قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، مليئة بالإيمان والجهاد في سبيل الله. فهو صحابي وفقيه ومحدث من صغار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن رسول الله الكثير من الأحاديث الشريفة، وكان متتبعًا لأثاره ومن أشهر رواة الحديث عن النبي وعن أبيه عمر وأبو بكر وعثمان، لذلك كان قبلة لطلاب الحديث، والباحثين عن الفتاوى. نأى بنفسه دائمًا عن الفتن التي تعرض لها المسلمين منذ مقتل عثمان بن عفان، حتى لا يتحمل في رقبته دم أحد، فكان محط احترام وتقدير من الجميع.

 

من هو عبد الله بن عمر

اسمه: عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي.

كنيته: أبو عبد الرحمن.

أبوه: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخليفة الثاني للمسلمين.

أمه: زينب بنت مظعون الجمحية.

إخوته الذكور: عبيد الله بن عمر، عاصم بن عمر.

أخته: حفصة بنت عمر زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

عمه: زيد بن الخطاب.

أبناؤه: أبو بكر، عبد الله، واقد، أبا عبيدة، عمر، عبد الرحمن، سالم، عبيد الله، زيد، حمزة، أبو سلمة، بلال

بناته: سودة، عائشة، قلابة،.

زوجاته: صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية، أم علقمة بنت علقمة بن ناقش المحاربية الفهرية.

 

نبذة عن عبد الله بن عمر

ولد سيدنا عبد الله بن عمر  بن الخطاب في مكة قبل هجرة النبي إلى المدينة المنورة تقريبًا بـ 10 سنين. أسلم مع أبيه عمر بن الخطاب وكان آنذاك طفلًا صغيرًا لم يبلغ الحلم، ثم هاجر معه إلى يثرب. كان واحد من الصحابة الصغار الذين التفوا حول رسول الله، وكان محبًا للجهاد في سبيل الله. أراد أن يشارك في غزوة بدر لكن النبي منعه لصغر سنه وقتها. ثم أراد أن يشارك في غزوة أحد فرده النبي أيضًا. كانت أول غزوة يشارك فيها هي غزوة الخندق، وكان عمره وقتها 15 سنة. ثم شارك في كل الغزوات بعد ذلك، فشهد بيعة الرضوان، وفتح مكة، وغزوة مؤتة.  وقد روى عنه أنه قال “عرضت على النبي يوم بدر، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فلم يقبلني. وعرضت عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يقبل. وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فقبل”.

 

روايته للحديث وفقهه

كان عبد الله بن عمر من أكثر الصحابة رواية للحديث عن النبي، وكان يتحرى الدقة للغاية. له 2630 حديث في مسند بقي بن مخلد، واتفق البخاري على 168 حديث، وانفرد مسلم بـ 31 حديثا، والبخاري بـ 81 حديثًا.

روى ابن عمر عن النبي وعن أبيه عمر بن الخطاب وعن كثير من الصحابة مثل أبي بكر الصديق، السيدة عائشة، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، بلال بن رباح، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم.

وروى عنه الكثير من الصحابة والتابعين مثل، عبد الله بن عباس، سعيد بن المسيب، مولاه نافع، محمد بن سيرين، والحسن البصري.

كان ابن عمر فقيهًا أيضًا يفتي الناس في أمور دينهم. وكان يستمد أحكامه من القرآن، فإن لم يجد فمن السنة، فإن لم يجد يرجع إلى اجتهادات كبار الصحابة إن اتفقوا.

 

دوره في عهد الخلفاء الراشدين

شارك ابن عمر بعد وفاة رسول الله في الكثير من الفتوحات، فكان ضمن قادة فتوحات الشام وفارس والعراق ومصر وإفريقية. فحضر معركة اليرموك ومعركة نهاوند وأيضًا شارك في فتح أذربيجان.

في عهد الخليفة عثمان بن عفان، عهد إليه بالقضاء لكنه رفض الوظيفة. وعندما حاصر الثوار دار عثمان ليقتلوه أمسك بسيفه ودافع عنه بكل قوة.

بعدما تولى علي بن أبي طالب الخلافة، رفض معاوية مبايعته قبل الثأر لعثمان واستولى على الشام. فأراد الإمام علي أن يرسل عبد الله بن عمر أميرًا على الشام لكنه رفض. كان يريد أن يبعد نفسه عن الفتنة، لذلك رحل إلى مكة، ولم يشارك في أي حدث أو واقعة بين علي ومعاوية.

أراد الناس أن يجعلوه خليفة، بعد أن استفحل الأمر بين علي ومعاوية وقالوا له “أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك”. فقال “لا والله لا يهراق فيّ محجمة من دم، ولا في سببي ما كان في روح”.

وفي يوم التحكيم بين علي ومعاوية، كاد أن يكون الخليفة لولا رفضه لذلك، حتى لا تراق دماء المسلمين. قال الذهبي في كتابه ” سير أعلام النبلاء ” لو بويع يومها، لما اختلف عليه اثنان”.

 

قصة ابتعاده عن الفتنة وأمور الحكم

استمر الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه، بنفس الطريقة، لا يقف خلف طرف ضد الآخر، وأبعد نفسه عن الفتنة كليًا. وكان يصلي خلف أي أمير يأتي واليًا على المدينة ويعطي له الزكاة، إلا الحجاج بن يوسف الثقفي. وعندما أصبح معاوية خليفة المسلمين، أراد بني أمية أن يعلموا موقف ابن عمر ومدى رغبته في الخلافة. ذهب إليه عمرو بن العاص وقال له “يا أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟”. فقال ابن عمر “لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهُجر، لم يكن لي فيها حاجة”.

ذكر نافع مولى ابن عمر أن معاوية قدم إلى المدينة المنورة، وحلف وهو واقف على منبر المسجد النبوي، أنه سيقتل ابن عمر، لكن الناس تجمعوا ضده، فتراجع.

وعندما تصدر عبد الله بن الزبير المشهد وأراد الخلافة لنفسه، لم يوافقه ابن عمر ورأى أنه نكث بعهده مع بني أمية. وعندما تولى خلافة بني أمية عبد الملك بن مروان بايعه أيضًا. وكتب إليه قائلًا “أما بعد، فإني قد بايعت لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة على سُنّة الله وسُنّة رسوله فيما استطعت، وإن بنيّ قد أقروا بذلك”.

 

قصة عبد الله بن عمر مع الحجاج بن يوسف الثقفي

كان الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه، يصلي خلف ولاة وأمراء بني أمية دون أن يحدث مشكلة، حتى تولى الحجاز الحجاج. ذات يوم كان الحجاج يخطب بالناس وأخر الصلاة، فناداه ابن عمر ثلاث مرات “أيها الرجل الصلاة”. وعندما لم يستجب، نهض ابن عمر للصلاة فنهض الناس معه، فنزل الحجاج. ثم سأله لماذا فعلت ذلك، فرد عليه ابن عمر “إنما نجيء للصلاة، فإذا حضرت الصلاة فصل بالصلاة لوقتها، ثم بقبق بعد ذلك ما شئت من بقبقة”.

هناك موقف آخر يدل على قوة شخصية عبد الله بن عمر بن الخطاب وأنه لا يخشى في الله لومة لائم. في يوم كان يخطب الحجاج على المنبر وقال أن عبد الله بن الزبير حرّف كتاب الله فرد عليه ” كذبت، كذبت، كذبت، ما يستطيع ذلك ولا أنت معه”.

 

وفاة عبد الله بن عمر

توفي الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بمكة المكرمة، سنة 74 هـ، وقيل سنة 73 هـ. ولم يترك خلفة أي وصية.

 

المصادر:

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات