تعتبر حليمة السعدية أشهر مرضعات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهناك الكثيرون ممن يعتقدون أنها مرضعته الوحيدة. لكن هناك أيضًا مرضعات أخريات غيرها، نلنَّ هذا الشرف، بعد ولادة أشرف الخلق والمرسلين.
كم عدد مرضعات الرسول
كان عدد مرضعات النبي غير أمه آمنة بنت وهب ثلاث مرضعات. وإليك أسماء مرضعات الرسول:
آمنة بنت وهب.
ثويبة مولاة أبي لهب.
حليمة السعدية.
امرأة من بني سعد.
مرضعات الرسول بالترتيب
آمنة بنت وهب
آمنة بنت وهب هي والدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك من الطبيعي أن تكون أرضعته. وقد قيل أنها أرضعته 7 أيام فقط، ثم تولت مرضعات النبي الأمر. فقد كان من عادة شريفات العرب ألا يرضعن أبنائهن، ويأتين بمرضعات، وكانت السيدة آمنة من شريفات القوم. كما كان من العادة أيضًا في ذلك الوقت، أن يرسل العرب أولادهم ليتربوا في البادية. والسبب في ذلك حتى يتعلموا القوة والشجاعة وفصاحة اللسان.
نشأت السيدة آمنة بنت وهب أم الرسول، في عائلة عريقة النسب، فقد كانت ذات حسب ونسب مشرف. وشُهِد لها ولأسرتها بالعراقة والأدب والشرف. وعندما خطبها عبد الله بن عبد المطلب والد النبي، كانت أفضل فتاة في قريش. تزوجها، وظل عندها 3 أيام كعادة العرب. وخلال الثلاث أيام حملت السيدة آمنة بابنها محمد.
ثم توفي والد النبي في المدينة، وهو ابن 25 سنة، ودفن في دار النابغة. وكانت السيدة آمنة بنت وهب حامل شهرين في النبي. وقيل مات بعد ولادة النبي بأشهر. وظلت مدة حمله لدى قبيلتها، ثم ولدته في شعب أبي طالب، فجر يوم الاثنين 12 ربيع الأول من عام الفيل.
كانت السيدة آمنة تقول، أنها لم تشعر بأعراض الحمل التي تشعر بها النساء الحوامل، مثل الوحم والألم. وعندما ولدته كان رافعًا رأسه مستقبلًا القبلة، وقابضًا يديه مشيرًا بالسبابة كأنه يسبح بها. وأنها رأت عند ولادته نورًا يخرج منها أضاء قصور الشام.
وعندما كان النبي في عمر الست سنوات، خرجت به إلى يثرب لزيارة أخواله بني عدي بن النجار. وذهبت معهما خادمتها أم أيمن، مكثوا في يثرب شهر، وخلال عودتهم إلى مكة توفت السيدة آمنة بالأبواء. وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم، زار قبر أمه وبكى عليها حتى بكى من حوله.
ثويبة مولاة أبي لهب
كانت ثويبة مولاة أبي لهب أول من أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم. وأرضعته أيامًا قليلة، حتى وصلت حليمة السعدية. وللرسول أخوات من الرضاعة من جهة ثويبة كالتالي:
ابن ثويبة، اسمه مسروح، وهو الذي رضع النبي معه.
حمزة بن عبد المطلب، عم النبي وقد رضع منها قبله، فأصبح أخيه في الرضاعة.
أبو سلمة بن عبد الأسد، وقد رضع من ثويبة بعد النبي.
اختلف العلماء في إسلام ثويبة مرضعة النبي، لكن الراجح أنها لم تسلم، ولم يرد ما يدل على إسلامها. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، خلال وجوده بمكة يصلها ويكرمها. وكانت السيدة خديجة أيضًا تهتم بشأنها، حتى أنها حاولت شرائها من أبي لهب لكنه رفض.
وقيل أن أبا لهب أعتقها بعد الهجرة إلى المدينة، وظل النبي يرسل لها كسوتها، حتى ماتت سنة 7 من الهجرة بعد عودته من خيبر. أما ابنها مسروح فقد توفي قبلها.
حليمة السعدية
تعد السيدة حليمة السعدية أشهر مرضعات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وكانت من بني سعد من قبيلة هوازن، من بادية الحديبية. فقد كان من عادة العرب أن يرسلوا أولادهم إلى البادية من أجل إرضاعهم. وكانت نساء البادية من قبائل هوازن وبني ليث يذهبون إلى مكة، ليأخذنَّ الأطفال، ويفضلنَّ الطفل الذي لديه أب حي، كي يغدق عليهنَّ.
وتروي حليمة السعدية قصة ذهابها لمكة وأخذها للنبي وإرضاعه بنفسها. فذكرت أنها كانت فقيرة هي وزوجها، حتى أن ابنها الرضيع كان يبكي طول الليل من شدة جوعه، لأنه لا يجد حليب في ثدييها. وعندما وصلت إلى مكة، لم ترض أي واحدة من المرضعات بالنبي لعلمها أنه يتيم. فذهبت كل مرضعة بطفل إلا هي لم يتبقى لها شيء، فقالت لزوجها “والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه”. فقال لها “لا عليك أن تفعلى، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة”. قالت “فذهبت إليه وأخذته، وما حملنى على أخذه إلا أنى لم أجد غيره”. وكان للنبي أخ يرضع معه اسمه عبد الله، وله أختان أيضًا من الرضاعة ( أنيسة، الشيماء).
وبدأت بركة النبي صلى الله عليه وسلم، تحل عليهما:
فبعد أن وضعته في حجرها، امتلأ ثديها باللبن، فشرب حتى شبع، وشرب ابنها حتى شبع أيضًا.
وكان لديهما ناقة لا تأتي بما يشبعها وزوجها من اللبن، فقامت فحلبتها فشربت وارتوت، وشرب زوجها وارتوى. تقول “وبتنًا في خير ليلة”.
كما كان لديهما أغنام لا تشبع بسبب الجدب وعدم توفر المرعى. فلما عادت بالنبي أصبحت هذه الأغنام، تعود إليها وبطونها ممتلئة، وتحلب منها اللبن حتى يشبعوا جميعًا. رغم أن أغنام الآخرين لا يحلبوا قطرة لبن واحدة. حتى أن الناس كانوا يقولون لمن يرعون الغنم “ويلكم، اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب”.
تقول السيدة حليمة أن الله ظل ينزل عليها الخير طوال فترة رضاعة الرسول، وكان يكبر بشكل أفضل من رفاقه، فيكبر في يوم، ما يكبره غيره في شهر. وعندما أتمت رضاعته سنتين، ذهب به إلى أمه آمنه بنت وهب في مكة، رغم حبها له وعدم رغبتها في ذهابه عنها. فقالت للسيدة آمنة “لو تركت ابني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وباء مكة”، وظلت تقنعها حتى أعادته معها.
حادثة شق صدر الرسول
بعد عودة حليمة السعدية بالنبي من مكة، بشهرين تقريبًا، كان يلعب مع ابنها عبد الله خلف البيت. فذهب ابنها إليها مسرعًا، فقال لها ولوالده “أدركا أخي القرشي”، فأسرعا إلى النبي واحتضناه. تقول ثم سألناه ما بك، فقال “أَتَانِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا”.
حملته وعادت به إلى البيت، وقال لها زوجها “ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب، فلنرده إلى أهله”. ثم أخذا النبي وذهبا به إلى أمه في مكة، فتعجبت من أمرها، فقد كانا يصران عليه. فقالت لها السيدة حليمة “لا وَاللَّهِ إِنَّا كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا فِيهِ. ثُمَّ تَخَوَّفْتُ الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَكُونُ فِي أَهْلِهِ”. لكن السيدة آمنة لم تقتنع، وظلت ورائهما حتى أخبراها بالأمر وبكل ما حدث. فقالت لهما ” إن لابني هذا شأنًا، فلم أرى حمًلًا أخف منه، وقد رأيت نورًا يخرج مني حين وضعته”.
ظلت حليمة السعدية مرضعة النبي، تسأل عنه، حتى أنها جاءت إليه بعد زواجه من السيدة خديجة. وعندما اشتكت إليه من فقرها، جعل خديجة تكرمها، فأعطتها 40 شاة. وبعد بعثة النبي أسلمت هي وزوجها، وجاءت له يوم حنين، فبسط ردائه لها.
امرأة من بني سعد
كانت هذه المرأة إحدى مرضعات النبي، وكانت ترضع عمه حمزة. فكان حمزة بن عبد المطلب أخًا للنبي في الرضاعة من جهة ثويبة مولاة أبي لهب، ومن جهة هذه المرأة.
المصادر:
موقع إسلام ويب: مرضعات الرسول صلى الله عليه وسلم.
موقع موضوع: من هنَّ مرضعات الرسول.
ابن الأثير الجزري (1989)، أسد الغابة في معرفة الصحابة.
سيرة ابن هشام.
ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة.
الأعلام، للزركلي.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *