أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وعماته كانوا كُثُر، فمنهم من أسلم، ومنهم من مات على كفره، ومنهم من مات دون أن يدرك بعثة النبي. ومثلما كان لرسول الله أعمام داعمين له في وجه الكفار مثل عمه أبو طالب، كان هناك من حاربه منهم وهو أبو لهب.
كم عدد أعمام الرسول
كان للرسول صلى الله عليه وسلم، أحد عشر عمًا. سبعة منهم لم يدركوا بعثته، وأدركها أربعة، فأسلم اثنين فقط، واثنين ماتوا على كفرهم. وذكر ابن هشام في سيرته أن أعمام النبي تسعة فقط (العباس، أبو طالب، حمزة، الزبير، أبو لهب، الحارث، ضرار، حَجْلاً، المقوِّم).
من أسلم من أعمام الرسول؟
أسلم من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، اثنان فقط: حمزة والعباس. وكان حمزة بن عبد المطلب أول من أسلم من أعمام رسول الله، وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة. وأسلم العباس رضي الله عنه، قبل فتح مكة بقليل.
حمزة
تربى سيدنا حمزة رضي الله عنه، في بيت والده عبد المطلب برفقة ابن أخيه النبي محمد بن الله، فنشأت بينهما علاقة وطيدة. وكان معروفًا بشجاعته في الجاهلية، فشارك في حرب الفجار، وتعلم الفروسية وأمور الحرب مبكرًا.
بعد بعثة النبي، ظل سيدنا حمزة يراقب الوضع، ويشاهد ثبات النبي وتفانيه في سبيل دعوته. وكان رضي الله عنه يعرف النبي جيدًا وشاهدًا على طفولته وشبابه، ولم يجد شائبة عليه. وكان حمزة يتمتع بقوة الجسد ورجاحة العقل، وذات يوم أزال الله الستار عن عينيه ودخل دين الحق.
اختلف العلماء في العام الذي أسلم فيه حمزة، فقيل في السنة الثانية من البعثة، وقيل سنة 6 بعد البعثة. فقد ورد أن أبا جهل اعترض طريق النبي عند جبل الصفا وشتمه ونال منه، لكن النبي انصرف ولم يرد عليه. كانت مولاة عبد الله بن جدعان شاهدة على ما حدث، وعندما رأت حمزة عائدًا من صيده وحاملًا قوسه، أخبرته بما تعرض له ابن أخيه.
غضب سيدنا حمزة غضبًا شديدًا ومر على سادات قريش دون إلقاء السلام. ثم ذهب إلى الكعبة وطاف بها، ووجد أبا جهل وسط القوم فضربه بقوسه وشجَّ رأسه، وقال له “تضربه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرد ذلك عليَّ إن استطعت”.
أعلن حمزة بن عبد المطلب إسلامه وتحدى أبطال قريش على رأسهم عمر بن الخطاب، فقويت شوكة المسلمين. وعلمت قريش أن محمد قد عزَّ، وأن حمزة سيمنعه، فتوقفوا عما كانوا يفعلون له من سوء.
شارك حمزة في غزوة بدر وكان أول من بدأ بالقتال. وفي غزوة أحد كان يقاتل بسيفين، فقتل 31 كافرًا قبل استشهاده. ثم قتله الوحشي، عبد جبير بن مطعم، وكان ذلك سنة 3 من الهجرة، وعمره 57 سنة وقيل 59 سنة.
العباس
ولد العباس عم الرسول قبل عام الفيل بثلاث سنوات. فقد سئل العباس يومًا أنت أكبر أم النبي؟ فقال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله. وكان رضي الله عنه سيدًا من سادات قريش، يتولى السقاية وعمارة المسجد الحرام في الجاهلية.
اختلف العلماء في العام الذي أسلم فيه، فهناك من قال أنه حضر مع النبي بيعة العقبة ليشدد من أزره لكنه لم يكن مسلمًا. وهناك من قال أنه أسلم قبل غزوة بدر، وكان يرسل أخبار قريش للنبي، لكنه كتم إسلامه وشارك مع قريش في الغزوة مكرهًا. وقيل أيضًا بينما كان العباس في طريقه إلى النبي سنة 8 من الهجرة، كان النبي في طريقه إلى مكة لفتحها، فشهد معه الفتح.
كان العباس رضي الله عنه، يحظى بمكانة عظيمة عند النبي والصحابة، فكان يلقب بسيد الأعمام. فعن عائشة رضي الله عنها قالت “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجل أحدًا ما يجل العباس، أو يكرم العباس”. وكان أيضًا من رواة الحديث عن رسول الله.
أصيب بالعمى في آخر حياته، وتوفى في 12 رجب سنة 32 من الهجرة في المدينة المنورة، وعمره 88 سنة. وحضر جنازته حشد كبير من الناس، وتنافسوا على حمله ودفنه، فاضطر خليفة المسلمين عثمان بن عفان الاستعانة بالشرطة، كي يفرق الناس. وغسَّله علي بن أبي طالب وأبناؤه : عبد الله، قثم، وعبيد الله. وصلى عليه الصحابة، ودفنوه في بقيع الغرقد.
أعمام النبي الذين لم يدركوا البعثة
ضرار: ذكر بعض العلماء أنه كان أكبر من العباس بسبع سنوات، مات قبل البعثة، ولم يتزوج أو يترك ولد.
قثم: مات صغيرًا، وذكر البعض أنه ليس له وجود من الأساس.
الزبير: شارك في حرب الفجار، ومات قبل بعثة النبي وكان يحبه. ومن أولاده عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب صحابي رسول الله.
الحارث: وهو أكبر أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومات قبل البعثة.
الغيداق: توفي قبل الإسلام، واسمه نوفل أو مصعب. لقب بالغيداق لكثرة جوده وكرمه.
حجل: وقيل اسمه المغيرة، وتوفي قبل البعثة.
المقوم: وكان شقيق حمزة، وتوقي قبل البعثة.
عبد الكعبة: مات قبل البعثة، ولم يترك خلفه ولد.
أعمام النبي الذين لم يسلموا وناصروه
أبو طالب بن عبد المطلب
ولد أبو طالب في مكة المكرمة قبل ولادة النبي بخمسة وثلاثين عامًا. تزوج من ابنة عمه فاطمة بنت أسد، وأنجب منها: طالب، عقيل، علي، جعفر، أم هانئ، وجمانة. وهو الذي تكفل بتربية ابن أخيه اليتيم محمد بن عبد الله، بعد وفاة جده عبد المطلب، وكان عمره ثمان سنوات.
كان أبو طالب يحب النبي حبًا جمًا ويفضله على أولاده، ولا ينام إلا جنبه. وكان يأخذه معه في أسفاره، فأخذه إلى الشام وهو في عمر الثانية عشرة. وهناك رآه راهبًا وعلم بنوبته، وقال لعمه “ارجع به إلى بلده واحذر عليه يهود فو الله لئن رأوه هنا ليبلغنّه شرًا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم”، فانطلق أبو طالب وعاد به إلى مكة.
ظل أبو طالب يدعم ابن أخيه ويسانده، فهو من زوجه بخديجة رضي الله عنها. فذهب وخطبها من عمها عمرو بن أسد، وقيل خطبها من ورقة بن نوفل. وعندما نزل الوحي على رسول الله، كان علي بن أبي طالب أول من آمن به من الصبيان.
كان أبو طالب درعًا حاميًا لرسول الله، يقف في وجه كفار قريش ويمنعهم من إيذائه. فعندما ذهب زعماء مكة إليه، ليكف ابن أخيه عنهم وعن ألهتهم، قال له النبي “يَا عَمُّ، وَاَللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ، أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، مَا تَرَكْتُهُ”. ثم بكى رسول الله، فقال له أبو طالب “اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدًا”.
ورغم ذلك مات أبو طالب على كفره ولم يدخل الإسلام، وتوفي في السنة العاشرة من البعثة بعد فك الحصار. ثم توفيت السيدة خديجة بعده بأيام، وسمي عام وفاتهما بعام الحزن، لشدة حزن النبي صلى الله عليه وسلم، عليهما.
أعمام الرسول الذين عادوه ولم يسلموا
أبو لهب
اسمه عبد العزى، أُطلِق عليه أبو لهب لجماله واحمرار وجنتيه. وكان عم النبي الوحيد الذي عاداه وأذاه، فعندما جمع الناس في البطحاء ليخبرهم نبوته، قال له “ألهذا جمعتنا، تبًا لك”. وفيه وفي زوجته نزلت سورة المسد، قال تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ).
كانت زوجته تسمى أروى بنت حرب بن أمية، وكنيتها أم جميل. ولما علمت بنزول القرآن فيها، أخذت حجرًا وذهبت لتضرب رسول الله، فأعماها الله سبحانه وتعالى.
المصادر:
مختصر الجامع في السيرة النبوية، سميرة زايد، ج1، ص195-208، المطبعة العلمية، ط 1995.
خير الدين بن محمود بن، الزركلي (2002)، الأعلام (الطبعة الخامسة عشرة)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 42، جزء 3.
عبد الرحمن السهيلي (1412)، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 437-438، جزء 1.
أبو بكر الدواداري (1981)، كنز الدرر وجامع الغرر، مصر: عيسى البابي الحلبي، صفحة 133-134، جزء 3.
موقع موضوع ” أكبر أعمام النبي”.
موقع إسلام ويب “أعمام وعمات النبي صلى الله عليه وسلم”.
التعليقات
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!
اترك تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *