مروان بن الحكم هو الخليفة الرابع للدولة الأموية، ورغم أن فترة حكمه قصيرة لم تتجاوز سنة، لكنه يعد مؤسس الدولة الأموية الثانية. فعلى يديه انتقلت الخلافة من بيت أبي سفيان إلى بيت آل مروان، وظلت سلالته تحكم الدولة الأموية ثم الأندلس.

ولد مروان بن الحكم سنة 2 من الهجرة، وقيل سنة 4 من الهجرة في مكة المكرمة، وتوفي رسول الله وعمره 8 سنوات. لذلك اعتبره العلماء من صغار الصحابة، بينما اعتبره آخرون من كبار التابعين. وله حديث في صحيح البخاري عن صلح الحديبية.

 

نسب مروان بن الحكم

اسمه: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف.

كنيته: أبو عبد الملك أو أبو القاسم أو أبو الحَكَم.

أمه: آمنة بنت عَلقَمة بن صفوان الكِنانية.

زوجاته: عائشة بنت معاوية بن المغيرة، أم أبان بنت عثمان بن عفان، ليلى بنت زبان بن الأصبغ، وقطية بنت بشر بن عامر.

أبناؤه: عبد الملك، عبد العزيز، محمد، عبيد الله، بشر، أبان.

إخوته: الحارث بن الحكم،  ويحيى بن الحكم،  وعبيد الله بن الحكم .

 

مكانته وفضله

كان لمروان بن الحكم مكانة كبيرة بين سادات قريش، وكان عثمان بن عفان يعظمه ويكرمه. ويوم مقتل عثمان كان من المدافعين عنه وقتل بعض الخوارج. وفي موقعة الجمل كان على ميسرة الجيش، وكان علي بن أبي طالب يحبه، ولما انهزموا سأل عنه وخشى أن يكون قد قتل. ولما سألوا علي عن سر محبته له قال: إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد من شباب قريش.

كان مروان فقيهًا قارئًا لكتاب الله، شديدًا في حدود الله، لذلك ولاه معاوية بن أبي سفيان المدينة، وأقام الحج للناس سنين طويلة. وكان قاضيًا يتتبع أحكام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان الحسن والحسين يصليان خلفه.

كما كان جوادًا كريمًا، فقد ورد أنه أسلف علي بن الحسين 6 آلاف دينار، ولما حضرته الوفاة طلب من ابنه عبد الملك ألا يأخذها منه. وكان حكيمًا ذا عقل رشيد، ومما يدل على رجاحة عقله أنه خلال ولايته المدينة إذا وقعت مشكلة كان يجتمع بالصحابة ويأخذ رأيهم.

روى مروان أحاديث نبوية عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب. وروى عنه ابنه عبد الملك، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين.

 

وفاة معاوية بن يزيد واضطراب الوضع

بعد وفاة معاوية بن يزيد اضطربت أمور بني أمية، وكادت تذهب دولتهم. حيث أعلن عبد الله بن الزبير عن خلافته وبايعه أهل الحجاز وجاءه الناس من سائر الأقاليم. وحتى بلاد الشام نفسها مركز بني أمية انقسم رأيها،  فمال القيسيون بزعامة الضحاك بن قيس إلى ابن الزبير، أما اليمنيون بزعامة حسان بن مالك الكلبي فظلوا على ولائهم لبني أمية.

عندما توفى معاوية بن يزيد، كان مروان بن الحكم وأهله في المدينة المنورة، فأخرجه منها ابن الزبير. ولما وصل الشام وجد الأمر قد خرج عن السيطرة والوضع مضطرب، ففكر في العودة إلى المدينة ومبايعة ابن الزبير. لكن قبل أن يذهب وصل إليه عدد من كبار رجال الشام، ومنهم الحصين بن نمير السكوني الذي كان يحاصر ابن الزبير في مكة. وجاء إليه أيضًا عبيد الله بن زياد بن أبيه وكان في البصرة.

كان وصول الحصين وعبيد الله نقطة تحول كبيرة في مجرى الأحداث، ويعود لهما الفضل في بقاء الدولة الأموية. فحاولا الاثنين معًا حث بني أمية على النهوض مرة ثانية. وقال عبيد لله لمروان: “قد استحييت لك من ذلك، أنت كبير قريش وسيدها تمضي إلى أبي خبيب -يقصد ابن الزبير- فتبايعه. فقال مروان: ما فات شيء بعد”.

 

انقسام بني أمية

لم يكن الأمر سهلًا أبدًا، فحتى اليمنيين أتباع بني أمية انقسموا واختلفوا فيمن يتولى الخلافة بعد موت معاوية بن يزيد. فرأى فريق بزعامة حسان بن مالك الكلبي أن تؤول الخلافة إلى خالد بن معاوية بن يزيد. بينما رأى فريق آخر بقيادة روح بن زنباع الجذامى وعبيد الله بن زياد أن يتولى الخلافة مروان بن الحكم.

وبعد نقاشات واجتماعات وخلافات طويلة، انتصر فريق مروان بن الحكم. وكانت حجتهم أن خالد ما زال طفلًا صغيرًا، بينما ابن الزبير شيخًا كبير. وقالوا للفريق الآخر “لا والله لا تأتينا العرب بشيخ، ونأتيهم بصبي”.

اتفق الجميع على أن تكون الخلافة لمروان بن الحكم، ومن بعده خالد بن معاوية بن يزيد، ثم عمرو بن سعيد بن الأشدق. واتفقوا على الاجتماع في الجابية لتسوية كل المشاكل.

 

 سيطرة بني أمية على الشام

بعد أن تولى مروان بن الحكم الخلافة، وجد الشام مضطربة ومنقسمة. وقام الضحاك بن قيس المؤيد لابن الزبير بالذهاب إلى مرج راهط، وانضم إليه والي حمص النعمان بن بشير الأنصاري، وأمير قنسرين زفر بن الحارث الكلابي، واستعدوا جميعًا لمواجهة الأمويين.

ونجح مروان بن الحكم وأتباعه في الاستيلاء على دمشق وطرد عامل ابن الضحاك عليها. ثم جمع جيشًا من القبائل اليمينية  وانطلق إلى مرج راهط، وجعل على ميمنته عمرو بن سعيد، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد. ودارت معركة كبيرة بين الطرفين استمرت 20 يومًا وكان ذلك في نهاية 64 من الهجرة.

انتهت المعركة بانتصار الأمويين وسيطرتهم الكاملة على الشام، كما قُتِل أيضًا الضحك بن قيس وعددًا من أتباع عبد الله بن الزبير.

 

سيطرة مروان بن الحكم على مصر

بعد الشام توجه مروان إلى مصر لأخذها من والي عبد الله بن الزبير، وكان يدعى عبد الرحمن بن جحدم. ولما علم الوالي بقدوم جيش الشام حفر خندقًا حول الفسطاط، لكن مروان نزل في عين شمس، فاضطر ابن جحدم الخروج لقتاله. وبعد فترة من الحرب قررا التصالح على دخول مروان مصر بشرط بقاء ابن جحدم واليًا عليها.

ودخل مروان مصر في جمادى الأول سنة 65 من الهجرة، ثم عزل ابن جحدم وفتح خزانته، وقدم الأعطيات للناس فبايعوه. جعل مروان على مصر ابنه عبد العزيز، وبعد أن استقر الأمر فيها خلال شهرين عاد إلى الشام.

 

وفاة مروان بن الحكم

بينما كان مروان ينوي انتزاع العراق من يد عبد الله بن الزبير، وأعطى المهمة لعبيد الله بن زياد، توفي في دمشق في شهر رمضان سنة 65 من الهجرة. وكان عمره 63 سنة، وصلى عليه ابنه عبد الملك، ودفنه بين باب الجابية وباب الصغير.

 

 

 

المصادر:

ابن عساكر: تاريخ دمشق.

ابن سعد: الطبقات الكبرى.

موقع قصة الإسلام: استخلاف مروان بن الحكم.

ابن كثير: البداية والنهاية.

 

الوسوم :

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مشابهة

عرض جميع المقالات