كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، مؤسس الدولة الأموية سنة 41 من الهجرة، واستمر حكم بني أمية حتى سنة 132 هـ،. وكانت دمشق عاصمة الدولة الإسلامية الجديدة. وفي عهد هشام بن عبد الملك بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها من الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا، وتم فتح إفريقية والمغرب والأندلس وجنوب الغال.

 

نبذة عن مؤسس الدولة الأموية

ولد معاوية في مكة سنة 15 قبل الهجرة، وتوفي عام 60 هـ. ينتمي لعائلة غنية من أكبر عائلات قريش وسادتها. تعلم الكتابة والقراءة في صغره فكان من أفضل شباب مكة. وكان أبوه وأمه يرون أنه سيكون له مستقبلًا كبيرًا. فقد روي أن أبا سفيان نظر إلى معاوية في طفولته وقال “إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه”، فقالت هند بنت عتبه “قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة”.

أسلم معاوية مع أمه وأبيه وأخيه يوم فتح مكة. وقال الذهبي أنه أسلم قبل الفتح، وظل يخفي إسلامه حتى قدم النبي إلى مكة عام 8 هـ.

كان معاوية طويلًا، أبيضًا، جميلًا، حتى قيل أنه إذا ضحك انقلبت شفته العليا. وعلى الرغم أنه كان خليفة المسلمين وينحدر من أسرة مرموقة وغنية، إلا أنه كان يخطب على منبر دمشق بثوب مرقوع. وقال يونس بن ميسر الحميري “رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مردف وراءه وصيفا، وعليه قميص مرقوع الجيب يسير في أسواق دمشق”. أما عبد الله بن عمر فقد قال “ما رأيت أحلم من معاوية”.

 

دوره في حياة النبي

بعد إسلام معاوية شهد مع رسول الله المشاهد والغزوات، فشارك في غزوة حنين والطائف وتبوك. وكان يعلم القراءة والكتابة بفضل اهتمام أبيه بتعليمه في صغره. لذلك كان من كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله مثل زيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم. كما كان يتولى كتابة رسائل رسول الله إلى عرب البادية.

وبعد فتح مكة لازم معاوية  النبي محمد، فحفظ عنه الكثير من الأحاديث. فعن معاوية بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، “المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة”.

 

دوره في عهد الخلفاء الراشدين

في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، شارك في حروب المرتدين وشهد معركة اليمامة. ثم أرسله أبو بكر بالمدد إلى بلاد الشام لأخية يزيد بن أبي سفيان، فشهد معه فتوحات الشام ومعركة اليرموك.

وفي عهد عمر بن الخطاب، شارك معاوية في فتح بيت المقدس، وشهد العهدة العمرية. ثم قاد الجيش في فتح قيسارية، وبعد وفاة أخيه يزيد سلمه عمر بن الخطاب دمشق وجعله أميرًا عليها، ثم فتح عسقلان وباقي فلسطين.

وبعد فتوحات الشام وطرد البيزنطيين منها، كان معاوية يتطلع إلى فتح باقي المدن الساحلية مثل عكا وصور التي كان البيزنطيون يسيطرون عليها. وعرض فكرة ركوب البحر على عمر بن الخطاب لكنه رفض خوفًا على جيش المسلمين من الهلاك، بسبب عدم خبرتهم في الحروب البحرية.

ولما تولى عثمان بن عفان الخلافة، عرض عليه معاوية الأمر مرة ثانية من أجل حماية الشواطئ الإسلامية والمدن الساحلية من هجمات البيزنطيين. وافق عثمان على ذلك، لكنه طلب منه ألا يجبر أحد على المشاركة معه.

وبدأ المسلمون يؤسسون أول أسطول بحري لقتال الروم في عرض البحر وفتح الجزر مثل قبرص ورودوس وغيرها. وفي بداية الأمر كان الأسطول يتكون من بقايا السفن التي تركها الروم خلفهم في الشام، ثم بدأ المسلمون يبنون دورًا لصناعة السفن.

 

خلافه مع علي بن أبي طالب

بعد مقتل عثمان بن عفان، بدأ سيدنا معاوية يطالب بالثأر من القتلة، وطالب الإمام علي بالتعجل بذلك، ووقعت بينهما معركة صفين التي استشهد فيها 70 ألف شهيد.

وكان سبب المعركة هو عدم مبايعة معاوية ومعه أهل الشام للخليفة الرابع، وظل يطالب بالثأر لمقتل عثمان أولًا. وانتهت المعركة برفع جيش معاوية للمصاحف على السيوف. وكان هذا التصرف يعني وقف الحرب بين الجانبين وجعل كتاب الله حكمًا بينهم. وافق سيدنا علي على وقف القتال وقبول التحكيم، واختار أبا موسى الأشعري وكيلًا له، ووكل معاوية عمرو بن العاص. اجتمع الفريقين في شهر رمضان سنة 73 هـ، في دومة الجندل.

تقول الرواية الشيعية المنقولة عن لوط بن يحي: أنه كان بينهما كلام في السر خالفه عمرو بن العاص، تكلم أبو موسى الأشعري أولًا فخلع علي ومعاوية، ثم تكلم عمرو فخلع علي وثبت معاوية. بعد ذلك تفرق الجميع، وبايع أهل الشام معاوية في شهر ذي القعدة. لكنها روايات كاذبة، وقال العلماء عن لوط بن يحي أنه كاذب وغير ثقة وأحاديثه موضوعة.

 

تنازل الحسن له عن الخلافة

لما قُتِل علي بن أبي طالب، بايع الناس ابنه الحسن بالخلافة، في نفس يوم وفاته 17 رمضان سنة 40 هـ. لم يرغب الحسن في البداية ورفض الخلافة لأنه يعلم أن ورائها دماء كثيرة، فقد شهد على ما حدث مع والده. لكن بعد إصرار قيس بن سعد الأنصاري قبل الخلافة.

في نفس الوقت كان معاوية بن أبي سفيان والي الشام ومعها مصر، ولما قُتِل علي لقبه الناس في الشام بأمير المؤمنين وبايعوه في نفس العام. وبهذه الطريقة يكون هناك خلافتين لأول مرة، خلافة في الشام وخلافة في العراق، وهذا لا يصح شرعًا، ولا يستقيم في الإسلام.

كان الحسن رضي الله عنه، غير راض عن القتال بين أبيه ومعاوية في صفين، وحاول منعه. ولما تولى الخلافة قرر التنازل عنها حقنًا لدماء المسلمين، وسمي عام الصلح بينه وبين معاوية بعام الجماعة وكان سنة 41 من الهجرة، وكان الحسن رضي الله عنه سببًا لتوحيد صفوف المسلمين وصلح أهل الشام والعراق من جديد.

 

خلافة معاوية بن أبي سفيان

أسس معاوية الدولة الأموية سنة 41 من الهجرة، وجعل عاصمته دمشق. وامتدت حدود الدولة الأموية من الصين شرقًا إلى اليمن جنوبًا وأرمينية شمالًا، وتونس غربًا. ولم يقتصر اهتمامه على الفتوحات وزيادة رقعة الدولة الإسلامية فقط، بل اهتم بالإصلاحات والسياسة الداخلية. فأنشأ الدواوين المركزية، واستحدث نظام الحاجب والحرس خوفًا من هجوم الخوارج عليه. وأحسن اختيار رجال الدولة، واتسمت سياسته بالشدة واللين. اهتم أيضًا بجهاز المخابرات، فكانت الأجهزة الداخلية والخارجية قوية جدًا.

وتوفي مؤسس الدولة الأموية سنة 60 من الهجرة، بعد أن سلم ولاية العهد لابنه يزيد.

 

 

 

 

المصادر:

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة.

الزركلي: الأعلام.

ابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة.

الذهبي: سير أعلام النبلاء.

ابن كثير: البداية والنهاية.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

موقع قصة الإسلام: ولاية العهد ليزيد بن معاوية.

موقع موضوع: أول ملك في الإسلام.

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات