كان عمر بن سعد بن أبي وقاص، تابعي لم يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت ولادته عام 23 هـ، في خلافة عمر بن الخطاب. أمه هي مارية بنت قيس بن معد يكرب بن الحارث بن السمط بن امرئ القيس. وكان له ولدًا اسمه حفص، يكنى به. قُتِل وهو في الأربعينات من عمره على يد أتباع المختار الثقفي، الذي ثأر منه لمشاركته في مقتل الحسين بن علي.
مواقفه مع أبيه سعد بن أبي وقاص
قال عامر بن سعد بن أبي وقاص، أن أباه لما اختلف الصحابة اشترى لهم ماشية وخرج بهم واعتزل الناس. وكان سيدنا سعد حاد البصر، فلمح ابنه عمر يركب على بعير من بعيد، فقال: “اللهم إنَّا نعود بك من شر ما جاء به”. وبعد أن سلم قال عمر لأبيه “أرأيت أن تتبع أذناب هذه الماشية بين هذه الجبال وأصحابك يتنازعون في أمر الأمة؟”. رد عليه سيدنا سعد رضي الله عنه، سعمت النبي يقول “ستكون بعدي فتن أو قال أمور، خير الناس فيها الغني الخفي التقي”.
ثم نصحه أن يبتعد، فقال عمر: “أما عندك غير هذا؟”، ثم وثب عمر وركب على بعير ليعود. فقال له سعد: “أمهل حتى نغديك، فقال لا حاجة لي بغدائكم. قال سعد: فنحلب لك فنسقيك، قال: لا حاجة لي بشرابكم ثم ركب فانصرف مكانه”.
قال أبو المنذر الكوفي: كان لسعد بن أبي وقاص غلام ربيب مثل ولده، فأمره عمر بشيء فعصاه، فرفع بيده سوط فجلده مائة جلدة. فذهب الغلام إلى سيدنا سعد ودمه يسيل على عينيه. ولما أخبره ما حدث معه، قال سعد: اللهم اقتل عمر وأسل دمه على عينيه. فمات الغلام؛ وقتل المختار عمر بن سعد.
تهديد عبيد الله بن زياد لعمر بن سعد
كان عمر بن سعد بن أبي وقاص والي الري للدولة الأموية، وكان خارجًا بجيشه متوجهًا إليها. لكن عبيد الله بن زياد طلب منه أن يذهب للحسين في كربلاء في منطقة يقال لها ألطف. لم يقبل عمر بذلك وطلب من ابن زياد أن يعفيه من هذا الأمر، لكنه هدده بعزله من منصبه وقتله وهدم داره إن لم يفعل. رضخ عمر للأمر وكان برفقته شمر بن ذي الجوشن والحصين بن تميم، وتوجهوا إلى الحسين بأربع آلاف مقاتل.
لما وصلوا، قال لهم الحسين أنه جاء بطلب من أهل الكوفة، وطلب منهم اختيار أمر من ثلاثة: أن يتركوه يذهب إلى الثغور، أو يذهب إلى يزيد بن معاوية، أو يعود من حيث جاء. قَبِل عمر بن سعد عرض الحسين، لكن ابن زياد أصر على أن ينزل الحسين على حكمه. فما كان من ابن سعد إلا أن طلب من الحسين النزول على كلام ابن زياد وأن يضع يده في يده.
طلب الحسين مهلة للصباح، وأخبر أصحابه أنهم في حل من طاعته، لكنهم أصروا على الوقوف معه للنهاية. وكان معه قلة قليلة بعد أن انصرف عنه أهل الكوفة. بدأ القتال بين الطرفين، وكان على ميسرة جيش عمر بن سعد شمر بن ذي الجوشن.
ثم انشق من جيش سعد 30 رجلًا من أعيان الكوفة وانضموا للحسن، وقالوا “عرض عليكم ابن بنت رسول الله ثلاث خصال فلا تقبلوا منها شيئا؟”. كما انطلق الحر بن يزيد الرياحي بفرسه إلى الحسين، وكان ابن زياد أرسله ليستقبل الحسين ويسايره حتى يدخل الكوفة. لكنه رجع عن ذنبه وتاب يوم عاشوراء، وقالهم “ألا تتقون الله؟ ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم، والله لو سألتكم هذا الترك والديلم ما حل لكم أن تردوهم”.
استشهاد الحسين
بدأ جيش عمر بن سعد القتال صباح الجمعة 10 محرم سنة 61 هـ. قاتل الحسين ومن معه بكل شجاعة وصبر، لكنهم قُتِلوا في النهاية، وقُتِل من أهل بيته الكثير وعلى رأسهم ابنه علي الأكبر، وأبناء أخيه الحسن عبد الله، القاسم، أبو بكر.
في البداية لم يجرؤ أحد على قتل الحسين، ثم تكاثروا عليه، ضربه بن شريك التميمي، وطعنه سنان بن أنس وقطع رأسه. وقيل أن الذي قطع رأسه شمر بن ذي الجوشن، وأن الذي قتله زيد بن رقادة الحيني، وعمرو بن بطار التعلبي.
وأرسل عمر بن سعد برأس الحسين رضي الله عنه، وأهل بيته إلى يزيد بن معاوية في دمشق. ولما رآه يزيد بكى هو وأهل بيته بكاءً شديدًا، وقال “قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، ورحم الله الحسين”.
مقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص
بعد أن سيطر المختار الثقفي على الكوفة، بدأ في ملاحقة كل من شارك في موقعة كربلاء وكان له يد في مقتل الحسين بن علي. وكان على رأس القائمة عبيد الله بن زياد، وشمر بن ذي الجوشن، وعمر بن سعد بن أبي وقاص.
وكان قائد شرطة الكوفة للمختار رجل يدعى كيان أبو عمرة، لاحق شمر فقتله. ثم لاحق عمر وقتله بسيفه وأخذ رأسه وأرسلها للمختار. وكان ذلك 66 من الهجرة. ومات ابن سعد وعمره 43 سنة.
المصادر:
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
البلاذري: أنساب الأشراف.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
الزركلي: الأعلام.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق