكلابية العامرية من قبيلة هوازن.
فاطمة بنت عتبة بن ربيعة القرشية. قُتِل والدها عتبة بن ربيعة، وعمها شيبة في غزوة بدر. أسلمت يوم فتح مكة، وبايعت رسول الله مع أختها هند بنت عتبة. وكانت امرأة فصيحة اللسان، ذات مالٍ وجاه، وروت عن النبي بضعة أحاديث.
امرأة بصريّة من قبيلة بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن القيسية. لم يذكر أحد اسمها، وقد ورد ذِكرها في حديث رواه عقيل عن النبي.
ذكر الحسن البصري: أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من بني جشم. فدخل عليه القوم فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا ذلك. قالوا: فما نقول يا أبا يزيد، قال: قولوا بارك الله لكم وبارك عليكم إنا كذلك كنا نؤمر.
إسلامه
لم يكن عقيل من السابقين إلى الإسلام مثل أخويه علي وجعفر. وفي غزوة بدر خرج في جيش قريش مكرهًا مثله مثل بقية بني هاشم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، نهى الصحابة الكرام عن قتل بني هاشم. فقد ورد أنه قال لأصحابه “إني قد عرفتُ أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أُخرِجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا. فمن لقي منكم أحدًا من بني هاشم فلا يقتله. ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث ابن أسد فلا يقتله. ومن لقي العباس بن عبد المطلب، عم رسول الله فلا يقتله، فإنّه إنما أُخرِج مُستكرهًا”.
أسر المسلمون عقيلًا وعمه العباس خلال غزوة بدر، ففداه العباس بماله وعادوا معًا إلى مكة، وبرفقتهم نوفل بن الحارث. فأنزل الله فيهم قوله تعال ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
اختلف العلماء في تاريخ إسلام عقيل بن أبي طالب على أقوال. قيل أنه أسلم مبكرًا وكتم إسلامه، وظل في مكة، وقاتل في بدر كارهًا. وقيل أنه أسلم يوم الحديبية عام 6 من الهجرة، وقيل قبلها أو بعدها.
وقيل أنه أسلم وعمره 52 سنة، وخرج مهاجرًا إلى المدينة عام 8 من الهجرة، قبل الفتح. لكن ذهب البعض أنه أسلم يوم فتح مكة.
جهاده
ذكر بعض العلماء منهم ابن سعد، أن عقيلًا شارك في غزوة مؤتة، ثم مرِض وانقطعت أخباره. ولم يسمع أنه شارك في فتح مكة وغزوة حنين والطائف.
لكن ذكر آخرون أنه كان ممن ثبتوا مع رسول الله في غزوة حنين. فعن الحسين بن علي رضي الله عنه قال “كان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم حنين العباس، وعلي، وأبو سفيان بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، والزبير بن العوام، وأسامة بن زيد”.
وذُكِر أيضًا أنه حضر غزوة خيبر سنة 7 من الهجرة، وأطعمه النبي 140 وسقًا كل سنة.
فضائل عقيل بن أبي طالب
كان عقيل بن أبي طالب من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ممن حُرَّمت عليهم الصدقة، وفُرِض لهم الخمس.
وكان رسول الله يحبه لكثرة محبة أبي طالب له، فقد ورد أنه قال له “يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبًّا لِقَرَابَتِكَ، وَحُبَّا لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ”.
كان سيدنا عقيل عالمًا بالأنساب، وكان الناس يجتمعون حوله في المسجد النبوي. كما تميز بفصاحة اللسان وسرعة الجواب، يقول الجاحظ “كان عقيل بن أبي طالب ناسبًا عالمًا بالأمهات بَيِّنُ اللسان شديد الجواب لا يقوم له أحد”.
كان أيضًا شجاعًا مقدامًا في الغزوات، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال “بارز عقيل بن أبي طالبٍ رَجُلًا يوم مؤتة، فقَتَلهُ فَنَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، خَاتَمَهُ وَسَلْبَهُ”.
كما روى عن رسول الله الأحاديث، ونقل عنه الحسن البصري، وموسى بن طلحة بن عبيد الله التميمي، وحفيده عبد الله بن محمد بن عقيل، وآخرون.
تاريخ وفاة عقيل بن أبي طالب
اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته على أقوالٍ كثيرة. فقيل أنه أصيب بالعمى ثم مات في خلافة معاوية بن أبي سفيان. بينما ذهب البعض أنه مات في خلافة يزيد، سنة 50 أو 52 أو 60 من الهجرة. وذكر البعض أن قبر عقيل بن أبي طالب في البقيع، ودفن معه عبد الله الجواد بن جعفر الطيار، ابن أخيه.
المصادر:
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة
ابن سعد: الطبقات الكبير.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
الطبري: تاريخ الرسول والملوك.
البلاذري: أنساب الأشراف.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق