كانت معركة أجنادين أحد معارك فتوحات الشام في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وتعد المعركة الكبرى الأولى من سلسلة المعارك التي تجمع فيها الجيش الإسلامي، ضد الجيش البيزنطي، في بلاد الشام. وقد حققوا نصرًا عظيمًا، وانطلق المسلمون بقيادة سيف الله المسلول، في فتح مدينة وراء أخرى، وإلحاق الهزائم بالروم.
متى وقعت معركة أجنادين؟
وقعت المعركة في جمادى الأول سنة 13 من الهجرة، بمنطقة أجنادين بالقرب من الرملة بفلسطين، بقيادة خالد بن الوليد. وكان عدد المسلمين في معركة أجنادين 33 ألف مقاتل. بينما وصل عدد الجيش البيزنطي إلى 100 ألف مقاتل.
سبب معركة أجنادين
كان أبو بكر الصديق قد أرسل خالد بن سعيد بن العاص بجيش إلى تيماء، وهي بلدة بين أطراف الشام ووادي القرى. وأمره ألا يترك البلدة، وألا يقاتل إلا من يبادر إليه بالقتال. لكن لما وصل الخبر إلى ملك الروم هرقل، جهز جيشَا مكونًا من العرب التابعين له، وهاجمه.
وعلى الرغم أن أبا بكر قد أوصى خالد ألا يقاتل قبل وصول عكرمة بن أبي جهل بالمدد، لكنه اضطر للاشتباك. استدرجه قائد الروم إلى مرج الصفر، ونجح في هزيمته، فاضطر للهرب، وسحب عكرمة باقي الجيش إلى حدود الشام.
فدعا أبو بكر الصديق بالنفير إلى الجهاد، فجاءه المسلمون من كل مكان، ووصل إليه أعداد هائلة من اليمن. ثم عقد أبو بكر أربعة ألوية، كل لواء عليه أمير، ثم أمرهم أن يسلكوا طرقًا متفرقة.
انطلاق الجيوش الأربعة إلى الشام
جيش يزيد من أبي سفيان: وكانت مهمته فتح دمشق، وتقديم المساعدة إلى باقي الجيوش عند الضرورة. وكان أول الجيوش التي وصلت إلى الشام، بعدد 3 آلاف مقاتل، ثم أرسل إليه أبو بكر المدد، فصار معه 7 آلاف رجل. وخرج هذا الجيش في 23 رجب سنة 12 من الهجرة.
جيش شرحبيل بن حسنة: كان مكونًا من 3 آلاف أو 4 آلاف مقاتل، وكان طريقه إلى تبوك والبلقاء ثم بصرى. صار شرحبيل بالجيش ولم يجد أي مقاومة في طريقه، وتوغل في البلقاء حتى وصل بصرى، لكنها كانت محصنة فلم يستطع فتحها.
جيش أبي عبيدة بن الجراح: كان مكونًا أيضًا من حوالي 4 آلاف رجلًا، وكان طريقه إلى حمص. خرج من المدينة وعبر وادي القرى إلى الجابية. وكان معه قيس بن هبيرة بن مسعود المرادي، وهو أحد أشهر فرسان العرب.
جيش عمرو بن العاص: وكانت جهته إلى فلسطين، ومكونًا من 7 آلاف مقاتل تقريبًا. أرسل عمرو بن العاص في اتجاه الروم قوة استطلاعية من 1000 مقاتل بقيادة عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقاتلوهم وانتصروا عليهم. كما أسروا بعض الجنود، فعلم منهم عمرو بن العاص بخطة الروم للهجوم عليهم، فصدهم. ثم شنَّ هجوم مضاد عليهم، فقتل الآلاف منهم وهربوا من أرض المعركة.
الاستعداد للمعركة
كان عدد المسلمين في الجيوش الأربعة لا يتخطى 24 ألفًا، ولما رأوا قوات الروم الضخمة، استغاثوا بأبي بكر الصديق. أرسل إليهم أبو بكر امدادات جديدة، ثم أرسل لخالد بن الوليد أن يلحق بهم، بعد انتصاراته في العراق. وكان اختيار أبو بكر لخالد تحديدًا، حتى يبث الشجاعة والحماسة في قلوب الجنود بالشام، ويعيد الثقة لنفوسهم. وقد ورد أنه رضي الله عنه قال ” والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”.
أرسل أبو بكر لخالد بأن يلتحق بنصف قواته بأبي عبيدة بن الجراح في الشام، وأن يتسلم القيادة العامة للجيوش. وكتب لعبيدة “فإني قد وليت خالدًا قتال الروم بالشام، فلا تخالفه، واسمع له وأطع أمره، فإني قد وليته عليك، وأنا أعلم أنك خير منه، ولكن ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، أراد الله بنا وبك سبل الرشاد والسلام عليك ورحمة الله”.
خرج خالد من العراق وقصد الشام في 8 صفر سنة 13 من الهجرة. واجتاز 1000 كيلو برفقة 9 آلاف جندي، في قلب الصحراء، وقطعها خلال 18 يومًا وقيل 5 أيام، ونزل على الباب الشرقي لدمشق. ثم ذهب إلى أبي عبيدة بالجابية، وانطلقا معًا إلى بصرى.
ثم تجمعت الجيوش كلها تحت أمرة خالد، وحاصروا بصرى، حتى استسلم حاكمها وطلب الصلح ودفع الجزية. وبذلك كانت بصرى أول مدينة فتحها المسلمون بالشام في 25 ربيع الأول سنة 13 من الهجرة.
معركة أجنادين
تجمعت الجيوش الإسلامية بأجنادين، التي تبعد حوالي 39 كيلو متر عن الرملة. وقسم خالد الجيش إلى عدة أقسام، كالتالي:
الميمنة، وجعل عليها معاذ بن جبل.
الميسرة، وجعل عليها سعيد بن عامر.
القلب للمشاة، وجعل عليهم عبيدة بن الجراح.
وجعل على الخيل سعيد بن زيد، ثم أخذ يمر بين صفوف الجيش، ويخطب فيهم، حتى يلهب حماستهم ويزيد ثقتهم في قوتهم العسكرية وإيمانهم. ثم جعل النساء خلف الجيش، يبتهلن إلى الله، ويحمسنَّ الجنود.
وكان عمرو بن العاص قد انسحب على طول ضفة نهر الأردن، ليلتحق بالجيوش الأخرى. وقرر خالد بن الوليد الالتحاق بجيش عمرو، للقضاء على قوة الروم، وحماية خط الرجوع، وتثبيت وجود المسلمين في فلسطين. انسحب خالد من اليرموك إلى سهل فلسطين، وأمر عمرو بن العاص باستدراج جيش الروم حتى يصل إليه، فيكونوا قد وقعوا في كمين بينهما.
وصل عمرو إلى أجنادين، ثم وصله خالد بجيشه في الوقت المناسب، فصارت قوة المسلمين 30 ألفًا. اصطدم عمرو بقوات الروم، ثم انقض عليهم خالد بجيشه الكبير، وجرت بينهم معركة عنيفة. لعب خالد بن الوليد وعمرو بن العاص دورًا مهمًا، وأظهرا مدى مهارتهما كقائدين عسكريين، فاقتحموا قوات الروم، ووصلوا للقائد وقتلوه. ثم تفرقت القوات الرومية في جهات مختلفة، وانتصر المسلمون في أجنادين.
عدد شهداء معركة أجنادين
ذكرت بعض المصادر أن شهداء المسلمين في أجنادين لم يتجاوز 500 شهيد. بينما قُتِل آلاف من الروم. وبعد انتهاء المعركة أرسل خالد بن الوليد إلى أبي بكر وبشره بالنصر، وقال في رسالته “أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق إنا التقينا نحن والمشركين، وقد جمعوا لنا جموعًا جمة كثيرة بأجنادين، وقد رفعوا صلبهم، ونشروا كتبهم.. فخرجنا إليهم واثقين بالله متوكلين على الله.. فأحمد الله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنيع لأوليائه”. فرح أبو بكر وقال “الحمد لله الذي نصر المسلمين، وأقر عيني بذلك”.
وبعد الانتصار العظيم في أجنادين، كانت معركة اليرموك من أكبر المعارك بين المسلمين والبيزنطيين. فكان عدد المسلمين حوالي 45 ألف، بينما عدد الروم 240 ألف حسب بعض المصادر. وعلى الرغم من سيطرة الروم في بداية الأمر وهجومهم الشديد على المسلمين، حتى أن بعض الجنود فروا من أرض المعركة، إلا أنهم عادوا بثبات مرة ثانية.
واستطاع المسلمون قتل عدد كبير من قوات الروم وصل إلى 120 ألف، منهم 80 ألفًا قتلوا بالسلاسل، و40 ألفًا سقطوا في الوادي. واستشهد من المسلمين في معركة اليرموك، 3 آلاف شهيد، منهم: عكرمة بن أبي جهل وابنه، أبان بن سعيد، عمرو بن سعيد، وسلمة بن هشام.
المصادر:
ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك.
بن كثير: البداية والنهاية.
موقع قصة الإسلام: معركة أجنادين.
موقع موضوع: أين وقعت معركة أجنادين.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *