كانت غزوة أحد بين المسلمين وقريش، يوم السبت 7 شوال سنة 3 من الهجرة. وقعت المعركة بعد عام واحد من غزوة بدر الكبرى، وهي الغزوة الثانية التي خاضها المسلمون. سميت بغزوة أحد نسبة إلى جبل أحد الذي يقع بالقرب من المدينة المنورة. كان النبي محمد هو قائد المسلمين في الغزوة، وأبو سفيان بن حرب قائد المشركين. وتعرض المسلمون لهزيمة كبيرة فيها.
سبب غزوة أحد
بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر، تعرضت قبيلة قريش للإهانة والإذلال وسط الحجاز بأكملها، واهتزت مكانتها بشكل كبير. وعلى الجانب الآخر زادت قوة المسلمين وهيمنتهم على طرق التجارة، ومن ثم أصبحوا تهديد كبير لتجارة قريش ورحلتي الشتاء والصيف إلى اليمن والشام. هذا بالإضافة إلى مقتل كبار قريش وزعمائها في بدر وعلى رأسهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة وأخيه وولده. اشتعلت نار الغضب ورغبة الانتقام في قلوب رجال ونساء قريش، وقرروا محاربة المسلمين والقضاء على قوتهم.
استعداد قريش للمعركة
بدأ رجال قريش في التحضير للقتال، فذهب عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان بن حرب، وطلبوا منه ربح تجارة قافلته، لتجهيز الجيش. وافق أبو سفيان وكان ربح تجارته 50 ألف دينار، وحشدت قريش المقاتلين وأرسلت للقبائل المجاورة كي ينضموا لهم في قتال رسول الله.
كان عدد جيش قريش في غزوة أحد 3 آلاف مقاتل، و200 فرس، و 700 درع، و3 آلاف من البعير. بالإضافة إلى 15 ناقة من أجل 15 امرأة ذهبن معهم للمعركة وعلى رأسهم هند بنت عتبة، وكان دورهن يقتصر على تشجيع الرجال على القتال بشجاعة. وكانت قيادة جيش قريش لأبي سفيان، وتولى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل قيادة الفرسان، وتسلم قيادة اللواء بني عبد الدار.
استعداد المسلمين للمعركة
كان العباس بن عبد المطلب يرسل أخبار قريش للنبي، فأخبره بنيتهم وذهابهم لقتاله. بدأ الصحابة في التجهيز والاستعداد، فتخصصت جماعة من الأنصار في حماية النبي وحراسته، وكان على رأسهم سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير. وقامت مجموعة أخرى بحراسة أسوار المدينة ومداخلها. وجعل المسلمين المدينة أمامهم وجبل أحد خلفهم، ووضع النبي 50 من الرماة على قمة عالية بقيادة عبد الله بن جبير، وأمرهم بالبقاء في أماكنهم وألا يغادروا الجبل إلا بأمرٍ منه. ثم قسم رسول الله الجيش إلى عدة أقسام، وتولى قيادة المقدمة.
أحداث معركة أحد
خرج جيش قريش ومروا بالأبواء، فاقترحت هند بنت عتبة أن يقوموا بنبش قبر أم النبي آمنة بنت وهب، لكن لم يوافق أحد. سار الجيش حتى عبر وادي العقيق شمال المدينة المنورة، ثم عسكروا في منطقة بطن السبخة.
أمر النبي الناس بالبقاء في المدينة حتى يدافعوا عنها إذا تعرضت للهجوم، وخرج بجيشه إلى أحد. وعندما التقى الجيشان نادى أبو سفيان في أهل يثرب وأخبرهم أنه لا يريد قتالهم، لكنه تعرض للسب والاستنكار من قريش وزوجته هند التي ردت على كلامه بقولها:
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق
وإن تدبروا نفارق
فراقاً غير وامق
كان جيش مكة يتكون من 3 ألوية، لواء مع سفيان بن عويف، ولواء مع طلحة بن أبي طلحة، ولواء مع رجل من الأحابيش من كنانة. أما المسلمون فسلم النبي الراية لمصعب بن عمير، وجعل الزبير بن العوام والمنذر بن عمير قائدان للأجنحة. ورفض النبي مشاركة زيد بن ثابت وأسامة بن زيد بسبب صغر سنهما.
مع بداية المعركة قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه طلحة حامل لواء قريش، ثم قتل سعد بن أبي وقاص من حمل اللواء بعده وكانه اسمه أبو أسعد. وظل المسلمون يقتلون كل من حمل لواء قريش، حتى رفعته امرأة تسمى عمرة بنت علقمة.
استطاع المسلمون أن يقتلوا بنبالهم خيل قريش، فبدأ جيش مكة بالانهيار وإلقاء دروعهم استعدادًا للهرب. وهنا اعتقد الرماة الذين وضعهم النبي على الجبل أنهم انتصروا، فصاحوا ” الغنيمة، الغنيمة”. نزل تقريبًا حوالي 40 رجلًا من الرماة من أعلى الجبل. في هذه الأثناء كان خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل ثابتين في مكانهما، فهجموا بشكل مرتد وتمكن جيش قريش من الوصول إلى الرسول.
إشاعة مقتل النبي في غزوة أحد
بعد نزول الرماة من على الجبل من أجل الغنائم، تفرق أصحاب النبي من حوله، ونجح رجال قريش في الوصول إليه. فوصل إليه عتبة بن أبي وقاص القرشي وكسر خوذته الشريفة على رأسه، ثم جرح عبد الله بن شهاب جبهة النبي، ثم كسر أنفه عبد الله بن قمئة.
رأى أبو دجانة الأنصاري ما حل بالنبي فانطلق إليه وحماه بنفسه وتلقى السهام في ظهره. ثم تتابع الصحابة في نجدة النبي مثل زياد بن السكن ومصعب بن عمير وخمسة آخرين من الأنصار، لكنهم استشهدوا جميعًا.
وعندما قتل عبد الله بن قمئة مصعب بن عمير، ظن أنه قتل رسول الله، وصرخ قائلًا “لقد قتلت محمدًا”. وانتشرت إشاعة مقتل النبي بين المسلمين، وكانت هذه الصرخة سببًا في تثبيط عزيمة المسلمين وهزيمتهم.
ونجح أبو طلحة الأنصاري وسعد بن أبي وقاص في صد هجوم المشركين على النبي ومنعوهم من صعود الجبل. ثم تهافت باقي الصحابة حول النبي صلى الله عليه وسلم.
سبب هزيمة المسلمين في غزوة أحد
السبب الرئيسي في هزيمة المسلمين هو مخالفتهم لأمر النبي، حيث أمرهم بالتزام مواقعهم على قمة الجبل، وألا يغادروه قبل أن يأذن لهم. لكنهم خالفوا أوامره، وطمعوا في الغنائم، ونزلوا للحصول عليها. لقد نسوا تمامًا أن دخولهم هذه الحرب من أجل الفوز بالجنة، وفتنتهم الدنيا بمتاعها. قال تعالى (حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا).
نتائج غزوة أحد
أخذت قريش بثأرها من المسلمين وقتلت 70 صحابيًا مقابل قتلاهم في غزوة بدر. وكان من بين المسلمين الذين استشهدوا في أحد 8 من المهاجرين على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله. وباقي شهداء أحد من الأنصار.
أصيب المسلمون بإحباط شديد وخيم عليهم الحزن، فأنزل الله الوحي بقوله ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وحزن النبي صلى الله عليه وسلم على استشهاد عمه حمزة وبكى بكاءً شديدً، خاصة لما أصابه من التمثيل بجثته. وقد ورد في بعض الروايات أن هند بنت عتبة مثلت بجثته وأخرجت كبده وحاولت مضغه، لكنها لفظته.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب، وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته، وانتحب حتى نشع من البكاء”.
وروي أنه كان رسول الله يعز حمزة، ويحبه أشد الحب، فلما رأى شناعة المثلة في جسمه تألم أشد الألم. وقال “لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت قط موقفاً أغيظ إليَّ من هذا”.
المصادر:
ابن كثير: البداية والنهاية.
ابن هشام: السيرة النبوية.
موقع موضوع: متى كانت غزوة أحد.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *