الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بـ”زين العابدين” و”السجّاد”، هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الإسلامي، ويُعتبر الإمام الرابع لدى الشيعة الاثني عشرية. وُلد في المدينة المنورة في الخامس من شعبان عام 38 هـ (حوالي 658 م)، ونشأ في بيت النبوة والإمامة، جامعًا بين نسبه الشريف وفضائله العديدة.

 

نسبه وأسرته

ينحدر الإمام زين العابدين من سلالة نبوية كريمة؛ فهو ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالدته هي السيدة شاه زنان أو شهربانو بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى، آخر ملوك الفرس. تزوّج الإمام علي بن الحسين من السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي، وأنجب منها الإمام محمد الباقر، الذي أصبح الإمام الخامس لدى الشيعة. وحفيده هو الإمام جعفر الصادق الإمام السادس لدى الشيعة الاثنى عشرية.

وكان له أبناء أخرين: زيد بن علي، عبد الله الباهر، الحسن، الحسين، عمر، الحسين الأصغر، عبد الرحمن، سليمان، علي، ومحمد الأصغر.

 

نشأته وتعليمه

عاش الإمام زين العابدين في فترة شهدت أحداثًا جسامًا، أبرزها واقعة كربلاء عام 61 هـ. وشهد على كل ما تعرض له أباه بداية من دعم أهل الكوفة له، ثم تخليهم عنه. فقد صار معه ومع أهل البيت من المدينة إلى الكوفة.

كما شهد لحظات استشهاد الإمام الحسين وأهل بيته، بينما نجا هو بسبب مرضه الذي حال دون مشاركته في المعركة. وبعد كربلاء، سُبي مع النساء والأطفال إلى الكوفة ثم إلى الشام، قبل أن يُعاد إلى المدينة المنورة. وقد عاصر عدة خلفاء أمويين، بداية من عصر معاوية بن أبي سفيان إلى عصر الوليد بن عبد الملك.

وتميّز زين العابدين بأخلاقه الرفيعة وتواضعه الجم. وكان يحمل الخبز ليلاً على ظهره ويوزعه سرًا على الفقراء في المدينة، وعندما تُوفي، اكتُشف أن العديد من الأسر كانت تعيش من صدقاته دون أن تعرف مصدرها. ​

 

مكانته العلمية والروحية

اشتهر الإمام علي زين العابدين بعلمه الغزير وعبادته العميقة. وكان يُلقب بـ”السجّاد” لكثرة سجوده، و”زين العابدين” لتميّزه في العبادة. ذُكر في سير أعلام النبلاء: “كان علي بن الحسين، المعروف بزين العابدين، يُصلي ألف ركعة يوميًا”.

ترك الإمام زين العابدين إرثًا أدبيًا ودينيًا غنيًا، أبرزها “الصحيفة السجادية”، وهي مجموعة من الأدعية التي تعكس عمق معرفته بالله وتوحيده، وتُعدّ من أهم المصادر الروحية في الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، نُسبت إليه “رسالة الحقوق”، التي تُبيّن حقوق الإنسان وواجباته تجاه نفسه ومجتمعه وربه.

وعاش في المدينة المنورة بين عدد من الصحابة وكبار التابعين. وتتلمذ على يديه الكثيرين مثل ابنه محمد الباقر، والزهري، وعمرو بن دينار، وغيرهم.

 

مكانة علي زين العابدين عند الشيعة

يُعتبر الإمام زين العابدين الإمام الرابع من أئمة أهل البيت الاثني عشرية. وتُبرز المصادر الشيعية ألقابه المتعددة، مثل “زين العابدين” و”سيد العابدين” و”السجّاد”، التي تعكس تفانيه في العبادة. كما تُشير إلى دوره البارز في نشر تعاليم الإسلام وتوجيه الأمة، خاصة من خلال أدعيته المجمعة في “الصحيفة السجادية”.

 

مكانته عند السنة

يحظى الإمام زين العابدين بتقدير واحترام كبيرين في المصادر السنية أيضًا. يصفه الإمام الذهبي في “سير أعلام النبلاء” بأنه كان ثقة، مأمونًا، كثير الحديث، عاليًا، رفيعًا، ورعًا. كما يُنقل عن سعيد بن المسيب قوله: “ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين”. ​

وتُبرز المصادر السنية عبادته العميقة، حيث كان يُصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكان يُلقب بـ”ذي الثفنات” لما كان في وجهه من أثر السجود.

ويتفق كل من السنة والشيعة على مكانة الإمام علي زين العابدين الرفيعة في العلم والعبادة والأخلاق. كما تُجمع المصادر من كلا المذهبين على تقديره واحترامه، مما يجعله شخصية إسلامية جامعة تحظى بالإجلال عبر التاريخ الإسلامي.

 

وفاة على زين العابدين

توفي الإمام علي زين العابدين في المدينة المنورة في 25 محرم سنة 94 هـ (حوالي 712 م). ودُفن في مقبرة البقيع بجوار قبر عمه الإمام الحسن بن علي.

 

 

 

المصادر:

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

البلاذري: أنساب الأشراف.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

الطبري: تاريخ الأمم والملوك.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات