إليك قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه، إنه سيف الله المسلول، الذي سلطه على أعداء الإسلام. صحابي وقائد عسكري اشتهر بعبقريته العسكرية، وبغزواته وفتوحات من شبه الجزيرة العربية إلى الشام والعراق. حارب أقوى امبراطوريتين في ذاك الوقت ( الفرس والروم) وشارك في 100 معركة، ولم يهزم في معركة واحدة.
من هو خالد بن الوليد
ولد خالد بن الوليد سنة 30 قبل البعثة، وكان من أشراف قريش وسادتها في الجاهلية. أرسله والده وهو طفل رضيع إلى الصحراء، ليتربى تربية صحيحة وقوية. نشأ في الصحراء على يد مرضعته، ثم عاد إلى والديه في مكة وهو عمره 6 سنوات تقريبًا. تعلم خالد الفروسية وتفوق على جميع شباب قريش، واشتهر بالقوة والشجاعة والإقدام ومهاراته الحربية. أظهر فروسيته وقدرته العسكرية في المعارك ومع الوقت صار بطل قريش الأول.
نسب خالد بن الوليد
اسمه: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش. يلتقي نسبه مع النبي في مرة بن كعب.
كنيته: أبو سليمان.
لقبه: سيف الله المسلول.
أبوه: الوليد بن المغيرة، واحد من أغنياء قريش وسادتها. كان سخيًا يطعم الناس في مواسم الحج وسوق عكاظ. اطلق عليه ” ريحانة قريش” لأنه كان يكسو الكعبة وحده في عام، وقريش كلها في عام آخر.
أمه: لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية.
إخوته: كان لخالد رضي الله عنه 6 أخوة من الذكور والإناث، منهم الوليد، عمارة، هشام، فاطمة، وناجية.
قبيلته: تعد قبيلة بني مخزوم من أكبر وأشهر القبائل في قريش، حيث كانوا يتولون مهمة جمع الموارد والمال لتجهيز الجيش خلال حروب قريش. كانوا ذو بأسٍ وعتاد وثروة، لدرجة أنهم كانوا يبنون ربع الكعبة، وقريش كلها تشترك في باقي الكعبة.
أبناؤه: قيل أن لخالد بن الوليد 40 ولدًا، أشهرهم: سليمان، المهاجر، عبد الرحمن.
زوجاته: ذكرت كتب السير والأنساب أنه تزوج عددًا من النساء من بينهن، أم تميم الثقفية، كبشة بنت هوذة بن أبي عمرو العذرية، ليلى بنت سنان، وأسماء بنت أنس بن مدرك الخثعمية.
خالد بن الوليد قبل الإسلام
عند البحث في سيرة خالد بن الوليد قبل الإسلام، لن تجد الكثير من المعلومات قبل هجرة النبي. يبدأ ظهوره على مسرح الأحداث بعد غزوة بدر رغم أنه لم يشارك فيها. خلال المعركة تم أسر أخيه الوليد، فذهب إلى المدينة المنورة لفداء أخيه.
تعتبر غزوة أحد أول معركة لخالد في صف قريش ضد المسلمين، ولعب دورًا بارزًا في تحويل مسار المعركة لصالح قومه. عندما شعر المسلمين بالنصر، ترك رماة الأسهم مواقعهم على الجبل ونزلوا لجمع الغنائم، وهنا استغل سيدنا خالد الوضع، والتف حول المسلمين من الخلف وحول هزيمة قريش لنصر. كما شارك في غزوة الخندق والحديبية.
اسلام خالد بن الوليد
ورد في قصة إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل إلى أخيه الوليد بن الوليد وسأله عن أحوال خالد. قال له النبي “ما مثل خالد يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدمناه على غيره”. أخبر الوليد أخيه بكلام النبي ودعاه إلى الإسلام، فشرح الله صدر خالد للإسلام. سنة 8 هـ، هاجر خالد بن الوليد برفقة عثمان بن طلحة إلى المدينة، وهما في الطريق التقيا بعمرو بن العاص. ذهب الثلاثة إلى النبي وأعلنوا إسلامهم، فقال صلى الله عليه وسلم “إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها”.
غزوات خالد بن الوليد في عهد النبي
غزوة مؤتة
أرسل النبي جيش المسلمين لقتال الغساسنة سنة 8 هـ، لأن عامل الروم اعترض طريق الرسول الذي أرسله لصاحب بصرى. كان جيش الروم يتكون من 100 ألف مقاتل، بينما جيش المسلمين من 3 آلاف فقط. سلم النبي قيادة الجيش لثلاثة قادة بالتوالي: زيد بن حارثة فإن مات يخلفه جعفر بن أبي طالب، فإن مات يخلفه عبد الله بن أبي رواحة.
وعندما مات القادة الثلاثة في المعركة وكاد جيش المسلمين أن يتعرض للإبادة، اختار المقاتلين خالد بن الوليد لقيادتهم. هنا يظهر مدى عبقرية خالد العسكرية، حيث وضع خطة ذكية لخداع الروم ورعبهم. نقل ميمنة الجيش إلى الميسرة، والميسرة إلى الميمنة، والساقة في المقدمة، والمقدمة في الساقة، وأمر مجموعة من الجنود أن ينثروا التراب في الهواء ويصدروا أصواتًا قوية خلف الجيش.
وعندما حل الصباح ظن الروم أن المسلمين آتاهم مدد، فأمر خالد بن الوليد الجيش بالانسحاب إلى الصحراء. خاف الروم من ملاحقة المسلمين حتى لا يقعوا في مكيدة. بهذه الطريقة نجح خالد في الحفاظ على جيش المسلمين، وعندما عاد للنبي في المدينة لقبه بسيف الله المسلول.
فتح مكة
بعد أن نقضت قريش شروط الصلح مع النبي، خرج بجيش من 10 آلاف مقاتل إلى مكة. قسم الجيش إلى 4 أقسام، وأمر خالد بن الوليد والزبير بن العوام وسعد بن عبادة على ثلاثة، وتولى صلى الله عليه وسلم قيادة القسم الرابع. ثم أمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، فتعرضت كتيبة سيدنا خالد رضي الله عنه للقتال، حيث واجهه عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو. استطاع الصحابي الجليل خالد بن الوليد أن ينتصر عليهم، ثم أرسله النبي لهدم العزى.
معارك خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق
حروب الردة
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، ومنهم من ظل على إسلامه لكنه امتنع عن أداء الزكاة. هاجمت بعض هذه القبائل المدينة المنورة، لكن نجح أبو بكر الصديق في صد هجومهم، وبدأ في تحضير الجيوش وإرسالها إلى كل القبائل المرتدة لمحاربتها.
كان سيدنا خالد بن الوليد قائد أحد الجيوش، وكان جيشه مكون من 4000 آلاف مقاتل. توجه خالد بجيشه إلى عدة جهات:
قبيلة طيء: لكن قبل وصوله إليهم أتاه عدي بن حاتم الطائي بالزكاة.
بني أسد: لقتال مدعي النبوة طليحة بن خويلد. اجتمع حول طليحة قبائل فزارة وسليم وأسد وبكر وذبيان، لكن نجح سيدنا خالد في هزيمتهم.
بني تميم: وهؤلاء لم يكونوا جميعًا على نفس الموقف، فمنهم من أعطى الزكاة، ومنهم من امتنع، ومنهم من كان في حيرة من أمره. وكان مالك بن نويرة ممكن كانوا في حيرة من أمرهم، وعلى الرغم أن سيدنا خالد رضي الله عنه طلب منه التوبة ودفع الزكاة لكنه امتنع، لذلك أمر بقتله.
مسيلمة الكذاب: ادعى النبوة وجمع حوله 40 ألف من بني حنيفة وهم قومه. عندما انتهى خالد من قتال بني تميم توجه إلى اليمامة، وبدأ في ملاحقة وقتال مسيلمة ومن معه، وفي نهاية الأمر نجح وحشي بن حرب في قتل مسيلمة.
معركة اليرموك
وقعت المعركة سن 13 من الهجرة، وقسم سيدنا خالد جيشه إلى 3 أقسام وسلم القيادة لـ يزيد بن أبي سفيان، أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص. واستطاع في النهاية تحقيق النصر العظيم للمسلمين وهزيمة الروم.
أشهر معارك خالد بن الوليد
دومة الجندل:
الولجة.
أليس.
مفيشا.
المزار.
موقعة عقرباء.
الأنبار.
عين التمر.
فتوحات العراق.
فتوحات الشام ( حمص ودمشق).
عزل خالد بن الوليد
كانت قصة سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه، ملئ السمع والبصر بسبب فتوحاته الكثيرة ودوره العظيم في فتح العراق والشام، وهزيمة الامبراطورية الفارسية والرومانية. تحدث الناس عن انتصاراته وتغنى به الشعراء، فأغدق عليهم العطايا. سمع سيدنا عمر بالأمر، فقام باستدعاء سيف الله المسلول إلى المدينة المنورة وعزله.
ولما بدأ الناس يتحدثون في الأمر قال عمر “إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فُتنوا به، فخِفت أن يوكلوا إليه ويُبتلوا به، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، وألا يكونوا بعرض فتنة”.
وفاة خالد بن الوليد
توفي سيدنا خالد بن الوليد وهو عمره 55 سنة، عام 21 هـ، في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. توفي في حمص، وقيل في المدينة المنورة. كان خالد حزينًا لأن موته سيكون على فراشه، وروي أنه قال ” لقد شهدت مئة زحف، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء”.
كانت هذه ملخص سيرة وقصة خالد بن الوليد رضي الله عنه.
المصادر:
ابن سعد: الطبقات الكبرى.
ابن كثير: البداية والنهاية.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
الذهبي: سير أعلام النبلاء.
ابن عساكر: تاريخ دمشق.
العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق