كان كتاب الوحي رضي الله عنهم، يدونون ما ينزل على النبي من قرآن، حتى يتم قراءته على الناس وحفظه. وقد تكفل الله عز وجل بحفظ كتابه العزيز، حيث قال (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ). وكانت الكتابة في ذلك الوقت خاصة بالقرآن فقط، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تكتبوا عني شيئاً إلّا القرآنَ، فمن كتب عني غيرَ القرآنِ فلْيمحْه).
من هم كتاب الوحي؟
كتاب الوحي هم من كانوا يدونون القرآن الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر العلماء والمؤرخون أن عددهم 26 كاتبًا، بينما ذهب آخرون أن عدد كتاب الوحي 42 كاتبًا. وقال بن كثير في البداية والنهاية أنهم 23 كاتبًا فقط. وكان الخلفاء الراشدين الأربعة ( أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب) من كتبة الوحي. وكان الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح أول من كتب الوحي في مكة المكرمة من قريش. كما كان أبي بن كعب أول من كتب لرسول الله في المدينة المنورة.
ومن كتبة الوحي في مكة ما يلي:
خالد بن سعيد بن العاص.
عامر بن فهيرة.
الأرقم بن أبي الأرقم.
أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي.
حاطب بن عمرو.
الزبير بن العوام.
طلحة بن عبيد الله.
عبد الله بن أبي بكر.
ومن كتاب الوحي في المدينة المنورة ما يلي:
أبو أيوب الأنصاري.
أبي بن كعب.
زيد بن ثابت.
عبد الله بن رواحة.
الله بن سعد بن أبي سرح.
معاوية بن أبي سفيان.
معاذ بن جبل.
ثابت بن قيس بن شماس.
زيد بن ثابت
كان زيد بن ثابت رضي الله عنه، أشهر كتاب الوحي ومن فقهاء وقراء المدينة. كان يتيمًا ومات أبوه وهو ابن 11 عامًا، فباركه النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم مع أهله. لما رأى النبي ذكائه وعلمه، طلب منه تعلم لغات الأقوام المجاورة حتى يكتب الكتب ويرسلها إليهم، فتعلم السريانية في 17 يومًا فقط، وتعلم كتاب اليهود. وقد ورد أنه رضي الله عنه قال “أُتيَ بيَ النبي مَقْدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة. فقرأت عليه فأعجبه ذلك. فقال “تعلّمْ كتاب يهود، فإنّي ما آمنهم على كتابي”. ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهر حتى حَذِقْتُهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له”.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه الوحي، أرسل إليه، وقال عنه “أفرض أمتي زيد بن ثابت”.
وقرأ زيد القرآن على النبي مرتين في العام الذي توفي فيه، وسميت القراءة بقراءة زيد بن ثابت، لأنه قرأها على رسول الله، وكان يقرأ بها للناس حتى مات.
وعندما قام أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم بعد حروب الردة، بسبب استشهاد كثير من حفظة القرآن، أرسل إليه. عارض زيد بن ثابت جمع القرآن في البداية، بحجة أن النبي لم يفعله في عهده، لكن أبو بكر ظل وراءه حتى أقنعه. ثم قام بالمهمة على أتم وجه، وقال في ذلك “والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن”. وذكر أيضًا طريقة جمعه للقرآن فقال “فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال”.
وفي عهد عثمان بن عفان، دخلت كثير من الأمم الإسلام، وأصبح الناس يختلفون في القراءة، فقام بعمل قراءة واحدة للقرآن ونسخ منها عدة مصاحف ووزعها على الأقاليم. وعندما سئل عثمان عن أجدر شخص يفعل ذلك، اقترح عليه الناس زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص. فقال عثمان “فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ”.
أبي بن كعب
كان الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه، ممن يعرفون القراءة والكتابة في الجاهلية. وبعد إسلامه اختاره النبي من بين الأنصار ليكون كاتبًا للوحي. وقد ورد أن النبي قال لأبي بن كعب “إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن”. فقال أبي “الله سماني لك؟”، قال النبي “نعم”. قال “وذُكرت عند رب العالمين؟”، قال “نعم”. فذرفت عيناه.
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تفرغ للعبادة وابتعد عن أمور الدنيا، ولما رأى حاجة الناس إليه خرج ليعلمهم. وكان له مكانة كبيرة بين الصحابة، فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحترمه ويتحاكم إليه. وقد روي أن سيدنا عمر قال “من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدًا”.
أبان بن سعيد بن العاص
كان الصحابي الجليل أبان بن سعيد بن العاص من كبار الصحابة وأكابر قريش. وهو الذي أجار سيدنا عثمان بن عفان عندما أرسله النبي إلى زعماء مكة يوم الحديبية. كان شديد الخصومة للإسلام، ثم أسلم يوم خيبر وقيل قبل ذلك، واستعمله النبي على البحرين سنة 9 من الهجرة. وقد اختلف العلماء في يوم تاريخ وفاته، فقيل توفي سنة 12 من الهجرة في معركة أجنادين، وقيل سنة 15 من الهجرة في معركة اليرموك.
معاوية بن أبي سفيان
كان الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان من كتاب الوحي لرسول الله، وكان ممن كتبوا بعد صلح الحديبية. وورد في قصة إسلامه رضي الله عنه أقوال: منها أنه أسلم مع أمه وأبيه وأخيه يوم فتح مكة. أما الذهبي فقال أنه أسلم قبل الفتح، وظل يخفي إسلامه حتى قدم النبي إلى مكة عام 8 هـ. كما تولى سيدنا معاوية رضي الله عنه أمور المسلمين بعد أن تنازل له الحسن بن علي عن الخلافة، وحكم المسلمين لمدة 20 سنة. وتوفي معاوية بدمشق في شهر رجب سنة 60 هـ، عن عمر 78 سنة.
الزبير بن العوام
الصحابي الجليل الزبير بن العوام، حواري رسول الله وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو من السابقين إلى الإسلام وأول من استل سيفه في سبيل الله. وهو زوج السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق، ووالد عبد الله بن الزبير الذي بويع بالخلافة. كما أنه واحد من الستة الذين اختارهم سيدنا عمر بن الخطاب ليكونوا أًصحاب الشورى في اختيار خليفة المسلمين بعد وفاته.
أسلم في عمرٍ صغير، قيل أسلم وهو ابن ثمان سنوات، وقيل ست عشرة سنة، وقيل اثنتا عشرة سنة. وكان من أوائل المسلمين الذين دخلوا الإسلام، فكان رابع أو خامس من أسلم. كما شارك في جميع الغزوات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جسده ملئ بالطعنات، والتي تعدت 30 طعنة. كما كان رضي الله عنه طويل القامة، لدرجة أنه إذا ركب الدابة لمست قدماه الأرض. وكان أسمر اللون، خفيف اللحية. واشتهر ببطولته وشجاعته وإقدامه، ومساهمته الكبيرة في فتح مصر.
وكان ممن طالبوا بالثأر لعثمان بن عفان، وشارك في معركة الجمل ثم انصرف ولم يقاتل. ثم لحق به بن جرموز وقتله وهو يصلي بوادي السباع، سنة 36 هـ. ولما رآه علي بن أبي طالب مقتولًا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “بشر قاتل بن صفية بالنار”.
المصادر
موقع إسلام ويب ” أسماء كتاب الوحي”.
ابن كثير، البداية والنهاية.
موقع قصة الإسلام ” زيد بن ثابت”.
ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة.
ابن سعد، الطبقات الكبرى.
الزركلي، الأعلام.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *